الرئيسية / المحايد

المحايد

 علي حسن الفواز
 
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
برنامج " المحايد" الذي يقدمه  الاعلامي سعدون محسن ضمد على شاشة العراقية الإخبارية يستدعي وقفة جادة، واطراء استثنائيا، ليس لأنه يشتغل في منطقة المختلف فكريا وسياسيا، بل لأنه يستأنف بجرأة صناعة الاسئلة المعرفية التي تلامس المخفي، والمضمر في ثقافتنا العربية والاسلامية، وبقطع النظر عن الجدل الذي قد يثيره حول ذلك المختلف، إلّا أن حيوية الخطاب الذي يطرحه يتبدى من خلال جدّة الافكار والاسئلة، ومن خلال ضيوف لهم منظورهم المختلف –ايضا- حول كثير من القضايا الاشكالية التي ظلت خبيئة في خفايا " المقموع والمسكوت عنه" وسط تضخم كثير من مظاهر العنف والكراهية والتكفير وارهاب الجماعات والاستبداد والغلو، والتي تكشف في جوهرها عن مرجعيات وسرديات ثقافية وفقهية لم تكن بعيدة عن محنة تاريخنا، وحساسيات مراجعاته وقراءاته النقدية
المتعددة.
الحاجة الى ثقافة المختلف، تعني الحاجة الى ثقافة التعرّف، والكشف والمواجهة، مثلما هي الحاجة الى تكريس قيم هذا المختلف على مستوى الرأي العام، وعلى مستوى جدل الأفكار وتنوعها، وعلى مستوى علاقتها بـ "تاريخ الازمات" التي كثيرا ما تحولت الى عناوين فاجعة للصراع والتهميش والتكفير، ولغلو الهويات القاتلة كما سمّاها مين معلوف، وهذا ما يجعل  البرنامج يكتسب أهميته، من خلال استثماره الخطابي للمنصة الاعلامية، ولجرأة الاسئلة والأفكار التي يطرحها ويثيرها. ولكون جمهور التلفزيون متنوعا ومتعدد المشارب والاتجاهات والطوائف والقوميات، فإن هذه الأهمية تبدو أكثر عمومية في التأثير، وفي التأكيد على عرض الأفكار بحيادية مهنية وموضوعية بعيدا عن النمطية والتقليدية، وقريبا من قيم الحرية والمشاركة التي نحتاج الى ضرورتها كحق عام، وكمفهوم تداولي في "الاجتماع الثقافي"، ينبغي أن يلامس البنيات العميقة للافكار وللمشكلات التي عشنا معها صراعات دامية، مقابل التصريح بالحديث التشوهات التي فرضت نفسها على الواقع، وعلى انماط الاستهلاك السياسي والاجتماعي، والتي كثيرا ما ينأي الخطاب الاعلامي عنها، رغم أنها مسؤولة عن محنة العقل المعاصر، وعن أزمة شيوع مظاهر العنف ورفض الآخر.
ما نأمله هو أن يكون هذا البرنامج عتبة لتوجهات إعلامية فاعلة، ولصناعة خطاب شجاع، يواجه أزمات التاريخ والفكر والهوية، مثلما تواجه حياتنا السياسية ازمات الفساد والرثاثة والعنف، والتي تتطلب وجود المسؤولية الحمائية لها، لكي تتكرس تقاليد حقيقية للنقد والحوار والجدل والقبول بالمختلف، بوصفه حقا شرعيا وديمقراطيا ومدنيا، وضرورة نقدية لتنمية الوعي بمسؤولية بناء المجتمع الحرة والدولة العادلة.



22-04-2021, 08:30
المصدر: https://www.ina.iq/124160-.html
العودة للخلف