تحقيقات وتقارير
بغداد – واع- حسين محمد الفيحان
شارع المتنبي احد اشهر معالم العاصمة بغداد ،يقع وسطها بالقرب من شارع الرشيد ،ويشهد ايام الجمع من كل اسبوع تظاهرة ثقافية من غير موعد مسبق اذ يجمع الادباء و الشعراء و الكتاب و الفنانين و الباحثين عن الثمين من الكتب و المطبوعات القديمة و الحديثة.
الشاعر الشاب محمد السيد احد اعضاء رابطة شعراء المتنبي ، يقول لـ(واع) : "اجد في شارع المتنبي تعبيرا لهمومي و احزاني ، وانا اقف انشد الشعر، اذ يتجمع الناس حولي" ، مبينا ، أن "الحضور في شارع المتنبي وساعة القشلة ،اصبح من العادات الجميلة التي يحرص الكثير على استمرارها لما في ذلك من مواكبة للحركة الثقافية فضلا عن عرض الكثير من الفنانين لأعمالهم الفنية كالرسم و النحت و المسرح و الغناء في اروقة الشارع المخصصة لذلك" .
ويقول الشاعر علاوي كاظم كشيش : "ليس غريبا على من ينشأ قرب دجلة و الفرات ، ان ينبت او ينتج شخصا كالمتنبي الذي تلقى علومه في الكوفة وبغداد ".
واطلق على الشارع الذي يربط مبنى القشلة (المحكمة في العهد العثماني) بشارع الرشيد اسم المتنبي في 1932 في عهد الملك فيصل الاول تيمنا بشاعر الحكمة والشجاعة ابو الطيب المتنبي.
ويعد شارع المتنبي سوقا ثقافية عريقة ، يضم محالا تجارية تحتضن بين رفوفها عديد الكتب و المؤلفات النادرة والثمينة التي تجتذب السياح و المثقفين من داخل و خارج العراق .
وداد حجاج ، اديبة و شاعرة من لبنان ، تزور العراق حاليا ، كانت حاضرة في شارع المتنبي ، تحدثت لوكالة الانباء العراقية (واع) بالقول : "رب العالمين أكرمني و رأيت هذا الشارع الرائع الذي يجعلك تشعر انك في قلب التأريخ و انت تمشي فيه ، فان الصور تتراكم في رأسك و مخيلتك و تتراجع معها للوراء الى ايام سوق عكاظ و العباسيين ، فضلا عن ان الثقافة و الحضارة في العراق تشاهدهما على الارض و الواقع عبر هذا الشارع "،مبينة انه " شارع يختزل التأريخ ".
تعرض الشارع كغيره من الاماكن في بغداد بعد العام 2003م الى تفجيرات ارهابية ، فشهد اثر ذلك فترة من السكون و الركود وعزوف البعض عن ارتياده ، لكنه سرعان ما عاد طقساً ثقافياً اسبوعياً يستيقظ صباح كل يوم جمعة بفعالياته المتنوعة للشعراء والادباء بالإضافة الى الاحتفاء بالفنانين و الاعلاميين الرواد ليعطي صورة ان الشارع و اروقته لم يعد مكانا لبيع وشراء الكتب فحسب وانما ملتقى يجتمع فيه اغلب المثقفين من بغداد و المحافظات بلا موعد.
سلوى البدري اديبة عراقية، تقول : "كل ما تبحث عنه تجده في شارع المتنبي وكذلك تزور الوفود العربية والاجنبية هذا الشارع عند قدومها العراق وذلك يدل على القه وعودته بعد سنين من الارهاب و الحرب".
وعن بيع الكتب و اقتنائها من قبل رواد الشارع و القراء.
التقينا صاحب اشهر دار كتب في الشارع ،احمد عبد الوهاب راضي ،الذي يملك ويدير دار الكتب العلمية للطباعة و النشر و التوزيع فتحدث لـ(واع)، قائلاً : إن "مكتبتي تضم عشرات الالاف من العناوين لكتب تطال مختلف الاختصاصات و المجالات، وإن والدي قد اسس هذه المكتبة في ثمانينيات القرن الماضي ،وبعد اكثر من عشرين عاما اديرها اليوم بنفسي".
واضاف أن "مبيعات الكتب في الشارع جيدة جدا ، الا انها تأثرت قبل سنين في الأعمال الارهابية لتنظيم القاعدة المتطرف ، وكذلك بعد ظهور تنظيم داعش الارهابي ،ففي الخامس من اذار عام 2007 ، هزَّ تفجير ارهابي الشارع مخلفا عشرات الشهداء والجرحى ،كان من بينهم موظفون في مكتبتي ،اضافة الى خسائر مادية تقدر بملايين الدنانير للمكتبات الاخرى، و اليوم و بعد القضاء على تنظيمي القاعدة و داعش الارهابيين نهائيا ، تعود حركة الشارع والمبيعات لما كانت عليه و افضل" ،مبينا أن "استيراد الكتب براً من بيروت يستغرق 7 ايام ".
وعن الكتب القديمة اوضح احمد "لدي كتب تعود لـ 400 سنة ، مكتوبة بخط اليد وذات قيمة عالية جدا "، مؤكدا ،أن "العراق قياسا لباقي البلدان العربية ، هو الاكثر قراءة من بينها ،وسوقه الاقوى بالبيع" .
عبق يمتد عطره لحضارة امتدت الاف السنين ، بإمكان الزائر أن يتنسمها و يشعر بها بين اروقة وجدران هذا الشارع الذي يحتضن تمثال المتنبي الواقع على ضفاف نهر دجلة ، ليروي حكاية شعر وادب وفنون ابتدأت و لا نية لها ان تنتهي.