كشف المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، اليوم الخميس، عن قيدين يكبلان النظام الائتماني المصرفي، وفيما أكد وجود 50 تريليون دينار خارج سيطرة النظام المصرفي، أشار إلى أن هناك أسباباً تعرقل الاستثمار الأهلي وأخرى تسببت بظهور جهاز ائتماني "ربوي".
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
وقال صالح في تصريح لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "النظام الائتماني المصرفي في العراق يخضع الى تراكيب موروثة ومعقدة، يتمثل قيدها الاول بارتفاع مخاطر استرداد الديون والتعثرات في تحصيل القروض الممنوحة والتي تبلغ 18 % في حين أن النسبة المعيارية العالمية للتعثرات لا تزيد على 3 % ما يدفع المصارف الى اجراء تحوطات كبيرة وباستمرار حول رأس المال لمواجهة الخسائر الائتمانية بسبب نوعية الضمانات نفسها والتي غالبا ما تكون عقارية غير القابلة للتسييل عند التعثر وهو الامر الذي يزيد من درجة التردد في منح الائتمانات النقدية او القروض او يساعد على ارتفاع مخاطر الائتمان بالتشدد بالفائدة المصرفية المرتفعة"، لافتا الى أنه "مازالت القروض الممنوحة من المصارف الى الجمهور أو الاهلين لا تزيد على 5 % من الناتج المحلي الاجمالي وهي الاقل عالميا".وأضاف، أن "القيد الثاني يتمثل بانخفاض قدرة المصارف على تعبئة السيولة العامة المتسربة خارج الجهاز المصرفي وهي بحوزة الجمهور وبصورة اكتنازات نقدية، وتعد مقتطعة من دورة الدخل وهي خارج سيطرة الجهاز المالي الرسمي وتخضع لسلوك الجمهور في الطلب على السيولة النقدية بسبب عاداته وتقاليده في تقديس السيولة النقدية المتاحة تحت اليد فورا"، مبينا أن "تلك الاموال تعد في الاحوال كافة فوائض مالية مهمة وثروة نقدية كبيرة (غير متحركة ولا تساعد على نشاط الاستثمار الاهلي إلا جزئيا) ولو أودعت حقا في المصارف كما هو الحال في البلدان المتقدمة مصرفيا لأمكن اقراضها بكلفة فائدة منخفضة عبر الجهاز المصرفي نفسه بدلا من اكتنازها في المنازل، وتقدر متوسطاتها كسيولة فائضة مكتنزة خارج الجهاز المصرفي اليوم ما يعادل قرابة 25 % من الناتج المحلي الاجمالي للعراق".
وأشار الى أنه "بناء على هذه الانماط من العادات النقدية والتعاطي البدائي مع السيولة النقدية الفائضة خارج الجهاز الائتماني المصرفي القانوني، فقد تشكل جهاز ائتماني (ربوي) في السوق المالية الموازية أو غير الرسمية، إذ مازالت السوق الموازية تمنح قروضها النقدية الربوية الى الجمهور بشروط اقراض عالية الكلفة جدا، إذ تبلغ الفائدة الربوية السنوية فيها بين 50- 80 %، (وهو ما يسمى بالربا الفاحش) وتعد السوق الربوية سوق مالية موازية (غير منظمة) شديدة الاستغلال عالية المخاطر ولكنها تمتلك في الوقت نفسه مرونة عالية في التعاطي مع السيولة النقدية الراكدة عن طريق تحريك اداة الفائدة الربوية".
وتابع أن "اموالها تقدر كما نوهنا انفاً (كأموال متسربة متاحة تقع خارج المنظومة المصرفية) بنحو ربما يبلغ 50 تريليون دينار وهي اموال مهمة وحيوية تتداول حالياً خارج سيطرة النظام المصرفي القانوني أو الرسمي"، موضحا أن "كلا المشهدين سواء في السوق المالية أو المصرفية الرسمية المنظمة أو السوق الربوية الموازية (غير الرسمية وغير المنظمة) قد صعبتا سهولة حصول الجمهور على الائتمانات أو القروض سواء بالكلف أو الشروط المعقولة ولاسيما القروض التي تتناسب مع متوسطات دخل عموم الطبقة الاجتماعية التي هي بحاجة الى المال ما دفع السياسة النقدية بالذهاب حقا الى التدخل (الكمي المباشر) في سوق الائتمان الرسمي بتبني سياسات التيسير الائتماني ودعم السوق بقروض ميسرة جدا ومنخفضة الكلفة والتي قدم جُلها (ضمن مبادرة البنك المركزي العراقي) سواء بشكل قروض اسكان عبر الجهاز الائتماني العقاري الحكومي (المصرف العقاري وصندوق الاسكان) أو بصورة دعم النشاط الاقتصادي بالقروض الصغيرة والمتوسطة والكبيرة في مختلف المجالات الاقتصادية".
ولفت الى أنه "نظرا للتعقيدات المؤسسية في ادامة التواصل بين الجمهور والمصارف في التعاطي السهل، أصبح لزاما ادخال ادوات مالية وسيطة مساعدة تحمل فائدة مصرفية بشكل (سندات) تبتاع على نحو اختياري الى الجمهور الراغب من حملة الفوائض النقدية وتكون تلك الادوات مؤمنة من أي اخفاق في التسديد من جانب مؤسسات ضمان رسمية ومنح حائزيها امتيازات حتى عند الاقتراض وقبول تلك الادوات كضمانات مصرفية مثلى عند الحاجة للائتمان وقابلة للتسييل فورا في السوق المالية الثانوية كسوق العراق للأوراق المالية".
وختم بالقول، إن "السيولة المتحصلة من تلك السندات ستساعد بكونها ادوات دين ممتازة في تنشيط منح الائتمان خصوصا الى صغار المقترضين وبشروط ميسرة عن طريق المصارف أو الشركات المالية الرقمية وغيرها والمجازة التي تتولى التعاطي بالسندات بيعا وشراءً أو توسطا وتكون اعمالها وفق القانون بغية التعاطي في الائتمانات الصغيرة أو التمويل الأصغر".