بغداد- واع- علي جاسم السواد- كرار خليل
تصوير صفاء علوان
كشف وزير الثقافة والسياحة والاثار الدكتور عبد الأمير الحمداني تفاصيل الفساد في مشروع بغداد عاصمة الثقافة ،مؤكداً قرب توزيع منحة الوزارة للفئات المشمولة بها.
وقال الحمداني في مقابلة مع وكالة الأنباء العراقية (واع): إن"الأموال التي صرفت على فعالية بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013 بلغت (700) مليون دولار"، لافتاً إلى أن"هذه الأموال كان بالإمكان أن تؤسس لبنى تحتية ثقافية ،لو أنها استثمرت بالشكل الأمثل".
وأضاف الحمداني أن"تلك الأموال كان بالإمكان استثمارها في بناء المسارح ودور السينما والقاعات ،ولكنها للأسف نفقت في محالات أخرى"، مؤكداً أن"هذا الملف معروض الآن على هيأة النزاهة".
وتابع أن"هذا الملف يحتوي على الكثير من شبهات الفساد ،منها إهمال المساحة المجاورة لنقابة الصحفيين وعدم تطويرها وتأهيلها ،على الرغم من موقعها المميز ،وكذلك مشروع تأهيل طاق كسرى في المدائن ،الذي أحيل الى شركة تشيكية ،التي إحالته بدورها إلى شركة ثانوية عراقية غير متخصصة بصيانة الأبنية التراثية، إضافة الى إحالة المسارح ودور السينما إلى شركات غير متخصصة في هذا المجال"، مبيناً أنه"تم صرف بحدود 25 مليون دولار على إنتاج 25 فيلماً ،في حين أنه تمّ إنتاج 26 فيلماً في دول أخرى لم تكلف جميعها كلفة إنتاج فيلم واحد تمّ عمله في بغداد عاصمة الثقافة".
منحة الوزارة
وأشار الحمداني إلى"قرب توزيع المنحة السنوية التي تقدمها وزارة الثقافة للفئات المشمولة"، موضحاً أن"سبب توقف توزيع المنحة في السنوات الماضية يعود لأسباب مالية نتيجة التقشف ،وكذلك لوجود شبهات فساد في عملية توزيعها على بعض الأشخاص عن طريق العلاقات والمجاملات".
وأوضح أن"أموال منحة المبدعين الآن تم تخصيصها ،وبدعم مباشر من رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ،لكن تم تأخير توزيعها لأسباب تتعلق بتحديد الفئات الحقيقية التي تستحقها"، مؤكداً أنه " تم تشكيل لجنة خاصة بهذا الصدد، وسيبت الاعتماد على القوائم التي تأتي من خلال النقابات والاتحادات ،التي لديها قانون ولن يكون الأمر بيد الموظف ،مثلما كان يحصل في السابق".
وبين الحمداني أن"هناك أكثر من 25 منظمة وهمية وأسماء لأشخاص بعيدين عن الفئات المشمولة وهو أجحاف بحق من يستحقها فعلاً، وأن آليته الجديدة ستعتمد على القوائم التي تأتي من النقابات وليس بالضروري أن تضم أسماء ينتمون لأي نقابة ،لكن القوائم يجب أن تأتي عن طريق تلك النقابات"، داعياً"النقابات والاتحادات إلى الإسراع في إنجاز القوائم وإرسالها الى الوزارة من أجل التسريع في توزيع المنحة".
وفي ما يتعلق بتأخر رواتب بعض الموظفين الجدد في وزارة الثقافة ذكر الحمداني أن"مشكلة التأخير حسمت ،وتم توزيع الرواتب للعديد من الموظفين الذين تأخرت مرتباتهم ،وجميعم من الذين تم تعيينهم خلال هذا العام وهم بحدود 1500 موظف"، مضيفاً أن"عدد الموظفين الذين يوجد تلكؤ في تسلم رواتبهم قليل ،وهذا التلكؤ حصل بسبب تأخر صدور أوامرهم الإدارية، وتم حسم الموضوع بالتنسيق مع دائرة الموازنة في وزارة المالية التي وافقت على التخصيصات المالية لهم".
إعادة الآثار العراقية
ولفت الحمداني الى أن"الآثار العراقية تعرضت لعمليات سرقة عبر عقود من الزمن ،بعضها يعود الى مطلع القرن الماضي ،حيث كانت البعثات الأجنبية تحصل على نصف الآثار المستخرجة ،ولكن بعد صدور قانون خاص بالآثار العام 1934 الذي جرم وحرم الاتجار بالآثار أو إخراجها من البلد لا متشابه ولا مستنسخ ولا مناصفة"، موضحاً أنه"بعد العام 1991 تعرضت الآثار الى سرقات مكثفة ومعظم الآثار التي كانت موجودة بالمتاحف تمت سرقتها ،وهناك آلة تسجيل توثق صورة وأرقام لكل قطعة أثرية، وحالياً هناك بحدود 60 بالمئة من المواقع الأثرية بالجنوب من بغداد إلى الناصرية نهبت من 2003 وإلى 2005 ،وهذا المواقع كلها من عصور تاريخية قديمة".
