ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بغداد - واع
أصدرت زوجة الشهيد نائب رئيس هيأة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس وبناته بياناً بمناسبة مرور 40 يوماً على استشهاده.
وفيما يلي نص البيان:
الحمد لله عدد الرمل والحصى وزنة العرش إلى الثرى
قـبل أربعين يوماً استشهد في عملية وقحة وجبانة القائدان العظيمان فـي جبهة المقاومة ضد مشروع تشويه هوية الإنسان في غرب آسيا، عمنا العزيز الذي لا مثيل له القائد المسلم العظيم الفريق الشهيد قاسم سليماني قائد قوة القدس التابعة لحرس الثورة الإسلامية، وعزيزنا الأب الرؤوف المجاهد الشهيد أبو مهدي المهندس (جمال إبراهيمي) مؤسس وقـائد الحشد الشعبي، مع لفيف من الأخوة والأبناء الشرفاء.
نحن زوجة الشهيد وبناتــه الأربع نـشكر الله الرحيم كثيراً لهذا الفخر العظيم الذي منينا به لنقدم أغلى وأعـزّ وأجمل ما نملك، وعمّ لنا كما جاء في خطبة عاشوراء "بأبي أنت وأمي يا أبا عبد الله" الشهادة هي امتداد للحياة الكريمة والعزيزة التي عاشها والدنا وهي آخر وأفضل مكافئة إلهية لمجاهد مخلص على جبهة المقاومة بقيادة حكيمة وواعية للولي الفقيه أمضى عمره تحت شعار "هيهات منا الذلة" شعار مدرسة الإمام الحسين (ع) وهو الرجل الذي أطلق عليه قـبل أيام مــن شهادته رغم خيانات عديدة علنية وخفية باسم "حبيب بن مظاهر" هذه الجبهة.
بدأ الشهيد مسيرته منذ أيام الشباب ضد الفكر البعثي العفلقي الظالم، في مدرسة المرجع الشجاع والعالم الشهيد السيد محمد باقر الصدر(ره) وذلك إلى جانب العديد من الشخصيات المؤمنة والصلبة في العراق، وفي أثناء دراسته لفرع الهندسة العمرانية في جامعة الهندسة التقنية في بغداد أكمل مسيره بجدية أكبر، وبعد إعدام مجـموعة من رفاقه وشهادة محمد باقر الصدر (ره) أكمل مسيرته بعد الهجرة في المسيرة النورانية لمدرسة مؤسس الثورة الإسلامية القوات المؤمنة والمقاومة فـي المنطقة وهـذه المرة ليس في العراق فحسب.
هذه الأحداث المتعاقـبة كانت مقدمة لالتزامه بخط الجهاد ومسيرته التي لم يتركها لا في زمن الحرب ولا في زمن السلم ولا في تواجده على الخطوط الأولى ولا في الخطوط الخلفية للجبهات. أبو مهدي المهندس كان بالفعل مهندس الانتصارات العسكرية، مهندس البناء السياسي المستقل، مهندس ازدهار المدن والقرى، ويشهد له في ذلك التراب في سر بل ذهاب وشلمجه وخوزستان وكردستان وأهوار جنوب العراق وشوارع بغداد وتكريت وسامراء وجبال سنجار وحمرين ومكحول والصحراء الغربية والطرقات غير السالكة وأبعد القرى ونقطة الصفر على الحدود، كلها تشهد له ولجهاده المخلص ولمساعيه التي أتعبت الأمريكيين وأعوانهم في الداخل. جهاده كان مرضاة لله سبحانه وتعالى وإطاعة لولي أمر المسلمين وتفقه في الدين ودفاعاً عن الأرواح والأموال وكرامة الإنسان حتى في أصعب المعارك وخدمة المظلومين من كل دين وعرق وقومية.
لقد كان الحشد الشعبي أبزر مثال على جهاده بعد أربعين عاماً، إلى جانب رفاقه المخلصين، بالرغم من كل المعوقات التي أخّرت عـملية تحرير كل المناطق التي احتلها التكفيريّون، إلّا أن القوات الردعية الوطنية تمكنت عام 2017 من تحقيق انتصار صعب ولكن حاســم ضد وحشية داعش. المجاهدون في الحشد الشعبي على الرغم من كل التهديدات الداخلية والخارجية، تمكنوا من تسجيل ملاحم بطولية من خلال وقوفهم جنباً إلى جنب مع وحدات القوات المسلحة العراقية، وبدعم سخي مــن إيران الإسلامية وقوى المقاومة والقادة المضحين وعلى رأسهم الشهيد الفريق الحاج قاسم سليماني.
