ميسان - واع شذى السوداني وعبدالحسين بريسم
بمحاذاة نهر دجلة وعلى مقربة من السوق القديم لقضاء قلعة صالح في محافظة ميسان ثمة حجر ينطق بجوار خشب البلوط الذي رصفته أياد عراقية سنة 1925 لتكون مدرسة قلعة صالح الابتدائية كأول صرح تربوي في محافظة ميسان.
وكالة الأنباء العراقية (واع) زارت المدرسة والتقت مديرها الأستاذ ياسين محمد طاهر ياسين ،الذي تحدث عن تاريخ المدرسة فقال:" تعد مدرسة قلعة صالح الابتدائية اقدم مدرسة في محافظة ميسان ،ويعود تاريخها الى العام 1917 حيث وضع لها حجر الاساس وافتتحت العام 1925 ، وهي معلم حضاري تاريخي ،إضافة الى كونها معلماً علمياً حيث تخرج منها أكبر العلماء والاطباء ،ومنهم البروفسور عبد الجبار عبد الله عالم الفيزياء واول رئيس لجامعة بغداد ،والبروفسور جاسم محمد خلف رئيس جامعة بغداد ،والبروفسور عبد الجبار جواد القزويني عالم الذرة المعروف ،وايضا اول طبيب في ميسان الدكتور الطبيب فرحان سيف ،فضلا عن اسماء لا تعد ولا تحصى من العلماء والاطباء والادباء والكتاب".
واضاف ان "المدرسة ما زالت محافظة على نفسها القديم حيث بنيت من الحجر والاعمدة و(البواري)وهي بحالة جيدة وتحتاج الى ترميم واهتمام من قبل الحكومة المحلية ووزارة التربية لكونها صرحاً ثقافياً وتراثياً يحب الاهتمام والمحافظة عليه".
واشار الى ان "ادارة المدرسة قدمت عدة طلبات من اجل الترميم والصيانة للمدرسة ،ولم تتلق اي جواب او دعم".
بصمة شعب
من جانبه قال الكاتب والناقد والشاعر جمال جاسم امين صاحب مشروع البديل الثقافي: أدخلها لأول مرة و لا أخفي دهشتي أمام دقة المعمار وصمود البلوط طيلة فترة زمنية طويلة ،هي الان تقترب من القرن الكامل والمدرسة مأهولة حتى هذه اللحظة ، يدخلها التلاميذ كل صباح ملوّحين للأجداد الذين لم يروهم بل لمسوا آثارهم الحية .. كما لا أخفي دهشتي إزاء تاريخ بناء المدرسة الذي يشير الى بصمة شعب كان هنا ، في هذا القضاء ، قبل أن تتشكل أي دول في المنطقة ! قبل أن تبنى عواصم هي الآن تتباهى بناطحات السحاب ! التواريخ مهمة .. بل هي جزء من روح الجماعة وانتمائها للمكان ،حضارتها التي طالها ما طالها من ظروف وانواء .. قلعة صالح من أقدم المدن العراقية ،وهذه المدرسة شاهد من شواهدها ،وتستحق ان تبقى متحفا للمدينة أو مرفقا من مرافقها الثقافية".
ودعا امين "للانتباه على هذا المرفق التأريخي الحضاري ،والنظر له بعين الاهتمام والمسؤولية وتأثيث هذا المكان بما يلزم من فعاليات تديم بهائه وحضوره".
ذكريات طالب
الباحث والمؤرخ حطاب العبادي احد الطلبة الذين درسوا في المدرسة ،وهو الآن في السبعين من عمره قال لـ(واع): "افتتحت اول مدرسة في قلعة صالح في 16 حزيران العام 1917 من تبرعات المواطنين ،وعين لها معلم اسمه "عباس أفندي" وبنايتها الحالية افتتحت في العام 1925 ولا يزال هناك شاهد على احد جدران المدرسة باللغة الانكليزية وترجمته (هذه المدرسة شيدت في العام 1925 في ذكرى رحيل الجنرال ستانلي مود ومن التبرعات التي جمعت من اهالي قلعة صالح".
واضاف: "لقد بلغ عدد التلاميذ المسجلين بين العام 1917 والعام 1928 نحو (199) طالبا في حين كان سكان مركز القضاء في ذلك الوقت (2000) نسمة،وبين العام 1917 والعام 1958 بلغ عدد تلاميذها (2430) تلميذا وتلميذة منهم (134) تلميذا يهوديا ارتحلوا مع عوائلهم العام 1950”.
وتابع العبادي أن "مدرسة قلعة صالح أثرية وتاريخية ،وهي اول مدرسة في القضاء بل في المحافظة ،وتخرج منها الكثير من العلماء والأطباء، وعند افتتاحها انضم إليها 90 طالبا ،منهم 45 مسلما و45 صابئيا، واول معلم فيها هو المرحوم عبد القادر صالح عبد القادر من مواليد البصرة ،والتحق معه اثنان من ميسان وهما ملا كريم لتدريس التربية الإسلامية للتلاميذ المسلمين والشيخ عبد الله سالم المندائي لتدريس الدين الصابئي للطلبة المندائيين".
إرث حضاري
وأشار إلى أن "مدرسة قلعة صالح الابتدائية للبنين ظلت الوحيدة حتى العام 1940 حيث افتتحت مدرسة الاندلس وقبلها في العام 1930 افتتحت مدرسة قلعة صالح للبنات".
واوضح العبادي ان هذه المدرسة بعد خمس سنوات ستكون بناية اثرية وهي قبل 45 عاما دخلت كبناية تراثية وقانون الاثار ينص على ان كل منشأة او بناية او موقع يمر عليه 50 عاما يدخل في التراث وبعد مرور 100 عام يكون أثريا في قانون اليونسيف ،ولا يجوز تقديمها او تغيير معالمها إلا بموافقة اليونسيف ،وقد جرت محاولة قبل سنتين او اكثر لتهديمها للاستفادة من خشبها ،إلّا انه كتبت في وقتها الى المحافظة والى اليونسيف والمدرسة لا تزال مفتوحة بدوامين".