لا عنف السلطة الغاشمة التي حكمت العراق منذ 1968م حتى إسقاطها في 2003م كان مبرراً، ولا موجة العنف التي اجتاحت البلاد بُعيد الغزو كانت مبررة، وكلاهما من مرجعية واحدة هي ذهنية الاستبداد والهيمنة وما ينتج عنهما من صراعات على السلطة يذهب ضحيتها الأبرياء من المواطنين البسطاء، ويجني ثمارها الانتهازيون الفاسدون، آلاف الضحايا ممن طالتهم الحروب العبثية للطاغية، أو أعدموا أو غيبوا أو دفنوا بشفلات المقابر الجماعية أو بالكيمياوي، آلاف الضحايا من الذين تخلخلت نفسياتهم نتيجة الأسر أو التعذيب في السجون.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
آلاف الضحايا من الذين طالتهم جرائم الإرهاب والتطهير العرقي والطائفي، آلاف الضحايا ممن تيتموا أو ترملن أو ثكلن، آلاف الأسر نكبت بشتى وسائل العنف غير المبرر، أو لنقل لامبرر له سوى رغبة الجلاد بالاستبداد واجتثاث الآخر المختلف.
عنف على كل المستويات، جريمة منظمة، عنف عشائري، سلاح منفلت، عنف مجتمعي، عنف رمزي، عنف مادي، عنف أسري، عنف إعلامي، عنف ثقافي، عنف سياسي، عنف ديني، فإلى متى؟ يقول علماء الاجتماع إن العنف جزء من الطبيعة البشرية، بمعنى آخر يمثل المرحلة الحيوانية المتوحشة، هو غريزي لارتباطه بحاجات الإنسان والصراع من أجل البقاء، وقد مرت البشرية بآلاف الحروب الطاحنة، منذ أقدم العصور، وغالبيتها عبارة عن صراع على السلطة، والسلطة يتحكم بها ثلاثة عوامل: السياسة والدين والاقتصاد، وهذه العوامل مشتركة هي التي توجد مبررات الحروب، من خلال خطاباتها التي تنبني على الترهيب والترغيب، تجميل الموت، وإسقاط صورة العدو.
لنترك كل ذلك ونفكر بروية،
ونحتكم للعقل، من المستفيد من العنف الذي أربك حياتنا؟ دعونا من السياسة والصراعات العقائدية، أبناء الطائفة الواحدة، والمنطقة الواحدة، الجيران، والأخوان، وأبناء العم، من يبرر لهم قتل بعضهم للبعض الآخر؟ وعادة ما تكون خلافات تافهة، فكثيراً ما سمعنا عن طير حمام تسبب بقتل أبرياء، أو خلاف على مبلغ بسيط، أو بلا أي خلاف لمجرد التنمر، أي شرع وأي قانون وأي سنة أو(سنينة) تبيح لك قتل الآخر؟ حديثي هذا بمناسبة ما يدور من نزاعات عشائرية يروح ضحيتها الأبرياء، ألا يكفي ما نزفنا من دماء؟