وأشار الى أن"دائرة الاسترداد في وزارة الثقافة تتابع على مدار الساعة ما يعرض من الآثار في الخارج ،سواء كان في المزادات أو في الاحتفالات وبالتنسيق مع وزارة الخارجية عن طريق السفارات العراقية"، لافتاً الى أن"وزارة الثقافة تستلم يومياً من وزارة الخارجية إشعاراً بالآثار المستردة والمضبوطة في الجمارك الدولية".
ونوه إلى أن"المجتمع الدولي يقف مع العراق وجميع الدول مستعدة لاسترداد الآثار ،وهي ملزمة بقوانين الآثار الدولي الخاصة للآثار"، موضحاً أن"بعض هذه الآثار تعود للفترة التي تعرضت إليها المتاحف والمواقع الأثرية للسرقة والنهب العام 2003 وبعضها بعد العام 2014 ،التي تم تهريبها من قبل عصابات داعش الإرهابية".
ولفت الحمداني الى أن"مجلس الأمن أصدر العديد من القوانين لتجريم التجارة بالآثار العراقية ،وحث الدول على إعادتها الى العراق"، مشيراً إلى أنه"تمت إعادة الآلاف من القطع الأثرية العراقية من تركيا وبريطانيا وفرنسا والسعودية وكوريا والأردن والإمارات ودول الخليج الأخرى".
وأكد أن"هناك آثاراً عراقية موجودة حالياً في أوكرانيا وبلغاريا وإيطاليا ،ويوجد أيضاً بحدود 5000 قطعة أثرية موجودة الآن في سفارة العراق في واشنطن"، مبيناً أن"هذه القطع تم ضبطها من قبل شرطة الجمارك في نيويورك ،بعد أن قامت بهذا إحدى الشركات ونقلتها من دبي، إضافة إلى وجود نحو 10 آلاف نص مدون بالمسمارية وعلى الطين من جامعة كرنيل في أميركا موجودة في سفارة العراق وسيتم استردادها قريباً".
وأضاف الحمداني أنه"في ما يتعلق بالأرشيف اليهودي أو الأرشيف العراقي الموجود في واشنطن فهو عبارة عن أرشيف الطائفة الموسوية ،وكان في قبضة المخابرات العراقية قبل العام 2003 وقد تعرض حينها للتلف بعد فتح المياه على الارشيف بقبو المخابرات ،ويتضمن أيضاً ارشيف الدولة العراقية وارشيف الحكومة"، عاداً "موضوع إعادة هذا الارشيف محسوماً بعد الاتفاق الذي تم بين وزارة الخارجية والسفارة الأميركية في بغداد ،وسيتم إعادته العام المقبل بعد أن طلب الجانب الأميركي التأجيل من لجنة الاسترداد في العام 2018 وهو العام الذي كان يفترض أن يعود فيه الارشيف الى العراق وتم تهيئة بناية خاصة لهذا الارشيف في بغداد".
ونوه إلى أن"الجانب الأميركي قام بصيانة وترميم الارشيف بغية عرضه على الشعب الأميركي"، مؤكداً أن" ارشيف عراقي موجود في الدوحة وارشيف الانفال في أميركا"، مشيرا الى أن"وزارة الثقافة تسلمت قبل مدة بحدود 240 وثيقة تاريخية من العهد الملكي تعود لعام 1941".
إعمار المناطق الأثرية
وقال وزير الثقافة: إن"العمل جار في منارة الحدباء وفي جامع النوري ،وكذلك العمل ماض في إعادة إعمار وتأهيل الأبنية التراثية منطقة الموصل القديمة"، مبيناً أن"العراق لديه شراكة مع منظمة اليونسكو ومع الاتحاد الأوروبي ونسبة الإنجاز في منارة الحدباء بلغت نسباً جيدة ،بعد أن تم تجميع الطابوق الأثري المتناثر من أجل إعادة المسجد إلى ما كان عليه سابقاً".
وأضاف أن"الوزارة ماضية في إعادة تأهيل المدن الأثرية في النمرود ،التي تعرضت للتدمير بالتعاون مع معهد الآثار الأمريكي ومعهد مؤسسة (اسماسونيان) وكذلك هناك مشروع لإعادة إعمار وتأهيل مدينة الحضر ،بالتعاون مع إيطاليا ،إضافة الى ترميم وصيانة مدينة (خرسباد) من خلال شراكة مع بعثة فرنسية تعمل في نينوى الى جانب بعثتين إيطالية وألمانية في تل النبي يونس في الموصل ،وهناك بعثة ألمانية من جامعة هايدلبرك في مدينة آشور أيضاً، والعمل قائم على صيانة متحف الموصل بالتعاون مع متحف اللوفر "، مؤكداً أن"المواقع الآثارية في محافظة نينوى ودور العبادة ،خاصة الموجودة في سهل نينوى ،تعرضت للدمار بسبب الإرهاب ،والآن العمل متواصل لإعادة تأهيلها ،إضافة الى نية الوزارة بإقامة متحف خاص بالأيزيديين ،وكذلك فتح مركز ثقافي خاص بالازيدية في منطقة بعشيقة الى جانب المركز الثقافي الخاص بالأدب السرياني الموجود في منطقة (قره قوش) في الحمدانية، وهناك مساع لافتتاح مركز ثقافي خاص بالشبك في منطقة برطلة وأيضا افتتاح بيت ثقافي في سنجار بالإضافة الى البيت الثقافي الموجودة في الموصل في الجانب الأيسر".
