* تبحث كثيرا في منطقة اليقين اي يقين تقصد؟
هناك صراع بين العقل والقلب واليقين لايمكن ان يستوعبه العقل ، الانسان كائن عقلي ربما اذا اراد ان يبحث في منطقة اليقين ستكون هناك مصدات عقلية تمنعه من الوصول الى هذه المنطقة
* وهل يمنع العقل الوصول الى منطقة اليقين؟
لا: اليقين في القلب وليس في العقل في خطاب الذات الالهية عندما قال على لسان النبي ابراهيم ربي ارني كيف تحيي الموتى فجاءه الجواب قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ، الان انظر الى المفردتين ، اولم تؤمن ،هنا الايمان هو جزء من اليقين الذي جاءه من الذات الالهية ، قال بلى ولكن ليطمئن قلبي، ومن هنا فان اليقين في القلب وليس في العقل لذا فان القلب هو مجموعة العواطف المضطربة والبحث عن اليقين عند الانسان ربما فيه متاهات لان الانسان باحث عن الحقيقة منذ وجد والى الان لذلك فان اليقين هو امر" قلبي " في القلب وليس في العقل،هذه الفكرة من جانبها الديني،اما الجانب الاوسع لها فيبقى مفتوحا وخاليا من الاجوبة القاطعة !!!
* انت الان تسحبني الى عالم سرمدي ؟ من اين تاتي للانسان قوة تدفعه الى عالم اخر مغاير تماما عن الواقع الموجود؟
لاحظ ان السومريين والمصريين كانو يؤمنون بحياة اخرى، لذلك هم لجأو الى التحنيط وهذا موجود في الميثولوجيا الشعوب المشرقية، والقصد ان الانسان بطبيعتة يفكر بالحياة الاخرى، وطبعا النص القراني حسم هذا الموضوع لكن الانسان كباحث بقي في دوامة البحث المتواصل بين منطقة الشك واليقين هذه الثنائية قادت الانسان الى متاهات كبيرة وكثيرة ،وهو الى الان بمتاهات البحث عندما يذهب الى التاريخ الضارب في الجذور بملايين السنين فهو باحث بهذا الموضوع و نحن نؤمن بما جاء بالكتاب الذي قطع هذا البحث لكن النفس البشرية تبقى باستمراية البحث لان المنطق قلبي وليس عقلي وهنا الصدام بين العقل والقلب والعقل يذهب بك الى متاهات كبيرة وجارفة .
* في اي العوالم تحديدا يخوض الشاعر او يبحث؟
الشعر ليس له منهجية فهو عالم مفتوح على كل الاتجاهات وليس اقصد هنا الاتجاهات الاربعة وانما الستة واقصد بها الاعلى والاسفل اضافة الى الاتجاهات الجغرافية الاربعة فهو بالتالي يختلف من شاعر لاخر لان هناك من يكتب اليوميات وهناك من يكتب الوجدانيات وانا لا اؤمن بهذه التصنيفات لان الشاعر شاعر وانت تلاحظ بمجموعة لاي شاعرنصوص متعددة الاغراض
* دائما ما يفترض الشاعر لنفسه عالم خاص يختلف عن بقية العوالم؟
اكيد الشاعر سمته الاولى هي الحلمية لانه حالم رغم انه خارج المدينة الفاضلة، لان الذين نظّروا الى المدينة الفاضلة اخرجو الشعراء منها لكن يبقى الشاعر حالم ،وان سالتني كيف ارى الشاعر ؟ ساقول لك هو مدينة فاضلة، لكن ازاء هذا الخراب الكوني الموجود ارى ان كل الفنون هي عاجزة عن استيعاب ما يحدث في العالم ولا اعتقد ان نصا يوازي ما يحدث الان ،الشعر يبدو عاجزا والقصة والرواية الخ كلها تقف عاجزة عن تصوير او التعبير عما يحدث الان
* هذه الصدمة التي تكلمت عنها لم يستوعبها الشاعر اوالاديب؟
نعم هناك صدمة لم يحتويها الشاعر بشكل كبير، واعتقد هو يحتاج الى وقت ليفيق من هذه المصيبة الكبرى الحادثة الان في العالم لانه لايمكن ان تتصور ان هناك انسان من الممكن ان يذبح انسانا او ان هناك نساء تسبى في الالفية الثالثة او من يضع محددات على طبيعة عيش الانسان.
