النجف الاشرف- واع - حيدر فرمان
في مكان ما بمنخفض بحر النجف تقبع مملكة الحيرة المنسية، إحدى الحضارات التي أقيمت على ضفاف نهر الفرات عام مئتين وستين بعد الميلاد، وكالة الانباء العراقية (واع) توغلت في عمق هذه الحضارة لمعرفة اسرارها وموقعها وما تبقى منها، وكان لها لقاء مع مدير مفتشية اثار محافظة النجف والذي تحدث عن تلك المملكة قائلا: ان " مدينة الحيرة لم تكن مدينة مسورة وكانت مدينة واسعة تمتد الى مسافات كبيرة وكانت مركزا للديانة المسيحية وخاصة المذهب النسطوري حيث كشفت التنقيبات الاثرية في عام 1931 و 1957 و 2017 التي قامت بها بعثات اجنبية وعراقية عن وجود مواقع اثرية مسيحية غاية في الاهمية " مشيرا " ان الكثير من هذه المواقع تحتاج الى التنقيب والكشف عن مكنوناتها وماتضم من اثار تعود الى هذه الفترة التاريخية المهمة ، وهذه الاثار مرتبطة بالسيد المسيح عليه السلام وقد عاش سكان هذه المنطقة لفترة طويلة ولكن بعد الفتح الاسلامي ومجيئ خالد بن الوليد الى المنطقة قد خير اهلها بين دفع الجزية والبقاء على دينهم المسيحي او التحول الى الدين الاسلامي وقد اختار اكثرهم دفع الجزية والبقاء على دينهم المسيحي وعاشو جنبا الى جنب مع المسلمين وهذا دليل على وجود التعايش السلمي في هذه المدينة منذ مئات السنين".
والبحث عن المملكة المخفية تحت الرمال بدأت منذ عام 1900 ولكن الأدلة المكتشفة لم تكن كافية للبوح عن أسرار ذلك المجتمع الغامض وحتى عام 1934 عثرت بعثة دولية من جامعة اكسفورد على آثار لكنيستين جنوبي النجف، ويذكر المنقب الاثاري ياسر محمود ماجاء في المراجع والروايات عن تلك المملكة قائلا:" تعتبر مدينة او مملكة الحيرة في محافظة النجف الاشرف من المدن التاريخية المهمة ويرجع تاريخ ظهورها وتطورها الى الفترات التي سبقت الاسلام وكانت تحديدا مدينة الحضر في شمال العراق ومدينة الحيرة في الجنوب".
ويتابع : ان " اغلب الاثار تشير الى ان مدينة الحيرة الاثرية توجد في مدينة النجف كما اظهرت التنقيبات قبل فترة قصيرة لت هناك العديد من المواقع التي تؤكد وجود الابنية التي ذكرت في التاريخ وذكرها المؤرخون والشعر العربي وهي ابنية مسيحية والتي دلت عليها الصلبان ووجود بعض اللقى والقبور ايضا بعضها ترجع الى الفترة المسيحية " .
واوضح محمود ان " مملكة الحيرة كانت موجودة الى مرحلة الدولة العباسية وقد تم العثور على اثار ومسكوكات ترجع الى الفترة الاموية والعباسية في داخل اديرتها التي اكتشفت حديثا في جنوب مدينة النجف، وهذه التنقيبات علمية اظهرت العديد من المعلومات الجديدة عن تاريخ مدينة الحيرة والديار المسيحية بشكل عام " .
وحول قصر الرحبة يفيد محمود " هناك العديد من الابنية لدينا في العراق بشكل عام البعض منها تاريخها مبهم ومن ضمن التواريخ المبهمة هو قصر الرحبة وهناك روايات في الكتب والمراجع تشير الى انه شيد في زمن محمود الرحباوي في سنة 1700 ميلادية تقريبا وهناك راي اخر انه قد اتخذ منه مسكنا والراي الاثاري يقول انه كان يقع على طريق الحج البري طريق زبيدة والمعالم الموجودة في هذا القصر هي الاقواس الاسلامية لذلك ربما يرجع الى الفترة العباسية " .
ويتابع محمود ان" العديد من البعثات والزائرين والسياح الاجانب ياتون الى هذه المناطق وربما لو هيئت تلك المواقع الاثرية واجريت التنقيبات اعيد بناء المواقع الاثرية المهدمة ربما ستكون هناك زيادة في اعداد الزائرين وخاصة الاجانب ويكون هناك موارد اقتصادية تعود بالفائدة للبلد " .
ويؤكد " العراق لديه العديد من الاتفاقيات مع الجانب الاوروبي والاميركي والاسيوي ايضا ولدينا هنا في محافظة النجف اتفاقيات مع الاجانب من ضمنها معهد الاثار الالماني في برلين اجرى مسوحات في عامي 2016 و 2017 وربما ستكون هناك تنقيبات في سنوات لاحقة وهم مهتمين بشكل كبير بمدينة الحيرة وبوجود تلك الابنية المسيحية " .
يقول المنقب اسعد عباس ان " سكان مملكة الحيرة أسسوا فكرا مسيحيا خاصا بهم سمي بالمذهب النسطوري والذي خالف معتقدات دينية في الكنائس الرومانية و القبطية"، مضيفا " في بادئ الامر مدينة الحيرة كانت تقطنها القبائل العربية وبعد ذلك جاء المبشرين بالمسيحية الى مدينة الحيرة خصوصا المبشر نسطوريوس الذي نشر الديانة المسيحية في هذه المدينة والديانة المسيحية اصبحت رسمية في هذه المدينة ."