الرئيسية / الكاظمي: الاستقرار والتعاون بمنطقتنا أهداف استراتيجية ستؤطر المرحلة المقبلة

الكاظمي: الاستقرار والتعاون بمنطقتنا أهداف استراتيجية ستؤطر المرحلة المقبلة

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بغداد – واع

أكد رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، اليوم السبت، وجود بوادر ايجابية تلوح في المنطقة نحو الشروع في التخفيف من الأزمات، وفيما أشار الى أن العراق خاض تجارب مريرة طالت انعكاساتها على دول المنطقة، بين أن معافاة عراقنا إنما هي اسهامٌ في معافاة عالمنا العربي واستنهاضه.

وقال الكاظمي في مقالة تلقتها وكالة الأنباء العراقية (واع): إنه "لا بد من التأكيد ابتداءً أن استعادة الثقة في ما بين دول الشرق الاوسط كأساس، وبينها من جهة ثانية ودول العالم ليست بالمهمة اليسيرة. وهي لم تبدُ الآن بهذا الاستعصاء لولا التعقيدات التي أحاطت بها ، وما رافق مسيرة تطورها من تفاوتٍ وتباينٍ وشكوكٍ وانقسامات" .

وأضاف أن "الاعتراف بهذا الواقع وتعقيداته، وخارطة المصالح ومضارباتها السياسية التي تعتمد وسائل وأدوات ليس من شأنها إطفاء بؤر التوتر والأزمات ، ولا تأخذ بالاعتبار مصالح الغير أو حريته في اختيار طريق البناء والتطور المستقل، يشكل إطاراً إيجابياً لمدّ جسور الثقة وبناء قاعدة للتفاهم واحترام إرادة كل الأطراف ومصالحها الوطنية" .

وأشار الى أن "مثل التفاهم، والتفهم للمصالح ، لا يعني عدم الإقرار بالتباين بل والاختلاف والتعدد في الآراء والأفكار والتوجهات وهو ما يجسد بالضرورة استراتيجيات الدول في إدارة علاقاتها ومنطق تعاملها مع الأزمات الناشئة ، وخصوصاً حين تتشابك المصالح وتتعدد وسائل بناء تفاهماتٍ تحترم ارادة الآخر وخصوصياته ومصالحه الوطنية"، مؤكداً أن "الأهم من ذلك أن تؤدي الى بناء خيارات ارساء أسس العلاقات السلمية واعتماد قوى الدبلوماسية الناعمة وتجنب كل ما من شأنه تحويل الأزمات الناشئة أو الطارئة الى حالة مواجهة وافتراق" .

وتابع: أنه "من المؤسف أن الصراعات التي اتخذت أبعاداً على الضد من هذه التوجهات الايجابية واتسمت بالنزوع نحو المجابهة والتحديات التي بلغت أحياناً حافة الانفلات ، أدت الى إدامة التوترات بين دول المنطقة وشكلت بذلك مناخاً لتشجيع التدخل في الشؤون الداخلية وتحويل العامل الخارجي الى عنصر توتيرٍ وتشديدٍ للأزمات التي أحاطت بمنطقتنا ، وأنهكت بلداننا بالبحث عن السبل الكفيلة بالخروج منها"، مضيفاً: "وهو ما أدى الى تعطيل مسارات إيجاد الحلول الكفيلة بتحقيق تطلعات شعوبنا وتأمين ما تراه ضرورياً للارتقاء بأحوالها الحياتية وبث روح التفاؤل والثقة بمستقبلها".

ولفت الى أن "بوادر ايجابية تلوح في منطقتنا وتحرك إرادات قياداتها السياسية نحو الشروع في التخفيف من الأزمات التي عصفت بها وبذل كل جهدٍ متضافر لتصفيرها. وهو ما يتطلب منا تغليب المشتركات التي تجمع شعوبنا باستعادة العمق التاريخي وما عكسه من تفاعلٍ كان في أساس إنتاج قيمٍ اخلاقيةٍ وارثٍ علمي وفلسفي ومعارف في اللغة والثقافة والفنون والفلك أغنت الوجود البشري وأمدت الحضارة الإنسانية بما مكنها من الوثوب نحو ضفاف عصر النهضة والأنوار في أوربا بعد أن انتزعت نفسها من عصورها الظلامية "، مؤكداً أنها "جعلت من التنوع والتعدد الثقافي والديني عناصر لحاضنة إنسانية جامعة أثْرَتْ خصوصيتها وبلورت هويتها" .