*من خلال ما تقدم هل ترى اننا نعيش وقت عالم اللامنطقية؟
نعم نحن نعيش الى مدى ابعد من التراجيديا، وربما يذكرني بالحركة الدادائية، وانت عندما تريد ان توصف اي مشهد فوضوي ستصفه بالدادائي والان المشهد اعمق بكثير من هذا الموضوع، لان مايجري في العراق والبلدان العربية هي منطقة فوق الملتهبة فعندما تنظر ترى سلوكا من غير المنطقي ان تسميه انساني وخرج نهائيا عن هذا التوصيف لذلك اعتقد ان مرحلة ما فوق الاضطراب لم يعد يستوعبها لا الشاعر والا القاص ولا الروائي ولا الفنون الاخرى .
* مع كل ماتقدم وفي ظل هذه الفوضى ما الواجب الملقى على الشاعر؟
مسؤولية المشهد هي مسؤولية جماعية ولاتخص الشاعر فقط والكل مسؤول عن هذه الردة السوداء فالشاعر والكاتب والصحفي وحتى الانسان العادي هو مسؤول مسؤولية كبيرة للتصدي للذي يحدث.
* دعنا الان نذهب الى اقصى الشمال اريد ان اسالك عن خساراتك الفاتنة ؟
هي مجموعة شعرية صدرت عام الفين عشرة ، مجموعة نصوص كتبتها على مستوى زمني متباعد وربما ترك العنوان اشكالية " الخسارات الفاتنه" وانت قرات في مقدمة اللقاء مقطع من نص حقيقة انا احبه وهو بعنوان لونك الممتد.
* في مخاض خسارات فاتنة،،، هل ثمة محركات معينة للصخب الشعري؟
اكيد لان النص لايولد فجاة ربما هناك قدحة للنص، لكن النص يعتمد على ما متراكم لدى الشاعر من تراكمات معرفية وليس هناك شاعر يكتب بدون هذه التراكمات، لذلك تحديدا تجد في النص المفتوح الفلسفة وغيرها ولانني اتحدث عن نصي تحديدا فهو مجموعة مُتشكلة،ولونك الممتد هو نص صوفي وفيه اسئلة كثيرة وانا ايضا اقول "احتفل بالشكوك كلما ضاقت الاجوبة" وهذا عودا على استلهاماتك الاولية عن اليقين والشك والانسان والحياة والما وراء لذلك ما اريد قوله ان هناك تراكم معرفي للشاعر وهذا التراكمم ينزاح في النص لكن وفق محددات فنية وليس انزياح او سقوط عشوائي وهذا ايضا يعتمد على نفسية الشاعر لان الحالة النفسية التي كتب بها النص الشعري ربما تكون مؤثرة ايضا.
* هل لغربة الروح وجعا اخر في تحريك مكامن الشاعر؟
طبعا من المتعارف عليه ان الشاعر حتى وان كان في داخل وطنه هو غريب لذلك قال المتنبي الكبير: انا في امة تداركها الله غريب كصالح في ثمود، واعود معك: لذلك هناك اسقاطات للشاعر تبدا بالتراكمات القرائية ، خلفية الشاعر ، الحالة النفسية والغربة والاغتراب من الداخل وفي الداخل وغيرها كثير كلها تسقط على النص.
* متى تكتمل صورة الشاعر الحقيقية وما هي محركات عمله؟
الشاعر ما دام هو حي فليس هناك اكتمال والقصيدة او النص هي تشبه اللوحة عند الفنان التشكيلي وليس هناك لوحة متكاملة لانه عندما يصل الفنان التشكيلي الى لوحته المتكاملة معناه ان الموضوع قد انتهى، والشاعر كذلك ليس له نص مكتمل ويبقى هذا الفراغ الذي يبحث عنه و يلهث ورائه وكلما يكتب نصا يعتقد ان هناك نصا افضل منه فهو يعتقد انه لم يصل الى النص النموذجي وليس هناك شاعرا يصل الى النص النموذجي .
*انا راجعت خسارات فاتنه اكثر من مرة والملاحظ ان هناك انزياح صوفي واضح في العديد من نصوصك وفي نفس الوقت هناك تمرد واضح والسؤال الذي يقفز الى المقدمة: من اين تاتي للانسان قوة تدفعه نحو التمرد؟
لو استعرضنا التاريخ سنجد ان الشاعر يقع في منطقة اليسار وذلك لايعني ان ليس هناك استثناءات لكن الشاعر عموما هو في منطقة اليسار هذه المنطقة الرافضة دوما، المنطقة التي فيها الوجع والرفض والاستفهام والشاعر تجده في هذا المنطقة ومن ناحية اخرى فان الشاعر لايقدم الاجوبة بل يثير الاسئلة ،اذ ليست مهمته اعطاء الاجوبة هو ربما يضع الاسئلة على عتبات الاجوبة ويتركها الى هذه المنطقة لذا فان الشاعر يبقى في منطقة اليسار وهي التي تخلق التمرد دوما.