لقد بنوا العراق مرة أخرى على أكتافهم وأعادوا هـيبته التي فقدها وكعضو رسمي قوي في الهيكلية العسكرية للعراق وقف تشكيل الحشد الشعبي سداً منيعاً ضد أي شكل من أشكال العدوان على أمن وسيادة أراضي العراق وسلامـة شعبه ليصل العراق إلى درجة من القوة لا يعيد فيها فـقط وحدته المسلوبة بل يساهم في تعزيز سيادة وأمن جيرانه عن طريق حفظ الحدود وإنهاء الأنظمة السياسية المتخلفة ذات الخلفية التكفيرية، وفي النهاية أصبح حلقة في سلسلة المقاومة القوية في المنطقة غير القابلة للتفكك.
هذه الحلقة الجديدة تصدّت لكل مساعي الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الماضية لإضعاف الحفاظ على أسس العراق وتقويض البنية العسكرية والأمنية له، وفرض مشروع التقسيم الإقليمي والسياسي والعسكري والاجتماعي للعراق في ظل الاحتلال والجهل والتكفير والتدمير والقتل. وعليه بدأت المنظومة السياسية الأمنية العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية بتنفيذ تهديدات أعلن عنها بشكل جدي صيف 2019.
كان على العراق العودة إلى الوراء، والتراجع عن سياسة طرد القوات الأمريكية وعن تثبيت القدرة في المعركة مع داعش والاستسلام للسياسات الجديدة التي من شأنها أن تحوّله إلى مستعمرة تنهب ثرواتها، ومركزاً للتآمر ضد منطقة المقاومة وبقية الشعوب. أحد الأهداف من ارتكاب العمل المجرم في 3 يناير 2020 كان تدمير أقوى ركائز العراق الموحد وأصل مقاومته الإنسانية أمام الذل، هذه الجريمة بدأت فــي عملية جديدة انطلقت منذ خريف 2019 في مخطط دقيق وواسع. هـذه العملية الجديدة تقوم على ركوب موجة مطالب الشعب المحقة وتحويل المظاهرات في كل المدن إلى أعمال عنف، واستبدال سياسة تعزيز القوانين عن طريق المؤسسات وممثلي الشعب بسياسة فوضى الشارع حيث أُشعلت شوارع المدن والطرقات في وسط وجنوب العراق والمؤسسات الحكومية الرسمية والأمن وأفقدتها مصداقيتها، وفي النهاية وجه الغرباء سهامهم إلى قادة الإصلاح – المجاهدين في الحشد اـشعبي- التي كانت مقراتهم مصدراً لخدمة الـشعب بـل أن بقاء الأمن مرهون بهم.
عملية الإضعاف الـتدريجية للعراق وصلت إلى درجة لا يمكن فيها للعراق التصدي للقصف الوحشي الذي تتعرض له قوات الحشد الشعبي في الحدود الغربية للعراق ولم تعلّق الحكومة على الاعتراف الرسمي الأمريكي بهذه الجريمة بل رأت أن سماء العاصمة العراقية كانت مكاناً لمناورات الطائرات العسكرية الأمريكية. وتمّ تحضير كل شيءٍ لتنفيذ فكرة إغلاق الكريدور (الممر) الأرضي العراقي بـين الجبهات الأصلية للمقاومة وحدود الأراضي الفلسطينية المحتلة، لقد بدأت الولايات المتحدة تنفيذ قرارها الذي اتخذته منذ سنوات وخططت له.
أتباع أمريكا يتنافسون لكسب رضى أسيادهم، وأكدوا لهم أن إي إجراء عسكري جدّي ضد أبو مهدي المهندس وفي الحقيقة ضد الحشد الشعبي وحتى ضد العراق لن يواجه أي ردة فعل خطيرة. لهذا السـبب تجرأت أمريكا على الاعتداء على أمل المظلومين في المنطقة والقادة الكبار في محور المقاومة الحاج قاسـم سليماني وصديقه الوفي المخلص والقديم الحاج أبو مهدي المهندس، قـائد أهم وحدة عـسكرية في الـقوات المسلحة العراقية (الذي صنفته أمريكا منذ سنوات طويلة على قـائمة الإرهابيين) وحاولت اغتيال قادته في عدة عمليات فاشلة فـي قـلب العاصمة العراقية، المنظومة العسكرية الأمنية الأمريكية تحت أمرة الرئيس الأمريكي المتهور عديم الحياء ترامب (وهو لعبة بـيد النظام الصهيوني) استهدفت بصواريخ ليزرية سيارتين غير عسكريتين تحملان وفدين رسميّين إيراني وعراقي.
من لا يعرف أن هـذا العمل هو انتهاك فاضح لسيادة العراق الوطنية وأن هذا الحجم من وقاحة الحكومة الأمريكية لا يمكن أن يتم دون جـبن وخيانة ونفاق أعوان أمريكا. لكن حاشى وكلا أن تسبب شهادة هؤلاء القادة خللاً في جبهة المقاومة الإقليمية والداخلية، هذه الشهادة العظيمة التي وقعت تحت جنح الليل ستكون نوراً يهدينا والأجساد المطهرة التي تمزقت إرباً إرباً واحترقت لشهداء العراق وإيران ستكون جسراً متيناً نعبر من خلاله نحو الهدف النهائي، لأن مدرسة الشهداء تحيي الأمة بالدماء.
التشييع الفريد لشهداء العراق وإيران والخطوة الشجاعة لنواب الشعب العراقي في المصادقة على مشروع إخراج قوات التحالف الأمريكي من البلاد، والمسيرة المليونية (ثورة العشرين الثانية) تحت شعار إخراج القوات الأمريكية والصفعة المُحكمة القوية لحرس الثورة الإسلامية الإيرانية فـي وجه أمريكا بقصف قاعدة عين الأسد كانت من ثمار هذه الشهادة المباركة.
نحن عائلة الـشهيد أبو مهدي نعلن من خلال الثقة والقوة التي منحتنا إياها شهادة والدنــا وبالدعم الذي نتلقاه من الشعب العراقي الشجاع والمقاوم: بأن كل شخص عقد آماله على جنون أمريكا وغطرسة الصهاينة في العراق والمنطقة وقامر بعزّته وكرامته الإنسانية فأنه واهم واهم واهـم… إلى آخر نفس وكل شخص يفاوض من أجل إضعاف الحكومة العراقية سيرحل الآن أو لاحقاً لكن العراق سيبقى موحداً، وكل شخص يسعى إلى تدمير القوات المسلحة العراقية فأنه أحمق ساذج، وكل شخص يخطط لحل الحشد الشعبي وإزالة أنشطته فأنه سيزول والحشد الشعبي سيبقى حتى ظهور الإمام المهدي (عج). وليعلم قتلة الرجال الشرفاء، وليعلم قساة القلوب أن نداء السيدة زينب (ع) سيتحقق: (وهل رأيُّك إلّا فَنَد، وأيّامُك إلّا عدد، وجمعك إلّا بدد)، النصر أمر حتمي لمدرسة المجاهدين في طريق الحق، وستضرم نار جهنم في رأس الولايات المتحدة وأعوانها الأذلاء.
ونعلن إخلاصنا للعالم الحكيم والشجاع وقائد هذه الأمة والجبهة العظيمة السيد الإمام الخامنئي أدام الله ظله الشريف، والانتقام الشديد لهذه الجريمة سيكون بالضبط ما ذكره الإمام: (يجب أن ينتهي التواجد الأمريكي المفسد في المنطقة)
نحن زوجة الشهيد وبناته الأربع ممتناتٍ للثورة الإسلامية التي عشنا في ظلها لسنوات طويلة، ثورة الاستقلال والعزة والكرامة، ونعتبر والدنا وبكل فخر جندي في طريق الثورة الإسلامية. ونرى أن تصادف يوم أربعين شهادته مع ذكرى الثورة الإسلامية انعكاس لإخلاصه للثورة. واليوم وقد اختتمت دمـائه الطاهرة طريق العزة والافتخار بالشهادة نعلن أنّنا نحن زوجته وبناته الأربع جنودك ومستعداتٍ لنفدي بأرواحنا هذه الجبهة.
نقول للسيد حسن نصر الله سيد وروح المقاومة الذي يجسد بعزمه وإرادته عزم الإمام الحسين (ع) في طريق كربلاء، كما قال والدنا إنّنا نتابع مسير هذا المشروع الممتد من السماء إلى الأرض، وكنا ولازلنا وسنبقى إلى جانبكم.
نقول للسيد عبد الملك الحوثي القائد المجاهد الشريف الذي أرعب بمجاهدته أكثر الأعداء شراً وأخجل الصبر بصبره، نقول نحن معك ومعك وليس مع أعدائك. ونمد أيدينا نحو مجاهدي طريق الحق الذين أحيونا.
نقول للمجاهدين الشجعان في الحشد الشعبي الذين أثبتوا أن شائعات القلوب المريضة لا تهزهم، ولا يخافون لائمة لائم، نقول إنّنا ننحني إجلالاً وتكريماً لصمودكم ونعلن وقوفنا بجانبكم حتى النهاية، وأعلموا أنه كما كان يعتبر الحاج أبو مهدي المهندس نفسه بمثابة أخ وأب لكم بعشق فأنه بشهادته المظلومة سيبقى سنداً دائماً لكم. بوالدنا الشهيد أبو مهدي وأمثاله يحيى مفهوم الشهادة وسنبقى على العهد إلى يوم نلتقي من جديد ويمسح بيديه الكريمتين الغبار عن وجوهنا.
(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)