لست مختصا في علم النفس، ولكني أعد نفسي قارئا مجتهدا في هذا الحقل المعرفي، وهذا طبعا لا يعطيني الأحقية في اطلاق الأحكام والتوصيفات النفسية على الآخرين، ولكنه يمنحني معرفة الطريق والوسائل في الوصول الى مصادر المعلومة النفسية عند مراقبة السلوك الفردي أو الجمعي في المجتمع
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
وعلى هذا ما زلت أتذكر توصية للمختصين في هذا الحقل بشأن الابتعاد عن المصابين بالسايكوباثية، ما لهذه الشخصيات من تأثيرات سلبية عميقة في المحيطين بهم، جراء سلوكياتهم التي تتسم دوما بثلاث سمات أو أكثر من سمات الساكوباث، وهي عدم احترام قوانين المجتمع، انتهاك حقوق الآخرين، الكذب والخداع والاستغلال المستمر للآخرين، الافتقار للتعاطف وعدم الشعور بالندم حيال الأفعال السيئة، الأنانية الشديدة والإحساس بالتفوق، والتقليل من شأن الآخرين والاساءة اليهم بأساليب مختلفة، وفي أحيان كثيرة يكون العدوان واستعمال العنف من سمات الشخصية السايكوباثية. وهذه السمات، يتفق عليها عموم المختصين، اعتمادا على الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض العقلية والنفسية «DSM5»، والذي يعرّف الشخصية السايكوباثية بانها الشخصية المعادية للمجتمع والتي تحمل ثلاثا أو أكثر من السمات التي أشرنا اليها.ويرجع بعض المختصين الأسباب الرئيسة للسايكوباث الى النشأة في البيئات الاجتماعية المرتبكة، التي عادة ما تشهد حروبا ونزاعات وفوارق طبقية، وانعدام الفرص تحت مظلة الاستبداد، وفي رأي آخر «ان السايكوباثي نتاج تفاعل الفرد مع بيئة مضطربة في مراحل مبكرة ومهمة للنمو العقلي والنفسي، أفضت إلى الإيذاء الجسدي، أو الإساءة العاطفية، أو صدمة الطفولة». وهنا لا أجد أحدا بالغا في هذا المجتمع لم يتعرض لهذه المؤثرات، وأجد نفسي مع أصدقائي واخوتي وأحبتي أول السايكوباثيين، فجمعينا نتاج عقود من المعطيات التي تصنع السايكوباث في جغرافية الطفولة، وعلى تضاريس المراحل العمرية الأخرى، دجنتنا سنوات الاستبداد على كل ما هو غير جيد للدفاع عن أنفسنا، والفوز بذواتنا على حساب الآخر والمصلحة العامة بهدف النجاة تارة، ورغبة في التفوق على الآخر والتزاحم على الصدارة، من دون وجه حق تارة أخرى. ثم وظفنا ما ورثناه من مرحلة الاستبداد لتكريس منهج العنف فرضا لارادتنا على الآخرين، ولجأنا في أوقات الى الأجنبي ضد أبناء جلدتنا، وظهرنا على شاشات التلفاز بأجمل حلة ندعوا للعمل بالقوانين ونحن أول من يضربها عرض الحائط، حتى وظفتنا الارادات الأجنبية المتصارعة بنا ومن خلالنا على أرضنا. فهل نملك شجاعة الاعتراف اننا جميعا سايكوباثيون؟ لنبحث معا عن مخارج علمية تنقذ ما تبقى من فرص للشفاء والنهوض بهذا البلد؟