فرهاد بيربال
ترجمة ماجد الحيدر
كانت إحدى مآثر الاتحاد السوفييتي في عهد لينين إطلاقه في عام 1921 لحملة للقضاء على الأمية بين الكرد، وهكذا، ابتداء من عام 1921 ، أرسل جميع الكرد أولادهم إلى المدارس. ووفقا لمصادر تاريخية ، كان 90 ٪ من الكرد قبل عام 1917 أميين بينما أصبح جميع الكرد بعد الثلاثينيات متعلمين، وفي نهاية العشرينات من القرن الماضي بلغ عدد المدارس الكردية في الاتحاد السوفييتي 44 مدرسة.
منذ منتصف القرن التاسع عشر وما بعده، وبمساعدة الأرمن، بدأ أسلوب النثر والترجمة في الأدب الكردي يتطور بشكل جاد حيث تمت في عام 1857 ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الكردية للمرة الأولى اذ ترجمت من اليونانية إلى الكردية الكرمانجية وطبعت بالأبجدية الأرمينية في اسطنبول من قبل المبشرين والقساوسة الأرمينيين.
على الرغم من أن الأدب والثقافة الكورديين في الاتحاد السوفييتي السابق ولا سيما في أرمينيا ليس لهما تاريخ طويل، إلا أنهما كانا يتمتعان بهوية مميزة في الربع الأول من القرن الماضي، كما لعبتا دورا في تطوير الأدب الكردي بشكل عام
يبلغ عدد السكان الكرد في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق: أرمينيا ، وجورجيا ، وأذربيجان ، وتركمانستان ، وغيرها حوالي مليون شخص. يعتقد معظم المؤرخين أن الكرد وجدوا في القوقاز قبل القرن الحادي عشر في مناطق حول أرمينيا وجورجيا ، وهو ما يعني أن الكرد عاشوا هناك قبل عصر صلاح الدين أيوبي وقبل أن تحتل روسيا أرمينيا وتركمانستان. علاوة على هجرة بعض الكرد إلى أرمينيا من أذربيجان وتركيا بعد ذلك التاريخ.
استنادا على معاهدة گولستان بين روسيا القيصرية وايران القاجارية (1) ، وابتداءً من عام 1813 ، أصبح جزء من جورجيا وأذربيجان تحت سلطة القيصر الروسي. وفي عام 1921 أصبحت جميع المناطق القوقازية تحت سلطة روسيا. كانت هذه الأحداث، فضلا عن الظلم والتشريد اللذين تعرض لهما الكرد، من بين الأسباب التي دفعت الكرد الى التجمع في أرمينيا وجورجيا. معظم الكرد الذين يعيشون الآن في جورجيا ولا سيما في أرمينيا هم من الأيزيديين ، وهناك 50000 كردي يعيشون حالياً في أذربيجان ولا يحق لهم ممارسة ثقافتهم وحقوقهم القومية.
امتلك الكرد في الاتحاد السوفييتي السابق حرية نسبية والحق في كتابة ونشر الأعمال باللغة الكردية مما أدى الى تطور الحياة الثقافية الكردية فيه.
إن العلاقة بين الكرد والأرمن لم تقتصر على الجوار المشترك في الجمهورية الأرمنية السوفياتية ، بل امتدت أيضا الى علاقة اجتماعية وثقافية تعود إلى العصور القديمة ، على غرار العلاقة في أجزاء من كردستان التركية والإيرانية.
منذ منتصف القرن التاسع عشر وما بعده، وبمساعدة الأرمن، بدأ أسلوب النثر والترجمة في الأدب الكردي يتطور بشكل جاد حيث تمت في عام 1857 ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الكردية للمرة الأولى اذ ترجمت من اليونانية إلى الكردية الكرمانجية وطبعت بالأبجدية الأرمينية في اسطنبول من قبل المبشرين والقساوسة الأرمينيين.
أما الطبعة الثانية من ثاني كتاب يترجم الى الكردية بعنوان (ألف باء الكرمانجية والأرمينية) والأرمنية فكانت أيضا باللهجة الكرمانجية وبالأبجدية الأرمينية ، وتم نشرها وطباعتها في اسطنبول أيضا وبمساعدة من المؤلفين والقساوسة الأرمن، وقد صدر باللغتين الكردية والأرمنية.
تميز هذا الكتاب المترجم بالعديد من السوابق: فقد كان أول كتاب تعليمي للأطفال؛ وأول كتاب لتفسير الكتاب المقدس؛ وأول كتاب للتاريخ باللغة الكردية؛ وأول كتاب يتضمن رسوماً توضيحية باللغة الكردية؛ وأول كتاب كردي بالأبجدية الأرمنية؛ وأول قاموس كردي أرمني (ضم القاموس أكثر من 300 كلمة كردية-أرمنية)
وهكذا نجد أن العلاقة بين الكرد والأرمن قد بدأت بالفعل قبل عام 1917 وقبل تأسيس جمهورية أرمينيا في الاتحاد السوفيتي.
