خان المدلل.. تأريخ وطن تحكيه انتيكات ونفائس قديمة

تحقيقات وتقارير
  • 27-01-2019, 07:50
+A -A
عند دخولك خان  المدلل  في ساحة  الميدان ببغداد حيث سوق هرج او سوق( الانتيكات ) , ستجد صورة الملك فيصل الثاني الى جانب صورة  الزعيم  عبد  الكريم  قاسم , كلاهما معروضتان للبيع و الاقتناء ، و هنا كما يحدث مع جميع  من يدخل الخان ترى متحف  تراثي و بعرض يومي دائم  لم  يتوقف على مدى عقود من السنين سوى بأيام الارهاب التي شهدتها  العاصمة  بغداد  بعد العام  2003م .
سحر اواني النحاس ولمعانها تملأ جوانب عدة من السوق الذي تأسس في اربعينيات القرن الماضي , غير ان خان المدلل أنشىء مطلع  القرن الماضي , مع  بداية  بناية  خانات بغداد و منها خان اللاوند  وخان جغان  , وصار خان المدلل انذاك تجمعا ثقافيا  مشهورا  حتى ان كوكب الشرق  ام كلثوم  غنت فيه مرتين الاولى اغنية (قلبك صخر  جلمود) للراحلة سليمة مراد , و الثانية لبغداد في زيارتها الاخرى لها عام  1946م .
 
 - حليم العزام ذو (60) عاما , احد رواد  هذا  المكان  تحدث  لوكالة  الانباء  العراقية (واع) ومن عشاق التراث البغدادي, قائلا  : "أزور هذا المكان  بأستمرار باحثا عن ما تبقى من اعمال  الصاغة و الصفارين البغداديين قبل خمسينيات القرن الماضي , لان الكثير  من اعمالهم  فُقدت , أجمعها لانها تحاكي تراث العراق في فترات محددة , فهي تحمل صبغة اما سياسية  او فلكلورية  او فنية" .
 كما يبحث الكثير من المقتنيين عن اشياء  نادرة  قد  تكون سجادة ارضية  انيقة  او اثاثا منزليا غريب الصنع والزخارف او قطع  للزينة  او مسبحة  يد , كذلك البعض  يبحث  عن ما يلبي احتياجاته  الخاصة , التي لا يجدها  الا  في سوق  هرج  داخل خان المدلل.
-الموسيقي  سعد السلامي  يقول لـ(واع) : "هوايتي هو البحث بين  الانتيكات فاجد اجهزة راديوات  او مسجلات او الات موسيقية اعمارها  تتجاوز المئة  عام  او اقل , لا يعرف  الكثير  قيمتها , فاشتريها, لاضعها في متحفي  الشخصي الخاص  في البيت".
اصحاب  محلات الانتيكات هواة ايضا  بعضهم  الى  جانب  عملهم الطبيعي ،حيث يخصصون ايام  العطل لمزاولة هواية التبضع و الاقتناء مع مهنة شراء و بيع و تداول الادوات العتيقة التي  غالبا  ما تحاكي  التراث  البغدادي  القديم ، لكن  بصناعات مختلفة و حقب زمنية  متعددة  و بعضها محلي.
 - ويؤكد احد اصحاب محلات سوق هرج للمقتنيات الحاج عبد الله الكرخي ،أن "هذا  السوق يرتاده المئات يوميا , و يزدحم بالالاف ايام العطل من كل  اسبوع , وعملنا مختص بالادوات و الاغراض و الحاجيات القديمة  و العتيقة فقط  التي تبلغ اعمارها من (50) عاما فما فوق, فنشتري  ونبيع  ثرايات وساعات وكرستال وذهب قديم  و فضة واواني طعام وتحفيات و اخشاب وصور وغيرها كانت  في  قصور الملوك  او بيوت  المشاهير في  بغداد و العالم".
وبالنسبة لاسعارها اوضح ،أن "الاسعارها  تختلف حسب الفترة  الزمنية و النوع  و الصناعة" , مشيرا الى ،أن "بعض الانتيكات تُشترى و تباع بالاف الدولارات و هناك العديد  من اصحاب المحلات يتاجرون بها ،وفي بعض الاحيان ترسل الى مزادات عالمية". 
وكيل  وزارة  الثقافة  لشؤون  السياحة  و الاثار الدكتور قيس  حسين ,قال : إن "خان المدلل , انشىء عام  1906م, وقد سمي بهذا  الاسم  نسبة  الى عائلة  (المدلل) في بغداد انذاك", مؤكدا،أن" الخان كان لخزن البضائع و السكن للزائرين من خارج  بغداد , ثم ومع مرور الزمن تحول الى فندق, ثم  صار تجمعا ثقافيا  مع بداية  الاربعينيات , الى ان رممته الحكومة  العراقية عام  1989 , ليصبح  تابعا  لامانة بغداد , ويكون مجمع تجاري خاص بالانتيكات و المقتنيات  العتيقة  التي تحكي  تراث و تاريخ بغداد و المحافظات والعراق بشكل عام ,  وقد زار هذا  المكان  معظم  رؤساء  العراق و سفراء الدول  في بغداد  و الوفود  العربية و الاجنبية في شتى  المجالات و اهمها الثقافية  و الفنية".
واضاف ،أن "وزارة  الثقافة و من  خلال  امانة بغداد و لجنة  الثقافة  في  مجلس  محافظة  بغداد  اعدت  خططا  لتطوير هذا  المكان التراثي البغدادي قريبا".
 اكثر  من مئة  عام  عمر  خان  المدلل و قد اصبح  متحفا  لم  ينقطع  لزبائنه و محبيه و هواته  على مدار  تلك  السنين الا في  ايام معدوات