�قرير مراسل واع - دمشق
الهدوء يعم دمشق اعتبارا من ظهيرة الجمعة.. حيث بدأ فيلق الرحمن وجبهة النصرة بتنفيذ شروط الأتفاق المبرم مع هيئة المصالحة الروسية والجيش السوري والذي كان يفترض ان يبدأ التنفيذ اعتبارا من منتصف ليلة امس غير ان ملابسات أجلت تنفيذه الى ظهيرة الجمعة.
والاتفاق شمل على نقاط عدة اهمها الأفراح عن 3500 مدني سوري مختطف من قبل المسلحين .. اضافة الى تسليم خارطة الأنفاق ومخازن الذخيرة وخارطة الالغام مقابل ان يتم تسوية اوضاع المسلحين الراغبين بالبقاء وترحيل الآخرين مع اغراضهم الشخصية ومدخراتهم ، بمعنى حقيبة واحدة وجهاز موبايل ولابتوب وسلاح خفيف ربما غير مذخر .. وقد بدأ ذات الأتفاق بالسريان في حرستا التي تسلمها الجيش السوري اليوم واعلنها منطقة آمنه حيث وجد مخازن كبيرة للسلاح الامريكي بضمنه صواريخا حرارية .. اضافة الى عثوره على عشرات الانفاق المجهزة تجهيزا عالي المستوى يصل في بعض الاحيان الى اتساعه لمرور شاحنات واليات .. كما تم العثور على انفاق تضاهي تجهيزات فلل متقدمة.
في عربين وزملكا وحزة وجوبر يجري الاتفاق على الارض ومايؤخرة حسب المصادر هو الأنتظار لأستكمال ترحيل مسلحي حرستا حيث غادرت حتى الان بحدود ٦٨ حافلة وسيتم غدا البدء بترحيل مسلحي وسط الغوطة مع سريان بند استلام المخطوفين والتدقيق في بنود الاتفاق الاخرى .. لكن الاهم هو سكوت النيران في هذا القاطع بشكل نهائي ومغادرة اكثر من 100 الف مدني منطقة النيران بأمان .
وبهذا يطوي الجيش السوري الصفحة الاهم من صفحات معركة الغوطة بترحيل اكثر من 4000 مسلح منها .. والبقية سيستكمل غدا .. الأمر الذي سيجعله يركز على دوما التي تحركت بالأمس في هجوم ليلي كمحاولة من جيش الاسلام هناك لتحقيق خرق ما يفسح للمسلحين فيها مجالا للمناورة .. غير ان الجيش السوري رد بعنف على الهجوم واحبطه وسط كثافة نار غير مسبوقة .. في اشارة لجيش الاسلام ليكف عن المناورة .. حيث تحاول الحكومة السورية ايصال رسالة واضحة لجيش الاسلام بضرورة قبول الشروط السورية واخراج مسلحيه من هناك دون تعريض المدنيين للخطر ، سيما ان جيش الاسلام الان محاصر من جميع الجهات داخل البلدة بعد تجريده من السيطرة على ريف دوما ، الامر الذي يشدد الخناق عليه ويفقده هامش المناورة.
ويرى موفودنا ان جيش الاسلام يؤخر استسلامه للتمهيد لايجاد مقر بديل له في ادلب ، اذ يتعرض هناك لعداء شديد من قبل محيط التنظيمات الارهابية في ادلب واغلب الظن انه يفاوض هناك للحصول على مقره المأمول ومتى ماوجده سيعلن قبوله الاستسلام والانسحاب وهي مهمه ربما سيساعده بها الروس من خلال ترتيب مقر بديل له هناك من خلال النفوذ التركي في المنطقة .. وارى ان هذا الامر سيكون قريبا جدا ، وربما سيلجأ جيش الاسلام في الايام القادمة الى طلب هدنة ليتجنب القتل غير الرحيم وصولا الى ايجاده منفذا للخروج .
