من المُلاحظ بعد عام 2003، ونتيجة للتحوّلات: السياسية، الاقتصادية، الثقافية، الاجتماعية، التي حصلت في بلدنا، برزت ظواهر عدّة، كان الطموح أن تكون ايجابية ولو بعد فترة مناسبة من هذه
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
التحوّلات.وما يستدعي الإشارة إليه في هذه الوقفة، هو ظاهرة تدني الإنتاج والإنتاجية في القطّاعات الصناعية والخدمية والإدارية رغم وجود الأعداد الكبيرة من الموظفين والعاملين. إلا أن المُلاحَظ والملموس يُشير إلى عدم انتظام الدوام في المؤسسات والدوائر الحكومية - وهنا لا أُشير إلى فترة كورونا – بحيث يمكن لبعض المنتسبين أن يمرَّ على مؤسسته يوماً في الأسبوع في أحسن احتمال، ومثله خلال الشهر لغرض تسلم الراتب، مما جعل انجاز الأعمال مناطاً بعدد محدود منهم. وهكذا غابت فكرة تقسيم العمل، ودبَّ الملل والتكرار في حياة المواظبين على الدوام وانعكس ذلك سلباً على الإنتاج والإنتاجية .
إنَّ فكرة تقسيم العمل كما وردت في الأدبيات الاقتصادية تنص على أنَّ العملية الإنتاجية لا بدَّ أن تتضمن تقسيمها إلى عدد من العمليات الفرعية التي ينجز كل واحدة منها منتسب واحد أو مجموعة من المنتسبين، وبذلك يمكن تحسين وزيادة الطاقة الإنتاجية عن طريق تقسيم الأعمال بحيث يقوم كل منتسب بأداء عملية انتاجية واحدة تختلف عن العمليات الإنتاجية التي يقوم بها الآخرون، ولكنها في الوقت نفسه مكمّلة ومتممة للعملية الأساس. وقد انعكس هذا الفهم اجتماعياً، وأصبح يعتمد على الاختلافات الاجتماعية التي تظهر بين
الأفراد.
ورغم أنَّ المجتمعات الإنسانية تختلف في ما بينها من ناحية درجة استعمالها واستفادتها من فكرة تقسيم العمل، إذ إنَّ المجتمعات التي تعتمد الفكرة، هي المجتمعات التي يتوافر فيها التماسك العضوي، بينما المجتمعات التي لا تعتمد هذه الفكرة، هي المجتمعات التي يُسيطر عليها التماسك الميكانيكي.
وإنَّ أهمية العلاقات الاجتماعية التي تنشأ من هذا التقسيم لها دور في تنمية الأفكار الأخلاقية لدى الجماعات المهنية أو في المحافظة عليها من الفساد والتفسّخ .
إنَّ عدم انتظام دوام الكثير من المنتسبين وعدم مساهمتهم في الإنتاج والإنتاجية، وتسلمهم الرواتب والمخصصات من دون عمل مقابل لها، أسهم في ارتفاع كلف الإنتاج بعد أن أصبحت الرواتب تُشكّل أكثر من 75 % من هذه الكُلف نتيجة تضخم الأعداد، مما أدّى إلى ارتفاع كُلف الانتاج مقارنة بالمقاسات والمحددات العالمية المعتمدة التي تحدد نسبة الرواتب بما لايزيد عن 30 % من الكُلفة الكليّة.
ومن هنا لا بدَّ من المراجعة الجادّة لما يحصل ....