ومضى بالقول: "ليس لشعوب منطقتنا لوحدها إن مثل هذا الفهم للحالة التي تتحرك فيها منطقتنا والتحديات التي تواجهها تتطلب منا توافقاً لتحديد توصيفٍ واضحٍ ودقيقٍ لمفهوم كل من العدو والصديق والجار وتحديد ما نعنيه بالمصير المشترك لشعوبنا وبلداننا وما يتطلبه ذلك من تضافر الجهود ومن ارادة العمل وادواته".

وتابع: "لقد خاض العراق شعباً ودولة تجارب مريرة لم تقتصر في انعكاسها السلبي علينا فحسب ، بل أنها طالت دول المنطقة وأدت الى ارتدادات إقليمية ودولية لا تقل خطورة في تداعياتها وتعقيداتها عن تعقيد المشهد العراقي"، مبيناً أن "شعبنا العراقي يدرك من وحي تجاربه التاريخية أن أي خللٍ تتعرض له المنطقة ، سواء في توازناتها، أو علاقاتها البينية، كالذي كان في أساس تغييب ثقل العراق بكل ما كان يشكله ، في السنوات المنصرمة على وجه الخصوص أدى دون شك الى تصدعاتٍ عميقة في المشهد العربي والاقليمي ليس بمعزل ، بل بالتزامن مع ما تعرض له الوضع الداخلي في العراق من أزماتٍ ومواجهاتٍ انحدرت به الى حافة التدهور" . 

وبين رئيس الوزراء، أنه "لم يعد ممكناً التعايش مع مثل تلك الازمات وهو ما دفع شعبنا العراقي لتحميلنا مسؤولية جسيمة بتضميد مكامن جرحنا الوطني، للحيلولة دون تقيحه واستعصاء معالجته واستفحاله، ونحن اذ نسعى لذلك ندرك أن معافاة عراقنا إنما هي اسهامٌ في معافاة عالمنا العربي واستنهاضه. وتلك هي مسؤوليتنا الوطنية والقومية المشتركة" . 

وأشار الى أن "من بين أسباب معافاتنا على كل الصعد والميادين ، تضافر جهودنا لمواجهة عدونا المشترك بعد توصيفه والتصدي له بكل الوسائل الكفيلة باجتثاث جذوره وحواضنه في بلداننا وفي المنطقة بأسرها "، مؤكداً أنه "بات واضحاً أن عدونا المشترك إنما هو الارهاب بأوجهه وواجهاته المختلفة ، وبمنهجه التكفيري ونزعاته المنحرفة" . 

وتابع: "إنهم خوارج العصر الذين يعتاشون على الكراهية والضغينة ورفض الآخر، يزيفون التراث والسنة النبوية ويقتطعون الآيات البينات من كتاب الله القرآن وتوظيفها لمآربهم الضالة المسيئة لقيم الدين الاسلامي السمح، وهم يسخرون كل الاساليب المضللة لنفي كل مظهرٍ للتسامح والعيش المشترك التي تكرست في وجدان شعوبنا عبر آلاف السنين من اواصر المحبة والتعاون والاحترام المتبادل بين مكونات شعوبنا التي تكرست في اطار تنوعها وتعددها ووحدتها وشاعت بينها المثل والقيم الانسانية 

واغتنى بها تراث ثقافتها الاصيلة" .

ولفت الى: "اننا نتطلع لاشاعة قيم التلاقي والتسامح وحسن النية في ما بيننا كشعوب واممٍ ، اشقاء وجيران واصدقاء"، منوها بأن "مثل هذا التلاحم من شأنه صياغة فهمٍ للعالم وهو يتحرك بوتائر متسارعة في رحاب التطور والتقدم بحيث يجعلنا اقرب الى ادراك ما يثير فينا القلق مما يحيط بنا من اسباب التخلف في ذيل الامم وسُلَم الحضارة الانسانية ، وهو قلقٌ اذ يُظهر البون الشاسع الذي يجعلنا في ذيل الشعوب الصاعدة في رحاب الحضارة ، يبين بوضوح حجم التحديات التي تواجهنا وعجز كل دولة من دول المنطقة بمفردها عن التصدي لها" .

