تحقيقات وتقارير
بغداد- واع - حسين محمد الفيحان
انتشرت في اسواق بغداد والمحافظات تجارة الكمأ ،الذي غاب عنها منذ اعوام ، فكلما امطرت السماء تزايدت كميات المعروض منه في العاصمة بغداد ،.. مجاميع من الباعة يفترشون ارصفة الطرق الرئيسة، مشكلين اسواق موسمية لبيع الكمأ او كما يعرف محليا بـ (الجمة) , والذي ازداد انتاجه في البلاد هذا العام بنسبة كبيرة قياسا يالاعوام الماضية التي شح فيها ، وكنا معروف فان الكمأ نبات موسمي يظهر في صحاري البلاد الشرقية والغربية مع سقوط المطر و ينتهي بانتهائه و دخول فصل الربيع .
علي الهلالي ، من محافظة المثنى بائع (كمأ) في بغداد ، يقول لوكالة الانباء العراقية (واع) : انا و افراد عائلتي نبيع الكمأ منذ اكثر من ثلاثين عاما، حيث ننتظر سقوط الامطار من عام لأخر، من أجل الحصول عليه ، و في هذا العام تحديدا كمياته كثيرة جدا والحمد لله و تزداد يوما بعد اخر بحيث نبيع منه يوميا اكثر من طن عن طريق البيع بالجملة.
واضاف "أنا و اخوتي و معنا شركاء مقيمين هذه الأيام هنا في بغداد ونذهب كل يومين الى محافظة المثنى ، لنأتي منها بـحوالي 20 طن، بعضه نستخرجه من صحراء (نقرة السلمان) او عرعر من خلال عمال تابعون لنا هناك و البعض الاخر نشتريه من سوق (الجمة) في مدينة السماوة بسعر مناسب , لنبيعه في بغداد" .
اما سعد ملال، بائع اخر للكمأ يقول لـ(واع) ،أن " (الكمأ) يظهر كل عام في نهاية شهر (كانون الثاني) , لكن هذه السنة ظهر بداية شهر (كانون الاول) ما تسبب بوفرته" ، مبينا انه "يظهر في الديرة و الصحاري الشرقية قبل الغربية بحوالي 30 يوم".
واشار الى ان "الجهة الشرقية تمتاز بنوع (الزبيدي) , بينما الغربية بـنوعي (الاحرق)و (الشحمي) والأخير هو الاكثر طلبا لانه سهل التنظيف ومذاقه الافضل" .
عدد من الشباب العاطلين عن العمل يأتون من المحافظات الوسطى و الجنوبية والغربية للعاصمة بغداد، لبيع (الكمأ) والحصول على رزقٍ لهم من خلاله، بعد إن أصبحت شهاداتهم الجامعية وثائق للحفظ فقط .
خليل ابراهيم، حاصل على شهادة الماجستير في التأريخ , يقول : "نخرج كل يوم من الفجر الباكر من الفلوجة، لنأتي إلى بغداد , فنبيع ما نجلب معنا من كمأ جملة او مفرد (حسب السوق) ثم نعود ليلا، و هكذا الحال , والسبب عدم حصولي على وظيفة او تعيين يناسب شهادتي الجامعية العليا"، مبينا ان "مضايقات كثيرة يتعرض لها بائعوا الكمأ من قبل امانة بغداد رغم ان بيعهم موسمي، تتراوح أيامه بين الشهر و النصف او الشهرين، ما يضطرهم لافتراش الارصفة بعد نهاية الدوام (بعد الثانية ظهرا) او بيعه بنصف قيمته".
واضاف ،ان "مناطق ظهور الكمأ في الجهة الغربية هي (الرحالية) و (النخيب ) و (الرطبة) و (الثرثار)" .
و عن المضايقات التي يتعرض لها باعة (الكمأ) , اتصلنا بأمانة بغداد، فاوضح لنا المتحدث بأسمها حكيم عبد الزهرة , قائلا : ان "عمل هؤلاء الباعة و اتخاذهم من ارصفة الشوارع اسواقا لهم يعد تجاوزا على القانون , مع وجود علاوي و اسواق في جميع مناطق بغداد مخصصة لبيع الخضروات بانواعها , و بامكانهم البيع هناك و ليس على جوانب الطرقات ", مبينا ان "امانة بغداد لا تسمح بذلك مهما كان نوع النبات و تجارته موسمية او دائمية , فهي تنفذ حملات لازالة التجاوزات بكافة انواعها و بذلك تعامل هذه الحالة على انها تجاوز فتصادر ممتلكاتهم منعا لتشويه مظهر العاصمة بغداد" .
المواطنون أكدوا ان اسعار الكمأ هذا العام مناسبة لكافة مستويات الدخل و خصوصا المتوسطة و الاقل منها .
المواطن انمار عبد المحسن (53) عاما، أكد ذلك لـ(واع) بقوله : أن "اسعار الكمأ مقبولة حالياً و جميع الناس تستطيع شراءه" , مبينا ان "اسعاره حسب الحجم و النوع تبدأ من 4 الاف دينار صعودا الى 25 الف دينار".
وتمنى "زيادة هذا الخير على العراق و شعبه" .
استاذ المحاصيل النباتية في جامعة بغداد الدكتور عبد الباقي الجبوري، يوضح ل(واع) نمو هذا النوع من النباتات او الفطر ، فيقول: "ينمو (الكمأ ) في الصحاري وغالبا بالقرب من نبات (الرقروق)، حيث يتكون على شكل مستعمرات و مجموعات قوام كل مجموعة من عشر إلى عشرين حبة ، وشكلها كروي لحمي رخو منتظم، وسطحها أملس أو درني ويختلف لونها من الأبيض إلى الأسود و يعرف مكان الكمأة إما بتشقق سطح الأرض التي فوقها أو بتطاير الحشرات فوق الموقع و يوجد على سطح الكمأة تشققات تمتلئ عادة بالتراب، وإذا لم يجمع فإنه يتحول إلى تراب" .
واضاف ،أن "نبات الكمأ او نبات الرعد كما تسميه العرب هو احد انواع الفطريات التي تنمو تحت التربة باشكال و الوان متعددة و ينتشر في العديد من الدول العربية ومنها العراق و تعتبر صحاري محافظتي المثنى و الانبار الاكثر شهرة بظهوره".