أحدثت ثورة أكتوبر الروسية عام 1917 تطورا في حياة الكرد في أرمينيا السوفييتية ، مما أدى إلى تقوية الروابط بين الأمتين المحبتين للسلام. فق نال الأرمن حق الكتابة بلغتهم في جمهورية أرمينيا. كما سمح للكرد، بموجب مرسوم لينين، بالقراءة والكتابة باللغة الكردية ووضع مناهجهم التعليمية ومنشوراتهم باللغة الكردية. باختصار، منذ قيام ثورة أكتوبر، حرص الأرمن بشدة على تطوير الأدب واللغة الكردية في جمهورية أرمينيا.
كان الأرمن الذين يعيشون في جمهورية أرمينيا وتركيا يرغبون في أن تصبح كردستان دولة مستقلة بعد الحرب العالمية الأولى. فقد كتبت مجلة "البلاغ الأرمني" الصادرة بالفرنسية في باريس (المجلد 19-20 -1920) قائلة:
"إن اشتراك الكرد والأتراك في الموقف الديني ليس عذراً مقنعاً يدفع شريف باشا(2) الى التفكير في منح الحكم الذاتي للأكراد، إنه يعتقد بأن هذا الحكم الذاتي من الأفضل أن يكون تحت حضور تركيا ، إن مثل هذا النوع من الحكم الذاتي ليس أكثر من مؤامرة (حيلة) ، علاقة الدين بالاستقلال والحرية الوطنية علاقة ضعيفة واهنة. إن نضال الأمة الأرمينية ليس نضالا دينيا، هدفنا الوحيد هو تحقيق الأمة الأرمنية استقلالها الوطني، ونأمل أن تستمر الأمة الكردية في نضالها من أجل الاستقلال."
كانت إحدى مآثر الاتحاد السوفييتي في عهد لينين إطلاقه في عام 1921 لحملة للقضاء على الأمية بين الكرد، وهكذا، ابتداء من عام 1921 ، أرسل جميع الكرد أولادهم إلى المدارس. ووفقا لمصادر تاريخية ، كان 90 ٪ من الكرد قبل عام 1917 أميين بينما أصبح جميع الكرد بعد الثلاثينيات متعلمين، وفي نهاية العشرينات من القرن الماضي بلغ عدد المدارس الكردية في الاتحاد السوفييتي 44 مدرسة.
تحت حكم لينين حصلت المناطق الكردية في عام 1923 ، على مركز سياسي مستقل وإدارة ذاتية وحكم ذاتي في ما كان يسمى كردستان الحمراء، وعاصمتها مدينة لاتشين، في منطقة ناغورونو كاراباخ. واستمرت منطقة الحكم الذاتي كردستان الحمراء لمدة خمس سنوات في اصدار صحيفة سميت كردستان الحمراء. لكن الكرد خسروا منطقتهم المتمتعة بالحكم الذاتي بعد عام 1929 ، عندما استولى الدكتاتور ستالين على السلطة فالغي الاعتراف بحقوق الأقليات العرقية، وانتهكت الحقوق الثقافية للأكراد، وأمر ستالين بإدارة إقليم كردستان الحمراء من قبل جورجيا وأرمينيا وأذربيجان. وهكذا ، بدأ تشريد الكرد وتعذيبهم مرة أخرى، خاصة في أذربيجان.
في عام 1921 صاغ المؤلف الأرمني هاكوب غازاريان لازو، في مدينة إجميادزين بالقرب من يريفان عاصمة أرمينيا السوفيتية الأبجدية الأرمينية إلى اللغة الكردية ونشرها في كتاب مصور بعنوان "شاميس" وتمت إضافة رموز صوتية خاصة باللغة الكردية إلى الأبجدية الأرمينية في الكتاب. وأصبح "شاميس" من عام 1921 فصاعدا مصدرا أساسيا للأبجدية الأرمنية في أرمينيا السوفيتية، وافتتح العديد من المدارس مثل مدرسة لازو والنادي الكردي حيث طبقت ومورست فيها اللغة الكردية بالأبجدية الأرمنية. وفي عام 1928 ، وبمساعدة الكاتب الأرمني أوربيلي، حلت الأبجدية اللاتينية محل الأبجدية الأرمنية للكتابة باللغة الكردية. تلك الأبجدية اللاتينية صاغها عربي شمو ومارا غوليف. في 1 يناير 1930 ، تم ممارسة الأبجدية اللاتينية بشكل رسمي واستخدامها في أرمينيا وجورجيا ، لكن ممارسة الثقافة واللغة والكتابة الكردية كانت ممنوعة في جمهورية أذربيجان. في باكو ، طُبع أول كتاب كردي في عام 1930.وفي الأعوام 1933-1936 طبعت ستة كتب كردية فقط في تركمانستان.
