أقبلنا على موعد الانتخابات التشريعية بالعراق، الذي حدد في العاشر من تشرين الأول 2021، ولم يعد يفصلنا عنه سوى ثلاثة شهور تقريبا، وبالمقابل اشتدت حروب التنابز والتشهير والتسقيط، بين القوى الحزبية والشخصيات السياسية بتوظيف جمهور الشباب يمارسون سلوكيات منحرفة، وحيال ذلك، فما الذي ينبغي أن نشخصه بشأن ما سيصيب المجتمع؟.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
العراق مقبل على خوض التجربة الخامسة للانتخابات التشريعية، وسط جدل يعترض مسيرته بتحديات جمة، منها خارجية ضمن صراع الأقوياء للسيطرة على الفاعلين المؤثرين بالوضع العراقي، وكذلك داخلية بتشعبات، سياسية وأمنية واجتماعية تتعلق بالفقر والتشظي الاجتماعي، ونزاعات لقوى سياسية ومكوناتية شتى، تعيدنا الى مرارة أول تجربة انتخابية في 2006، وتلتها تجارب أخرى، ولكل تجربة منها سمات تميزها عن الأخرى، باستثناء الثابت المشترك المكرر، المتمثل بالفوضى والتزوير والتسقيط واستغلال المال السياسي الفاسد في تلويث الوضع العام بالبلد، وتعكير صفو التجارب الانتخابية وسلوك الناس، وصولا الى ما نحن فيه من صراع، يمهد لخوض تجربة الانتخابات المقبلة، التي تبدو ملامحها إن جرت فعلا في 10 تشرين الأول 2021، من دون تأجيل، على أنها مرحلة متطورة في ممارسة سلوكيات القذف والتشهير والتسقيط ضد الآخر، والذي يخرج الحالة السلبية من أجوائها السياسية ونسجها على أجواء المجتمع، بقدرات القوى الحزبية التي تسلحت بثقافة الدعاية الانتخابية على أنها تلويث وتشويه صورة الخصم بشتى الطرق، وصرف مبالغ بموازنات ضخمة تؤمنها، لمواجهة استحقاقات وظروف برامج الحملات هذه، عبر آلية شراء ذمم الشباب والفاعلين المهاريين في إدارة رؤى بعض المجتمعات باتجاهات تنسجم ورغبة قائد الحملة الانتخابية، أو المرشح للانتخابات. وبصرف النظر عن الكيفية التي جمعت فيها الأموال لتغطية نفقات الحملة الدعائية، يجب تشخيص طبيعة الحملة هل تسير باتجاهات صحيحة، ضمن برنامج وطني يوفر الخدمات للناس، ويحقق العدالة الاجتماعية، ويقلص الفارق بين طبقات المجتمع، ويستهدف الفقر بالاجتثاث، أو الاستئصال كحالة من حالات البناء والتنمية الاجتماعية؟
أن الذي يجري حاليا هو أخطر حالات التسقيط للمجتمع وعموده الفقري المتمثل بالشباب الذين تحولوا الى أدوات طيعة بيد القوى الحزبية، ممارسين لمهاراتهم باندفاع في إدارة تقنيات الحاسوب والموبايل الذكي وتطبيقاته، بغية إنتاج برامج أو محتوى فكري مؤطر، ينال من صورة مرشح، أو حزب آخر، لقاء وعود أسديت لهم، بفرص عمل، أو توظيف أو مبلغ من المال، وإن صدقت تلك الجهات، فالتعيين بهذه الطريقة، أنما هي عملية استهداف لمؤسسات الدولة بزج نماذج من الشباب المتسلحين برؤى وسلوكيات منحرفة وصلوا بها للوظيفة، تجعلهم فاقدين للمبادي الاكاديمية التي تربوا عليها بالجامعات، وقبلها مبادي التربية في المدارس، وتسلحوا بأساليب متلونة ومراوغة تعكس تربية القوى الحزبية التي وجهتهم باستهداف الآخر وتشويه صورته أمام الرأي العام سبيل الوصول الى الهدف، واعتباره سمة نجاح، وهنا تكمن خطورة واقع المجتمع الذي ينسلخ عن قيمه الإيجابية، ويتبنى ثقافة التشهير والفضائح، أو إختلاقها كأسلوب يعد الأفضل والمختصر في برامج الأحزاب، وأسهلها وصولا الى الهدف، لتتحول قصة تدمير المجتمع، الى قصة نجاح من يحطم صورة الآخر، لكي ينفرد بالشعب، ممثلا له في مجلس النواب.
وبينما نعيش أوقات استثنائية يلوذ بها الجميع نحو الأجواء الانتخابية، وحملات الأحزاب لمرشحيها، ضمن استعدادات كبيرة لخوض تجربة الانتخابات للدورة الخامسة، لاحظنا أن صناعة الرأي العام، أصبحت صناعة مزيفة تمثل خيار قوى شبابية مستخدمة مهاراتها في توظيف شبكات التواصل الاجتماعي، ضمن خطط تدمير المصداقية، واستبدالها بصورة مزيفة. ومن هنا ندعو القوى الحزبية، بضرورة إعادة انتاج برامجها بما يؤمن بناء المجتمع، وتعزيز قيمه الاجتماعية، لأن مهمة بناء المجتمع المستقر هو الهدف والرسالة.