�نتخابات "الطوارئ" التركية.. اعتراضات الداخل والخارج
اسطنبول / فراس سعدون
يذهب حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا منذ العام 2002 لأول مرة في تاريخه إلى الانتخابات المبكرة، بعد أن كان دائما يرفض مثل هذا الخيار.
ويدخل الحزب في تحالف - لأول مرة في تاريخه الانتخابي أيضا - مع خصمه القديم حليفه الجديد "حزب الحركة القومية" في تعديل الدستور، والانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي، واقتراح الانتخابات المبكرة:
وإلى جانب هذه المستجدات فإن الجديد في الانتخابات المرتقبة أيضا هو تنظيمها في ظل حالة الطوارئ.
انتخابات حالة الطوارئ
وتزامن إعلان زعيم الحزب الحاكم رئيس الجمهورية، رجب طيب إردوغان، إجراء الانتخابات المبكرة، الأربعاء الماضي، مع موافقة البرلمان على تمديد حالة الطوارئ 3 أشهر، وهو التمديد السابع منذ فرض الطورائ في تموز 2016 عقب محاولة الانقلاب العسكري، ما يعني أن أشهر الطوارئ الثلاثة الجديدة تغطي لحظة إعلان الانتخابات، مرورا بالحملة الانتخابية، وحتى يوم التصويت الموافق 24 حزيران المقبل، وقد تمتد إلى إعلان النتائج.
وأسفرت المراسيم التي أصدرها إردوغان، في إطار حالة الطوارئ، عن اعتقال عشرات الآلاف وفصل مثلهم من وظائفهم بتهم صلاتهم بشبكة غولن المتهمة بتدبير محاولة الانقلاب، أو علاقاتهم مع حزب العمال الكردستاني الانفصالي.(PKK).
واستمرت "ملاحقات الطوارئ" حتى عقب إعلان الانتخابات المبكرة بيوم ، إذ قرر البرلمان، الخميس الماضي، إسقاط عضوية كل من عثمان باي دمير وسلمى أرماك النائبين عن حزب الشعوب الديموقراطي - ثالث أكبر الأحزاب السياسية وثاني أكبر أحزاب المعارضة من حيث عدد النواب (59 نائبا أسقطت عضوية 11 منهم) الذي مثل الأكراد في البرلمان وحرم حزب العدالة والتنمية الحاكم من نيل الأغلبية - في وقت يستمر فيه حبس رئيس الحزب صلاح الدين ديميرتاش، منافس إردوغان في الانتخابات الرئاسية السابقة، وشريكته في الرئاسة، فيدن يوكسك داغ، وعدد من زملائهم النواب، الأمر الذي اضطر الحزب - المتهم بأنه ذراع سياسية للعمال الكردستاني (PKK) - لانتخاب رئيسين جديدين قبل أشهر بفعل بقاء زعيميه السابقين في الحبس، والتهم التي تشملهم جميعا تتراوح بين الانتماء أو الدعاية لمنظمة إرهابية.(PKK).
وقبل إعلان الانتخابات المبكرة بأيام ناشد بولنت تزجان، المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري - أكبر أحزاب المعارضة - المحكمة الدستورية باتخاذ قرار بشأن حبس النائب أنيس بربر أوغلو، بعدما أمضى 300 يوم وراء القضبان. وكان بربر أوغلو يشغل منصب نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري والمتحدث باسمه، كما عمل رئيسا لتحرير صحف كبيرة بينها "حريت"، وقد لوحق قضائيا بتهمة تسريب أسرار الدولة، إثر نشره فيديوات - عبر صحيفة "جمهوريت" المحسوبة على حزب الشعب الجمهوري - تظهر شاحنات للمخابرات التركية وهي تنقل أسلحة إلى سوريا عام 2014.
ولم تنفع مناشدة تزجان مثلما لم تنفع "مسيرة العدالة" التي قطع فيها زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كلجدار أوغلو، مسافة 450 كليومترا بين أنقرة واسطنبول سيرا على الأقدام، في تموز الماضي، احتجاجا على حكم بالسجن 25 عاما ضد بربر أوغلو.
اعتراضات داخلية
وطالبت المعارضة التركية على مدار الأشهر الماضية بتنظيم انتخابات مبكرة ورحبت جميع أحزابها بإعلان إجرائها، لكنها في الوقت نفسه اعترضت على تنظيم الانتخابات تحت حالة الطوارئ.
وانتقد زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كلجدار أوغلو، استمرار حالة الطوارئ ووصفها بأنها "طريقة للانتقال إلى الانتخابات من خلال الاضطهاد".
ورأت الرئيسة الحالية المشاركة لحزب الشعوب الديموقراطي، برفين بولدان، أن "الانتخابات في ظل حالة الطوارئ ستكون إشكالية وغير ديموقراطية".
في المقابل، دافعت الحكومة التركية عن نزاهة الانتخابات المقبلة على الرغم من مواصلة حالة الطوارئ. وقال المتحدث باسمها، بكير بوزداغ، إن "الانتخابات لن تتأثر سلبا بحالة الطوارئ.
اعتراضات خارجية
وأبدت الولايات المتحدة الأميركية، شريكة تركيا في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، قلقها من إجراء الانتخابات مع قيام حالة الطوارئ.
وقالت هيذر ناورت، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، في إفادة صحفية "خلال حالة الطوارئ سيكون من الصعب إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة بالكامل بما يتسق مع القانون التركي وأيضا مع التزامات تركيا الدولية".
وردت الحكومة التركية على هذا الموقف اذ دعا رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، الأميركان إلى أن "ينشغلوا بشؤونهم الخاصة حيث لا تنتهي الخلافات والجدل بشأن التزوير في الانتخابات الأميركية"، ودعاهم إلى القدوم إلى تركيا لمعرفة ما إذا كان الشعب يريد الانتخابات أو لا.
وفي موقف لاحق علق المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أقصوي، بأن "التصريحات الاستباقية حول انتخابات لم تجر بعد، تعني التدخل في إرادة الشعب، وهذا لا يمكن قبوله"، وتابع أن "إطلاق مزاعم بأن إجراء انتخابات في حالة الطوارئ يمس بالمعايير الديمقراطية، ما هو إلا نهج ينطوي على نوايا خبيثة"، ذاهبا إلى توضيح أن حالة الطوارئ موجهة ضد أنشطة "الإرهابيين" فقط التي
تستهدف وحدة تركيا وبقاءها.