تحقيقات وتقارير
بغداد- واع- حسين محمد الفيحان
يتميز الافطار العراقي بنكهة خاصة و بتنوع الاطباق باختلاف الاذواق فمنها الحلو والحامض والمالح ، وهناك العديد من الاطباق التي يتميز العراقيون بها عن غيرهم وخصوصا البغداديين ومنها (الكاهي و القيمر) و (الباقلاء بالدهن الحر) ، فهما طبقان شعبيان يزداد الطلب عليهما في المناطق الشعبية والراقية معا .
والعمل لإعداد هذين الطبقين يحتاج الى وقت طويل نسبيا ليكون طازجا فالطباخ عليه ان يستعد في وقت مبكر اي منذ الرابعة صباحا حتى يبدأ العمل بإعداد وجبة الفطور، اذ يبدأ اصحاب الافران وعمالهم بتحضير عجينة (الكاهي) وقليها بالدهن في افران خاصة ، واعداد (الشيرة) وهي عبارة عن سكر منقوع بالماء الساخن ، ما يمنح (الكاهي) حين يسكب عليه وهو ساخن رائحة وطعما خصوصا عندما يقدم مع ( قيمر العرب).
اما (الباقلاء) فيتم بتنقيعها بالماء قبل يوم ثم توضع في قدر مع الماء لتسلق على نار هادئة منذ الليل لتقدم مع الخبر المنقوع في مائها والمسكوب عليه ( الدهن الحر والبيض ).
(الكاهي و القيمر)
يعد طبق (الكاهي و القيمر) أحد ابرز وجبات الإفطار الصباحي، و يطلق عليه احيانا (فطور العرسان) وتقدم للضيف العزيز القادم من المحافظات او من خارج البلاد .
علي جواد - صاحب فرن و محل الكرادة لإنتاج و بيع (الكاهي) يقول لـوكالة الانباء العراقية (واع) : إن "الكاهي ، هو الفطور المفضل للبغداديين واكثر المحافظات "، وأشار الى ان "زبائنه يتقاطرون على محله يوميا منذ ساعات الصباح الأولى وعلى مدى عقود ".
واضاف أن "عمل الفرن يبدأ منذ الرابعة صباحا و حتى الثانية عشرة ظهرا ".
ويمتزج القيمر مع الكاهي الساخن ، ليمنحه نكهة عراقية مميزة بطعم خاص يتفرد بها ابناء الرافدين صباحا.
احمد عبد الحميد احد زبائن محال بيع (الكاهي) يتحدث لـ(واع) , قائلا : (الكاهي و القيمر) من الاطباق التراثية البغدادية التي ظهرت منذ اربعينيات القرن الماضي، فلا يمكن لأي بغدادي ان يترك تناول (الكاهي و القيمر) و لو مرة في الاسبوع ، فأنا قدمت من سيدني الى بغداد قبل يومين و كان في مقدمة اهتماماتي و اشتياقي ان يكون فطوري ( الكاهي و القيمر) طوال ايام بقائي في بغداد او اغلبها .
وينتشر عدد من المحال التي تقدم (الكاهي) و لها عُمالها المتخصصون به .
طبقٌ من الاكلات المتوارثة عبر الاجيال ، اصبح جزءا من العادات و التقاليد العراقية .
نهاد حسين احد اسطوات (الكاهي) يبين تميز هذا الطبق عراقيا عبر حديثه لـ(واع) , فيقول : إن "ما يميز طبق (الكاهي) العراقي عما هو موجود في بقية الدول هو شويه بالفرن الحجري او الكهربائي، بينما في سوريا و مصر و الاردن و دول عديدة يقومون بقليه بالدهن .
لا يعرف اصلُ اكلة (الكاهي و القيمر) و متى اكلها العراقيون اول مرة ، لكن ما يعرف هو انها ضمن قاموس الاكلات الصباحية العراقية.
(باقلاء بالدهن الحر)
كذلك يُعمِرُ العراقيون موائدهم بالأكلات الدسمة و المختلفة صباحا ، عما هو مألوف وشائع ، فتشريب (الباقلاء بالدهن الحر) من اشهر الاكلات البغدادية و العراقية القديمة، وغالبا ما يتناوله العراقيون صباحا ،حيث استطاع ان يأخذ هو الاخر حيزا في وجباتهم الصباحية .
_عدي محسن ، زبون دائم لمطعم قدوري يقول : "فطوري المميز( الباقلاء بالدهن الحر) و هي اكلة مشهورة منذ اكثر من خمسين عاما و قد تعودنا عليها فهي مليئة بالدهن و البيض و الخبز اضافة الى الباقلاء" .
اما ، سمير كريم ،فيقول :إن "وجبة الصباح هي اهم الوجبات في اليوم ،لانها تعطيك الطاقة و تسندك للعمل و خصوصا اصحاب الاعمال الشاقة و المجهدة و بذلك يجب ان تكون (دسمة) كالباقلاء بالدهن الحر ، لتوصلك الى وجبة الغداء التي قد تتأخر دون الشعور بالجوع ".
و تختلف اكلة (الباقلاء بالدهن الحر) في بغداد من مطعم لأخر ، فلكل مطعم زبائنه و رواده ، كما انها تختلف ايضا عن تلك المقدمة في المحافظات ، ففي بغداد وفي بعض مطاعمها يقوم الزبون بتقشير الباقلاء بنفسه وكذلك هو من يقوم بتقطيع الخبز في تشريب الباقلاء ليشعر بالارتياح والنظافة ، و في مطاعم اخرى يجد كل شيء جاهزا بمجرد طلبه للأكلة من صاحب المحل ،كما ان نوعيات الدهن الحر المستعملة تؤثر جدا على نكهتها و طعمها الخاص.
و للصباحات العراقية نكهة خاصة تحمل طعم و رائحة (الكاهي و القيمر ) او (الباقلاء بالدهن الحر) ,فهذه هي اهم الاكلات التي يأكلها البغداديون في افطارهم الصباحي او كما يسمى بـ(الريوك) العراقي ،و لا تختم طقوس (الريوك) البغدادي الا بشرب الشاي المهيل الذي يعشقونه كثيرا .