كان الكرد يشعرون بالارتياح الشديد في أرمينيا ، أكثر من أي جمهورية سوفييتية أخرى. من عام 1929 فصاعدًا ، ازداد عدد الكتب المطبوعة في أرمينيا، وكان لجريدة "ريا تازه-الطريق الجديد" الأسبوعية التي أصدرها الحزب الشيوعي الأرمني (بين 1930-1938 و 1955-1993) دورًا فعالًا في تحفيز الصحافة والترجمة والآداب الكردية.
قبل ذلك التاريخ تم في عام 1927 ، وفي جمهورية أرمينيا السوفيتية أيضا، إنتاج فيلم كردي بعنوان "زاري". كان فلما صامتا بالأبيض والأسود طوله 72 دقيقة وهو من إخراج بيج نازاروف وانتاج ارمينكينو. تحدث الفلم عن حياة البدو الأيزيديين الكرد على حدود الاتحاد السوفياتي (كردستان التركية في 1915). وخلال عامي 1931-1932 ترجمت في تلك الجمهورية أكثر من تسعة كتب من الأرمينية والروسية إلى اللغة الكردية. وفي 1932-1933، كانت هناك 40 مدرسة كردية بها 71 معلمًا كرديًا و 1936 تلميذاً، كما تم افتتاح معهد للمعلمين. وفي عام 1932 جرى تأسيس فرع للمؤلفين الكرد في اتحاد المؤلفين الأرمني. وكان أول عمل يتم نشره رواية "الراعي الكردي" لعربي شمو، تلاه نشر كتاب من 664 صفحة عن الفولكلور الكردي. لقد مثلت سنوات 1932-1938 بحق العصر الذهبي في تطوير الثقافة الكردية في أرمينيا السوفييتية. في عام 1934 ، عقد مؤتمر لمؤلفين أكراد حول الثقافة الكردية والكتابة بالكردية. وفي عام 1937 ، تم بث برنامج إذاعي باللغة الكردية. وانتجت عدة أفلام أخرى باللغة الكردية.
غير ان الاهتمام بالثقافة واللغة الكرديتين وهن بشكل تدريجي منذ عام 1938 مع بواكير الحرب العالمية الثانية ، حيث أغلقت ريا تازه ، وتوقفت طباعة الكتب الكردية. وفوق هذا وذاك، خلال السنوات 1944-1945 ، كانت السياسة الجديدة لحل الثقافة واللغة الكردية تمارس في الاتحاد السوفياتي، حيث نلاحظ أن الأبجدية اللاتينية لم تعد تُستخدم ، وتم استبدالها بالأبجدية السيريلية (الأبجدية الروسية) كما أرسل كتّاب مثل عربى شمو إلى المنفى على يد ستالين.
بعد وفاة ستالين في عام 1956 بدأت عملية طباعة الكتب الكردية من جديد. وأعيد تنشيط البرنامج الإذاعي الكردي كما عادت ريا تازه الى الصدور وجرى إحياء الموسيقى والرسم والأنشطة المسرحية على وجه الخصوص في أرمينيا وجورجيا. في عام 1961 ، كان أكثر من 130 من الكرد السوفييت يدرسون في جامعات موسكو ، ويريفان ، ولينينغراد ، وباكو.
خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن ظهر العشرات من الأكاديميين والصحفيين والمؤلفين والفنانين الكرد في جمهوريات الاتحاد السوفييتي ، وخاصة في جمهورية أرمينيا ، وأصبحوا مشهورين في جميع الأجزاء الأربعة من كردستان، فنشر ميكائيل راشد قصائده في عام 1925 وما بعده وظهرت كارليني شاشان في عام 1929 وأميني أفدال في عام 1932 ، ثم ، كاتب القصة جاسم جليل والروائي عربي شمو في عام 1934 ومابعده. كما ظهر كتاب آخرون مثل حاجي جندي ، وزيري نادري ، وقاتشاد مراد ، والسيدة جيلايلي جليل ، وشاكوري خيدو ، وأردخاني جليل ، وتوسين رشيد ، وأسكاري بويك ، والدكتور جليلي جليل.
المصدر: Farhad Pirbal, The Kurdish Globe, Thursday, 07 August 2008
شهداء وجرحى جرّاء قصف صهيوني على غزة
البتكوين تسجل رقماً قياسياً جديداً
طقس العراق.. أمطار رعدية بدءاً من الغد
الأنواء الجوية: أمطار وانخفاض في درجات الحرارة