علي حسن الفواز
الحرائقُ تتكرر والخسائر تزداد، والاسباب إمّا مجهولة، أو بسبب الإهمال وسوء ادارة ملف السلامة الوقائية والمهنية، والمعالجات محدودة الامكانات، إن لم تكن ضعيفة في اتخاذ الاجراءات الرادعة لمنع تكرارها.
الحديث عن الأمن المجتمعي ليس بعيدا عن الأمن البيئي، أي ايجاد البيئة الصالحة للعمل والمحمية عبر القوانين، أو عبر سياقات العمل، أو عبر المتابعة من الجهات ذات العلاقة، فضلا عن الاجراءات المانعة للتجاوز على تلك الحقوق البيئية، لاسيما ما يتعلق بالعشوائيات، والتي باتت مجالا للاتساع لتشوه المدن ومظاهرها العمرانية والخدماتية، فضلا عن كونها بيئة رخوة لحدوث تلك الحرائق، لأنها مناطق او تجمعات او بيئات خارجة عن التصميم الاساسي ولا تملك ادوات الحماية الكافية.
لكن معالجة هذه العشوائيات التي تضخمت ظاهرتها بعد 2003 لا يعني استخدام التعسف، بل بإيجاد البدائل والمعالجات الانسانية والقانونية، ومنها ما يخص معالجة ملف توصيف الارض المسكونة وتغيير جنسها من الزراعي الى السكني، مقابل العمل على بناء تجمعات سكنية واطئة الكلفة، لكنها محمية وبخدمات كاملة.
لكن الأخطر في هذه العشوائيات هي تجمعات العمل وبناء المخازن التجارية، حيث ظروف الخزن غير الصحيحة، وحيث وجودها في اماكن غير مناسبة، وعدم حصولها على الرخص القانونية من الجهات البلدية والخدماتية الاخرى مثل الكهرباء والصناعة والتجارة والدفاع المدني والبيئة، وكلها جهات لها انظمتها وسياقات عملها التي تمنع التجاوز على الارض وعلى الخدمات العامة.
ما يحدث من حرائق كبيرة، وآخرها ما حدث في مستشفى ابن الخطيب والذي راح ضحيته العشرات من الشهداء والمصابين، فضلا عن الحريق الكبير الذي حدث في سوق الجمعة في منطقة النهضة، يكشف عن تلك المشكلات العالقة بسوء ادارة ملف السلامة المهنية، وكثرة العشوائيات، والتي بات تكرارها، خاصة في الاسواق العامة ينذر بخطر كبير، وهو ما صرّح به أمس مدير عام الدفاع المدني الذي أكد أن سبب هذه الحرائق، لاسيما في المناطق التجارية مثل الشورجة وجميلة وباب المعظم يعود الى العشوائيات، وعدم السيطرة عليها، وهو ما يعني ضرورة العمل على معالجة هذا الملف واتخاذ الاجراءات السريعة والواقعية لمنع تحوله الى ملف ازمات قد تنهك الاقتصادات المحلية للبلد، فضلا عما يتعرض له الناس من اضرار في حياتهم وفي ممتلكاتهم.