وأوضح أن"جائحة كورونا جاءت كإنذار غير مسبوق لتأكيد عجز العالم باسره رغم تطور العلوم والتكنلوجيا من ابعاد شبح مخاطرها المميتة دون اجتماع ارادتها سبيلاً لقهرها مع استمرار الشكوك بتمكنها من تصفية الوباء كلياً ".

وتساءل قائلا: "فكيف حالنا نحن في منطقتنا ونحن في حالة من غياب الارادة المشتركة التي تجمعنا وتعاني بلداننا من شتى الاوبئة وتفتقر الى الوسائل والامكانيات الضرورية للتصدي لها ؟.هل من سبيلٍ لليقظة وتدارك المخاطر التي تستلزم منا استنهاض مصادر القوة الكامنة في ارادة وعزائم شعوبنا التي لم تتخلف عن التضحيات الجسيمة دفاعاً عن تطلعاتها وامانيها وقيمها ومستقبلها؟ .هل حان الوقت لنؤكد بصوت مسموع اننا نستحق كشعوب عربية ان نستذكر معاً مشتركاتنا واصولنا وان ندعم بعضنا البعض للنهوض لمواجهة تحديات الغد التي قد لا ترد اليوم في حساباتنا؟.هل آن الأوان لنا كشعوب تحمل بعداً انسانياً ثرياً ان نحكّم قيمنا الاصيلة وارثنا الديني والثقافي الممتد الزاخر بالحكمة ورصيد التجربة التاريخية لنتلاحم من اجل خلق حالة من النهوض الحضاري المشترك بما يليق بمساهمتنا في اغناء الحضارة الانسانية؟. الم يصبح لزاماً علينا التفاعل مع جيراننا من الامم الاخرى والتحاور معهم بصريح العبارة عن مخاوفنا ونستمع منهم بصراحة ايضاً عن المخاوف والهواجس التي تراودهم؟".

ومضى بالقول: "تلك هي بعض التساؤلات التي تضغط علينا ونحن نتابع شبابنا على امتداد منطقتنا وهم يتسابقون في توسيع التواصل مع بعضهم ومع العالم ليلتحقوا بالاجيال التي سبقتهم لعلهم يختزلون المسافة التي جعلتهم في اعقابها. وهم يجتهدون لاستيعاب كنوز المعرفة والعلوم والثقافة والتشبع بالقيم الانسانية منطلقين من مبادئ العيش والقبول بالآخر اننا كعراقيين نستلهم قيمنا الاصيلة ونحن نتمثل افكار وتطلعات شبابنا المحفزة" . 

وأوضح أنها "من وجهة نظرنا ، لحظة تاريخية فارقة نتفحص فيها حقيقتين اساسيتين : أولهما أن لا طريق لنا نحو المستقبل في منطقة الشرق الاوسط دون أن نتكاتف جميعاً لحفظ كرامة شعوبنا وحق اجيالنا القادمة بالحياة الكريمة التي تليق بنا ، وثانيهما أن ذلك لن يتم إلا باستعادة توازنات المنطقة التي يشكل العراق ركناً اساسياً فيها"، مضيفا: "كما تشكل الدول الشقيقة والجارة والصديقة اركاناً يتشكل بها مجتمعة بيتنا المشترك".

واشار رئيس الوزراء الى ان "الاستقرار والسلم والتعاون والنمو والامن المشترك في منطقتنا هي اهداف استراتيجية ستؤطر المرحلة المقبلة ليس بوصفها تصورات وقراءات معزولة ، بل لكونها تعبيراً عن ضرورة مصيرية، كلمة السر فيها هي "استعادة الثقة"".


26-06-2021, 07:00
المصدر: https://www.ina.iq/128884--.html
العودة للخلف