تحقيقات وتقارير
بغداد- واع- حسين محمد الفيحان
حديثٌ ذو شجون بين اصدقاء يجمعهم المقهى فكما يتبادلون اطراف الحديث , يشارك كل واحد منهم بنفس الدخان المنبعث من السيجارة او مجموعة (الاراكيل ) التي تتوزع امامهم بحصته في تشكيل سحابة بيضاء تغطي اجواء المقهى ،اما خارج المقهى فهذه العادة سائدة في الشارع التي تفيد البيانات الرسمية بارتفاع المدخنين فيه الى (8) ملايين مُدخن بين الجنسين في العراق.
من الرغبة الى الادمان
الشاب احمد كريم مواليد 2001 يتحدث لـ(واع) عن كيفية ادمانه السكائر فيقول " في البداية كان اصدقائي يدخنون، واصبحت لدي من خلالهم رغبة بالتدخين ،وعند تجريبي لذلك و مع مرور الوقت تحولت الرغبة الى عادة ثم ادمان وانا غير قادر على تركها الان" .
التدخين و الولع به عادة تجمع الشيوخ و الشباب على حد سواء ،وهي رغبة تحولت بمرور الوقت الى عادة يصعب التنازل عن ممارستها ، حتى وصلت حداً يكسر قانون حظر التدخين في الاماكن العامة التي يصعب تطبيقه مع هذه الاعداد الغفيرة للمدمنين على التدخين .
اسلام يحيى ، صاحب مقهى ثقافي في الكرادة ، يتحدث لـواع قائلا "هنا و في هذه المقهى الثقافي انا اضع اللافتات بعدم التدخين وأنوه للزبائن باستمرار بان المقهى غير مخصص للمدخنين وهو خاص للمطالعة و القراءة توجد فيه انواع المشروبات الحارة و الباردة باستثناء التدخين ، ومع ذلك يخالف دوما الزبائن قواعد المقهى بالتدخين بعد انهماكهم بالقراءة او الكتابة" .
و لا يكادُ محل او مركز تسوق يخلو من منتجات التبغ الذي تسبب ازدياد المعروض من انواعه و منتجاته بازدياد اعداد المدخنين الى أكثر من الضعف كما تشير البيانات الرسمية .
احصائيات مخيفة
يحتاج قرار الاقلاع عن التدخين الى بيئة تساعد الاشخاص المعنين على اتخاذ مثل هذا القرار ، وهذا ما قد توفره ايام الصيف الحارة جدا حاليا ، والتي فاقت درجات حرارتها الـ(50) مئوية ،لكن الوضع يختلف في العراق و كأنه يتناسب طرديا مع الحرارة، فكلما ارتفعت درجات الحرارة ارتفع معها اعداد المدخنين .
احصائيات مخيفة لواقع الحال في العراق البعيد عن مسار مكافحة التدخين .
نقيب الاطباء العراقيين الدكتور عبد الامير الشمري يوضح لـ (واع ) عن تلك الاحصائيات المفزعة، قائلا ، أن " اعداد المدخنين في العراق وصل الى (40%) من نسبة عدد السكان فيه و نحو (20%) من طلاب المدارس الابتدائية و المتوسطة و الثانوية (الذكور) هم من المدخنين ،اضافة الى نسبة (15%) من طالبات المدارس (الاناث) يمارسن التدخين ايضا" .
و اضاف، أن "العراق لازال بعيدا عن المسار الصحيح لمكافحة التدخين، و نحتاج الى تطبيق قانون مكافحة التدخين بشكل صارم و حاد ، لان التدخين اصبح يمارس الان في الاماكن العامة المغلقة و المستشفيات بل وحتى بالردهات التنفسية" .
اجراءات امنية
يقول قائد عمليات بغداد الفريق جليل الربيعي لـ(واع)،إن " قيادة عمليات بغداد اصدرت تعليماتها منذ بداية العام الجاري الى اصحاب المقاهي بعدم السماح بدخول الاطفال (الحدث) دون سن الـ(18) عاما لأي مقهى و كوفي شوب ،وكذلك الزمت اصحابها بوجوب غلقها قبل منتصف الليل في الساعةـ(11) ليلا وهي تحاسب المخالفين على ذلك اضافة الى الذين لا يملكون اجازات رسمية بالغلق النهائي" ، مبينا ان " ذلك جاء بعد ان اصبحت اعددا من هذه المواقع وكرا للجريمة المنظمة و تداول بيع المخدرات التي تكافحهما مع وزارة الداخلية بتشكيلاتها المعنية في الشرطة المجتمعية و النجدة" .
ازدياد اعداد الوفيات و الامراض
المتحدث باسم وزارة الصحة و البيئة الدكتور سيف البدر ، اكد لـ(واع) ، عن الاحصائيات التي تشير بتزايد اعداد المدخنين للسكائر و الاركيلة ، فيقول ،إن " "المخيف في الموضوع هو تزايد اعداد المدخنين بين الاعمار من (15_ 30) سنة ، من المجموع الكلي الذين يتراوح من (7_8) مليون مدخن لجميع الاعمار" ، مشيرا الى ،أن " هذه الاحصائية و الارقام غير دقيقة وبالخصوص للفتيات (الاناث) بسبب اعتبارات اجتماعية تضطرهن للتدخين بالخفاء".
و اضاف، أن "ازياد اعداد المدخنين يعود الى انتشار و اتساع ظاهرة شرب الاركيلية اضافة الى صناعات جديدة ظهرت منها السيجارة و الاركيلة الالكترونية التي لم يثبت عليما انها عديمة المضار و التي يتناولها من لم يكونوا مدخنين اصلا " ، لافتا الى أن " هذه الزيادة المخيفة ستزيد من اعداد الوفيات و الامراض الخطرة (السرطانية و الرئتين و الجهاز الهضمي) " .
اجراءات وزارة الصحة
و عن اجراءات وزارة الصحة و البيئة في مكافحة هذه الظاهرة اوضح البدر أن "الامر يتطلب تعاون جميع المؤسسات و اهمها الامنية مع الوزارة" ، مبينا أن "وزارة الصحة و مع قلة مواردها لذلك فهي تسير بخطوات توعوية تحذر المجتمع من تلك المخاطر القاتلة و المميتة مع وجود توجه جاد من قبل السيد وزير الصحة و البيئة و الذي اجرى عدة اجتماعات و ورش مع خبراء عالميين في منظمة الصحة العالمية في جنيف و بالتنسيق مع مكتب منظمة الصحة العالمية في العراق بتفعيل الكثير من القوانين التي تكافح هذه الظاهرة و اهمها رفع نسبة الضرائب على كافة انواع السكائر و التبوغ الداخلة للبلاد حيث ان هذه الضرائب ستفيد الوزارة بزيادة حملاتها التوعوية و الارشادية" .
فلا تستغرب اذا طلب احد منك قداحة او سيجارة ، لان المدخنين يعتقدون ان الجميع مدخنون مثلهم حتى ان التدخين تحول الى ثقافة يحاول كل مدخن ان يتميز بالنوع الذي يدخنه ، كما يمكن من خلال علبه السكائر التي يحملها المدخن ان تعرف ثراء صاحبها من فقره .