التراث العالمي
وعن المواقع الآثارية التي يسعى العراق ترشيحها للائحة التراث العالمي قال الحمداني: إن"العراق يمتلك العديد من المواقع الأثرية التي يمكن ترشيحها للائحة التراث العالمي ،بعد أن تم إدراج الأهوار ومدينة بابل والزيارة الاربعينية والنخلة"، مشيراً الى أن"الوزارة قدمت الى منظمة اليونسكو قائمة تضم (12) موقعاً متنوعاً".
وبين أن"القائمة التمهيدية مرت بعدة مراحل وتضمنت مواقع متنوعة من الناحية التراثية والدينية والمذهبية"، لافتاً الى أن"القائمة ضمت بحر النجف ومقبرة وادي السلام وشاطئ دجلة الثراثي ،الذي يمتد بين شارع المتنبي والمدرسة المستنصرية، وكذلك مدينة نفر ومدينة النمرود وأطواق كسرى والاخيضر وقلعة كركوك وقلعة هيت وقلعة العمادية في دهوك ومعبد لالش".
وأشار الى أن"ترشيح معبد لالش الذي يعد من أقدم المعابد الخاص بالازيدية في العالم ويحمل رسالة الى العالم باهتمام العراق بموضوع الأقليات الدينية والمذهبية وبجميع الثراث الثقافي لكل الديانات"، مؤكداً أن"الوزارة شكلت فريقاً وطنياً العام الماضي لمتابعة هذه الأعمال ،وهو فريق فني خاص بإعداد الملفات ومدرب ومؤهل ويتحدث اللغة الانكليزية والعربية واللغات الأخرى ،وعلى تواصل مع المجتمع الدولي بشأن المواقع المرشحة".
وتابع أن"العراق يضم أكثر من 15 ألف تل أثري ،وهذه الخارطة خاصة بالمواقع الأثرية ،ما عدا دور العبادة"، مبيناً أنه"يعمل على وضع أطلس أثري مصور يضم جميع الأثار العراقية ،وكذلك وضع خارطة للمواقع الأثرية تحتوي قاعدة بيانات للمناطق الأثرية".
دعم المثقفين
وذكر الحمداني أن"الوزارة قدمت ولا تزال تقدم الدعم للمثقفين ودعم المشاريع الثقافية من خلال طباعة المنجز للمبدعين سواء للمثقفين الأموات أو الأحياء أو الشباب"، منوهاً بأن"الوزارة قامت بطبع مئات العناوين ،مثل الأعمال الكاملة لعزيز السيد جاسم وحسب الشيخ جعفر وأعمال الرواد هذه كانت في السابق هي تطبع على حساب المؤلف صاحب المنجز ،والآن أصبح كامل الكلفة تدفع من قبل الوزارة".
وبين أن"الوزارة تطبع منجزات المبدعين في مطابع دار الشؤون الثقافية وبالتنسيق مع اتحاد الأدباء خاصة في مجال تشجيع المشروع الثقافي في مواجهة الإرهاب ومواجهة التطرف"، مشيراً الى أن " الوزارة تعمل على تشكيل مجلس استشاري أو هيأة استشارية ،تتكون من اتحاد الأدباء ونقابة الفنانين ونقابة الصحفيين والمبدعين لرسم سياسة الثقافية للبلد".
ولفت الى"وجود نحو 40 بيتاً ثقافياً في جميع المحافظات تمارس أنشطة ثقافية تتعلق بالسينما والمسرح والتشكيل وإقامة الندوات الثقافية والفعاليات والبرامج الثقافية في
المحافظات".
وأكد الحمداني أن"الوزارة تولي اهتماماً بنشر الثقافة العراقية في جميع دول العالم واستثمار وجود عدد كبير من المثقفين العراقيين بالخارج، وقد تم استثمار خمسة مراكز ثقافية في واشنطن ولندن واستولكهوم وطهران وبيروت لكنها ألغيت في 2014 بسبب التقشف المالي" مبيناً أن"هناك رؤية لإعادة فتح مراكز ثقافية جديدة في الخارج للتواصل ليس فقط مع جالية العراقية مقيمة في هذه العواصم ،وإنما مع المجتمع الدولي وتسوق الثقافة العراقية الى الخارج ".