لست بارعا في وصف عملية اغتيال تجري في مكان ما، ربما أحس ببعض الخجل وانا اكتب باسلوب محايد عن ناشط لم يبرد دمه بعد، اتخيل أسرته، وصراخ اطفاله، وافكر كيف اتصرف لو كنت مسؤولا في الحكومة واسمع بعملية اغتيال تقع؟ كيف سأفكر؟
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
وهل سأنام تلك الليلة من دون ارق؟، انا اطرح اسئلة ليست سياسية لكنها اسئلة شخص يفكر بمصير بلد
بأكمله.
من السهل التعليق على حادثة اغتيال مدبرة في وضح النهار، هناك اتكيت شكلي يتبع بعد كل عملية تنال من ناشط او صحفي، ادانة ثم مطالبة بالقصاص، وفتح تحقيق، ووضع اسم الناشط في سجل الشهداء، كل هذا جيد لكن ما ينبغي ملاحظته هو ان التجربة ان تكررت بصورة نمطية نشاهدها من وقت لاخر فسنكون امام اختبار صعب لا نستطيع ان نفهمه، لن يفهم العقل ابدا كيف تحدث عملية قتل الابرياء، هذه القضية تفوق امكانية فهم البشر، وعلى الحكومة ان تقوم بتهدئة العواطف، واعادة الوضع الى حالته الطبيعية.
قد تتعرض مدينة من المدن لزلزال مدمر، هذا امر وارد، او تتعرض لاعصار يقلب السيارات ويحطم البيوت، ويخلف قتلى بالعشرات، ومع ذلك لن يكون قلق الناس كبيرا بحيث يجعلهم خائفين من فكرة الغد، ومن ثم يشعرون بانهم محاصرون، وعليهم ان يواجهوا مصيرا غير
واضح.
كل ما يقع من كوارث طبيعية لن يصل الى حادثة واحدة يسقط فيها الانسان قتيلا بسبب مواقفه، هذا اخطر ما في تجربتنا السياسية بعد عام 2003، ومن الممكن ان نقارن بين غضب الزلزال وبين ارادة منفذي عملية لقتل ناشط يسير وحده في الشارع عائدا لبيته، لنقل ان نية الزلازل والاعاصير، والفيضانات هي نية بريئة قد يمكن السيطرة عليها بعد التقدم العلمي فتقل الخسائر والاضرار المادية، لكن اي تقدم يستطيع ان يوقف الرصاصة الغادرة كي لا تصيب بريئا يفكر في اصلاح عملية سياسية يشوبها فساد كبير يعترف به السياسيون بصورة صريحة، بلا شك لن تقف الرصاصة في فم المسدس ابدا، وهذا ما يجعل حياة الناس وطريقة تفكيرهم مرتبكة، ان مواجهة اعصار مسألة عادية لكن مواجهة الموت المصنوع بهذه الطريقة هو ما يشعر الجميع بأنهم بلا سند، وان مستقبلهم رهن لعبة لا تخضع لاي مراقبة او معاقبة، وهذا هو البؤس السياسي كما اعتقد.