وقد أفاد الجيش السوري من هذه التكتيكات ابتداء بحمورية التي اجبرت على الاستسلام ومن ثم عين ترما وصولا الى حرستا التي استطاع الجيش السوري تكسير اذرعها الضاربة وتجريدها من مصادر قوتها عبر ضرب تجمعات النصرة وفيلق الرحمن وتدمير مستودعات السلاح وافقاد المسلحين حرية الحركة وتدمير بعض ممراتهم الآمنة في الانفاق وسحب المدنيين والتواصل معهم لتوفير معلومات دقيقة عز تحركات المسلحين.
لقد نجح الجيش السوري بتجريد هؤلاء من حاضنتهم الشعبية الامر الذي ساهم بانهيارهم ، وبهذا تكون معركة الغوطة قد شارفت على اعلان النهاية من خلال نجاحات غير مسبوقة للجيش السوري والمخطط العسكري السوري الذي ركز خططه على تحقيق كامل النجاح بأقل الخسائر وكان ابرز ماسجلته هذه المعركة من نجاحات تركز في امرين هامين هما تقطيع المساحات بين البلدات وفتح وادامة حماية الممرات الآمنه لخروج المدنيين الذين ساهموا بقوة بانهيار المسلحين من خلال مانقلوه من صورة قاتمة عن طرق العيش في ظل هذه التنظيمات وحكايا القهر والتنكيل مما ساعد بتخفيف الضغط الدولي على سوريا وشجع بقية المدنيين على تحدي الاخطار والخروج مما وضع التنظيمات الارهابية تحت ضغط عسكري هائل اجبرها على الاستسلام والتفاوض ، وهو الامر الآخر الهام الذي وضعه المخطط العسكري لتجنب تدمير البنى التحتية في هذه البلدات وحفظ ارواح المدنيين .
وهناك امر اخر لوحظ في هذه المعركة وعزز التعجيل بنهاية المسلحين الذين عملوا طيلة السنوات السبع على تعزيز تحصينات قوية جدا لاتنفع معها الاسلحة التقليدية لذا عمد الجيش السوري الى امرين مهمين اولهما تجلى في استقدام اسلحة جديدة ادخلها ربما للمرة الاولى في ميدان الحرب او ادخل بعضها على اقل تقدير .. ومنها استخدام دبابة t90 روسية الصنع التي تتميز بقدرتها على المناورة وثباتها امام الصواريخ العادية والحرارية على السواء ، ومدفع عيار 240 ملم او M240 الذي يعتبر من افتك المدافع الثقيلة ويمكنه اطلاق انواع من القذائف الثقيلة يصل وزنها الى 100 كلغ .. اضافة الى راجمة B.M 30 سميرتش التي تعد من اقوى الاسلحة الصاروخية القصيرة المدى والتي يمكنها اطلاق 12 صاروخا في نصف دقيقة من عيار 30 ملم ، واخيرا استخدام كاسحة الالغام والقاذفة الصاروخية UR 77 التي تتميز بالدقة العالية في ضرب الاهداف وشل قدرة الالغام على التأثير .
اضافة الى امر حاسم اخر وهو استخدام جزء اساسي من مفهوم الحرب الالكترونية والتي اتاحت للجيش تحديد اهدافه بدقة عالية وتجنب وسائل النار المعادية من خلال تعيين وتحديد الاهداف الكترونيا ومعاينة ساحة الحرب واستهداف البؤر النارية الامر الذي يجمد تكتيكات العدو ويشل قدرته على المناورة
اخيرا .. انها نهاية المرحلة الحاسمة لمعركة الغوطة والتي ساهمت بتأمين محيط دمشق وهاهي تدخل اعتبارا من الغد في فصلها الأخير الذي ارى انه لن يستغرق سوى بضعة ايام لتنطوي صفحة التهديد الاساسية لأحياء العاصمة امثال ضاحية الاسد وباب توما وجوارها وجرمانا بعد الاف القذائف التي انهكت المدنيين ، الامر الذي سيفتح ملف المناورة الامريكية التركية الكردية في شمال وجنوب البلاد وهو الملف الذي سيكون اكثر الملفات تعقيدا في الحرب السورية.