علاء هادي الحطاب
عطفا على ما كتبناه الاسبوع الماضي في البحث عن المشكلات الاجتماعية التي نعاني منها والتي ولدت ازمات باتت شبه مستحكمة ما لم تتم معالجتها بشكل منهجي واكاديمي، فان الاداء السياسي في البلاد بات “بحد ذاته يشكل ازمة كبيرة ترمي بظلالها على بقية المشكلات (الاجتماعية - والاقتصادية - والفكرية - والثقافية - والدينية ) وغيرها فهذه المفردات كلٌ مرتبط بعضه ببعض لا يمكن المضي بمعالجة ملف واهمال بقية الملفات لانها جميعا تشكل حياة الفرد الذي لا يمكنه العيش دونها، فلا يمكن للانسان ان يعيش بدون اقتصاد ينظم حياته المعيشية، ولا يمكن له ان يعيش بدون سياسة تدير علاقته بالدولة ومؤسساتها وافرادها فاحدى وظائف السلطة السياسية هي ادارة شؤون رعاياها، كذلك الحال في الملف الديني والثقافي وغيره.
اتفق تماما مع مقولة استاذ الفكر السياسي الدكتور عامر حسن فياض الذي يصنف الواقع السياسي بانه مرحلة الانتقال الى الدولة ولم يصبح دولة بعد، وفي هذه المقولة بحث مطول لست بوارد الخوض والتفصيل فيه، لكنها تؤشر بشكل واضح قراءة وانطباع ذوي الشأن في الفكر السياسي لاداء وسلوك الطبقة السياسية التي تدير هذا الملف.مشكلات كبيرة وكثيرة في هذا الاداء، منها استمرار القواعد ذاتها المتمظهرة بتحالفات وتكتلات وتنقلات سياسية من حيث الموقف “بشكل عشوائي” اذ نلحظ انتقال جبهة بالضد من موقف او اداء سياسي معين ومن ثم العودة للاصطفاف معه في اقل من شهر واحد فقط، صحيح ان المعيار هنا هو المصلحة، لكن الطبقة السياسية تفهم المصلحة في غير معناها الحقيقي، هذه الطبقة تفهم المصلحة مجموعة المكاسب الحزبية من مناصب وامتيازات وغيرها في حين ان الفهم الصحيح لمفهوم المصلحة هو “رضا وقبول” الجمهور الذي يمثل شرعية وجود واستمرار هذه القوى السياسية وذاك الحزب الذي يسعى باستمرار للوصول الى السلطة وتنفيذ برامجه التي وعد بها الجمهور ومن ثم يكسب رضاهم وقبولهم بأدائه وهكذا تستمر العملية في سبيل الوصول الى منهجية صحيحة في الاداء.كذلك انتقال اعضاء البرلمان، وعدم وجود موقف واضح لتلك القوى السياسية بين المعارضة والمولاة من اداء السلطة التنفيذية ونقصد هنا المعارضة البرلمانية فضلا عن السياسية، كذلك الابتزاز السياسي للسلطة التنفيذية والوزارة، وحتما هنا لا نحمل كل الطبقة السياسية وزر هذا الاداء بل طيف ليس بالقليل يمارس هذا الدور بعيدا عن مفهوم المصلحة التي اوصحناها سابقا.كل ما تقدم من اداءات بات غير مقبول اليوم بل مكشوفاً من قبل الجمهور الذي اصبح يشخص هذا النوع من الاداءات ويكشف زيف ما فيها وبالتالي تخسر هذه القوى رصيدا مهما من جمهورها وتعطي ممكنات جمهور القوى المنافسة الاخرى للنيل منها وهذه “الدورة” مردها عدم الاستقرار السياسي الذي هو ( أُس) نجاح القوى السياسية وان اختلفوا في ما بينهم وهذا امر محمود في فلسفة الديمقراطية، لكن وفق اداءات المصلحة العامة التي تبحث عن رضا الجمهور وقبولهم، وهذه برغماتية المفروض تصل لنتائجها القوى السياسية التي يبقى رأس مالها الجمهور لا غير لاننا في نظام نيابي ينتخب الجمهور افرادا من المجتمع لتمثيله في السلطتين التشريعية والتنفيذية.برغماتيا لا مناص للقوى السياسية التي تتنافس في سبيل الحصول على جمهور ثابت وجمهور ناخبين الا من خلال تغيير قواعد ادائهم السياسي اليوم، لاسيما بعد تطور حركات الاحتجاج وتوسعها، وكذلك عدم ضبط ايقاع بعض منها بسبب تدخلات غير عفوية ومقصودة داخليا وخارجيا، مما يؤدي باستمرار الى غياب الاستقرار السياسي الذي يمثل اساس الحل والمعالجة لواقعنا السياسي.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام