تحقيقات وتقارير
يختصر برنامج عقود الزواج الالكترونية الذي أطلقه مجلس القضاء الأعلى عبر محاكمه مؤخرا الكثير من الحلقات الروتينية، هادفا إلى تخفيف الزخم عن المحاكم من جهة، وتذليل الإجراءات وتبسيطها للمواطن من جهة أخرى، وهو في شكل آخر يشكل مواكبة مهمة للتطور التكنولوجي في العالم.
ويتيح البرنامج الذي أطلقه القضاء بدء معاملة الزواج بملء استمارة من البيت وعبر الانترنت، على عكس الإجراءات السابقة التي تسبب إرهاقا للمقبلين على الزواج.
ويقول القاضي علي خليل سلوم إن "مشروع عقود الزواج الالكترونية الذي رعاه مجلس القضاء الأعلى يعد تجربة رائدة وتحولا نوعيا وجذريا في آلية عمل المحاكم العراقية من خلال الاعتماد على أنظمة الحاسوب وشبكات الاتصال الأمر الذي أضفى إسهامة رائعة وجانبا ايجابيا على انجاز عقود الزواج".
وأضاف سلوم في حديث إلى " أن "عقود الزواج كانت قبل هذه الخدمة الالكترونية تتطلب حضور الخاطبين إلى مقر المحكمة وتقديمهم طلبا بذلك ومن ثم تتم إحالتهم إلى المراكز الصحية المعتمدة وانتظار ورود الإجابات بالإضافة إلى مفاتحة دوائر الأحوال المدنية حول الحالة الاجتماعية للخاطبين وما يترتب على ذلك من جهد وتأخير إضافة إلى ما كان يرافق ذلك من محاولات البعض من ضعاف النفوس استغلال الإجراءات المطولة من خلال إيهام المواطن بإمكان انجازها بالسرعة وكل ما يترتب على ذلك من سلبيات".
وينوه سلوم إلى أن "مجلس القضاء الأعلى سخر الكثير من الجهد ووفر الإمكانيات في سبيل إنجاح التجربة وتفعيل البرنامج من خلال تهيئة الكوادر الهندسية وكل ما يتطلبه البرنامج من توفير أجهزة الحاسوب وتأمين شبكات الاتصال وتدريب وتأهيل موظفي المحاكم على العمل على هذا النظام الأمر الذي أثمر معه هذا الجهد الكبير بنجاح التجربة".
ويؤكد سلوم أنه "بتطبيق العمل بهذا المشروع أصبح عقد الزواج لا يتطلب سوى الدخول إلى موقع مجلس القضاء الأعلى وملء الاستمارة الالكترونية المخصصة لطالبي الزواج بالمعلومات المطلوبة، حيث تظهر تلك المعلومات فورا أمام الموظف المختص لدى المحكمة والذي ينظم من خلال تلك المعلومات كتب مفاتحة المراكز الطبية المعتمدة لغرض ربط نتائج الفحوصات الطبية إذ يراجع المواطن المحكمة لانجاز العقد بعد ملئه للاستمارة والتقارير الطبية عند توجيه الدعوة له من قبل البرنامج عبر بريده الالكتروني المسجل أو رقم الهاتف الذي دونه في ملء الاستمارة".
ولفت سلوم الى أن "القضاء العراقي وجه المحاكم العراقية بتسهيل الإجراءات واعتماد ما يقدمه المواطن من وثائق وعدم المطالبة بصورة قيد الأحوال المدنية الذي جاء متزامنا مع انطلاق البرنامج الأمر الذي سهل ويسّر انجاز عقود الزواج الالكترونية".
ويشير أيضا إلى أنه "خلال تطبيق البرنامج لم تظهر أي صعوبات سوى بعض الإشكالات الفنية المتعلقة بعمل الحاسبات الالكترونية أو شبكات الاتصال والتي يتم الوقوف عليها فورا وصيانتها من قبل الجهد الهندسي لمجلس القضاء الأعلى والتي عززت من إمكانية البرنامج في وضع الحلول لكل ما يمكن أن يطرأ على النظام مستقبلا".
ويعتقد سلوم أن "برنامج العقود الالكترونية سيشكل اللبنة الأساسية الذي يمكن الاستفادة منه لتعميم تجربة الاعتماد على النظم الآلية والحاسوبية وشبكات الاتصال عبر الانترنيت لربط مختلف دوائر الدولة بالمحاكم الأمر الذي يمثل إسهامة حقيقية في طريق نجاح الحوكمة الالكترونية".
من جانبها، أوضحت منى عبد الحسين مدير قسم تكنولوجيا المعلومات في مجلس القضاء الأعلى أن "فكره المشروع بدأت في أواسط عام 2018 وطبق بشكل فعلي لأول مرة في محكمة الأحوال الشخصية في الكرخ في تموز من العام الحالي".
وأضافت عبد الحسين " أن "البرامج والأنظمة المنجزة في القسم ومنها هذا المشروع هي خلاصة أفكار مشتركة للفريق البرمجي والذي يكمل أفراده احدهم الآخر في الأفكار والانجاز".
وتقول إن "جميع محاكم الأحوال الشخصية في بغداد تعمل بموجب هذا النظام حاليا"، مشيرة إلى أن "النظام منجز بجهود ذاتية بحتة لقسم التكنولوجيا والنظم في مجلس القضاء".
وعن العوائق التي تعترض هذه الخدمة وضعف خدمة الانترنت تقول إن "قطوعات الانترنت لا تشكل عائقا أمام سير النظام بعدما أقدم المختصون الفنيون في البرمجة والشبكات في القسم على إيجاد حلول تقنية تضمن سير الإجراءات بانسيابية لكن المعوقات الحقيقية هي في عدم الوعي الكامل للمواطن في استخدام النظام رغم كثرة التوضيحات التي ترافق الاستمارة المنشورة عبر الانترنت والتي تهدف لتوعية المواطن بسهولة الاستخدام والابتعاد عن ذوي النفوس الضعيفة ممن يعمدون إلى استغلال المواطن وإيهامه بصعوبة الاستخدام".
وتابعت عبد الحسين "أما المعوق الآخر هو عدم جاهزية وزاره الصحة حتى الان في توفير وسائل المرسلات الكترونية لإرسال نتائج الفحوصات الطبية للمقبلين على الزواج للمحاكم، اذ مازال الاعتماد على المعتمد في استلام النتائج في حين إن النظام معد للربط الكتروني واستلام نتائج الفحوصات الطبية الكترونيا، ما يسهل ويختصر الكثير من الوقت والجهد والوقت ويكون في الوقت ذاته جزءا من الحكومة الالكترونية التي تسعى الدولة للعمل بها".
وتزيد بالقول إن "المعوق الآخر هي شحة التخصيصات المالية في تجهيز متطلبات النظام من الاجهزة والحواسيب وخطوط الانترنت"، وتنوه بأنه "سيتم تفعيل العمل بالنظام في كافة أنحاء العراق تباعا حسب توفير متطلبات النظام المادية داخل المحاكم والتنسيق مع المراكز الصحية حول الفحص الطبي".
وعن ماهية الاستمارة تقول إنها "معدة وفق ما هو منصوص عليه في قانون الأحوال الشخصية رقم ( 188) لسنة 1959 وتعتمد الاستمارة على الهويات الثبوتية الرسمية المعتمدة في العراق للمواطن (هوية الأحوال، الجواز، البطاقة الوطنية....).
وتواصل أن "الاستمارة منشورة عبر الموقع الرسمي لمجلس القضاء الأعلى وفي النية بعد اكتمال تفعيل النظام في كافه المحاكم العراقية وضم الاستمارة إلى مشروع تطبيق (الخدمات القضائية) والذي يجري العمل عليه حاليا حيث نجح فريق من مبرمجي القسم في برمجة التطبيقات وسيتم الإعلان عن ذلك لاحقا عبر أول تطبيق خاص بمجلس القضاء الأعلى (المحاكم التجارية) المزمع إطلاقه عبر الهواتف الذكية".
وتلفت الى أن "البرنامج يشكل نقطة تحول وانطلاق في مسيرة القسم الذي يعتبر فتيا بكوادره الذين اعتمدوا مبدأ البحث والتدريب الذاتي ولم يتلق الذوات الذين نجحوا في النظام أية دورات خاصة ولم يتم الاستعانة بأي شركة أو مختص من خارج القسم وقد أسهم الدعم المعنوي من قبل الأستاذ رئيس المجلس ومنذ الورشة الأولى للنظام في تحفيز القدرات لدى الفريق بشكل كبير جدا وتعجيل فتره الانجاز".
وتأمل عبد الحسين "تعاون المواطن ووزارة الصحة والجهات المستفيدة من المشروع مثل وزاره الداخلية في تحديث الحالة الزوجية أو التجارة في تحديث البطاقة التموينية عبر شبكة ربط لتسهيل التبادل الكتروني".