بغداد - واع - آية منصور
في محاولة لتغيير الصورة النمطية عن العراق، وتعزيز السياحة الداخلية، يعمل فريق "مقهى المسافرين العراقيين" بشكل تطوعي على تشجيع المواطنين والسواح الأجانب على اكتشاف جمال وتنوع المناطق السياحية في البلاد.
وقال أحد أعضاء فريق "مقهى المسافرين العراقيين" والمهتم بالترويج للسياحة داخل العراق بشكل تطوعي، عبد الله المشكور، لوكالة الأنباء العراقية" (واع): إن "الفريق يسعى لتشجيع المواطنين على اكتشاف المناطق السياحية المتنوعة التي يزخر بها بلدهم، وهدفنا الرئيس هو تعزيز السياحة الداخلية وتغيير الصورة النمطية السائدة عن العراق، كوجهة سياحية غير آمنة".
وأضاف المشكور، أن "المبادرة تطوعية بالكامل، حيث يجتمع الفريق بانتظام لتنظيم رحلات إلى مختلف المحافظات العراقية، وهناك العديد من المواقع التاريخية والطبيعية التي تستحق الزيارة والاستكشاف"، مشيرا الى أنه "نسعى من خلال هذه الجهود إلى إبراز الجمال الحقيقي للعراق، ونحن على يقين بأن السياحة يمكن أن تكون رافداً مهماً للاقتصاد الوطني، وإذا تم الترويج لها بالشكل الصحيح، فإن العراق سيصبح وجهة مفضلة للسياح المحليين والدوليين على حد سواء".
وأكد المشكور، أن "أحد الأهداف الرئيسة للفريق، هو نقل التجارب الإيجابية التي تعلمها العراقيون من السفر إلى دول أخرى، ومن خلال تجاربنا في السفر، تعلمنا كيف تعيش المجتمعات المختلفة في تنوع واختلاط بسلام، وكيف تكيفت تلك الشعوب مع ظروفها المختلفة"، مبيناً أن "هذه الفكرة ألهمتنا لتطبيق مفهوم 'السفر الاقتصادي' في العراق، وهو كيفية الاستمتاع بالسفر بميزانية أقل، والبحث عن الأماكن السياحية المرتبة التي يمكن الاستفادة منها".
"الفيزا المنقذة"
وأشار إلى أن "الفريق في البداية، كان يركز على تسليط الضوء على الشركات السياحية المحلية التي لم تحظ بالاهتمام الكافي، إلى جانب ترويج الأماكن السياحية، إلا أن نقطة تحول رئيسة جاءت في عام 2021، عندما فتح العراق أبوابه لعدد من الدول، حيث أصبح بإمكان مواطني 36 دولة الحصول على تأشيرة دخول عند وصولهم، وهو ما كان مستحيلاً سابقاً"، مردفاً، أن "هذا القرار مثل إضافة مهمة لجهودنا في تعزيز السياحة، وجعل العراق وجهة ممكنة للسياح الأجانب، بعد أن كانت آخر مجموعة سياحية زارت العراق في عام 1989، عندما كانت السياحة في وضع مزرٍ".
ولفت الى أن "فتح التأشيرات أعطى دفعة كبيرة للقطاع السياحي، مما شجع الفريق على العمل بجدية أكبر للنهوض بواقع السياحة في العراق، ونحن متفائلون بأن هذه الخطوة ستسهم بشكل كبير في دعم السياحة الداخلية والخارجية على حد سواء، وتحقيق نقلة نوعية في هذا القطاع".
ويرى المشكور ، أن "الفريق جاء استجابة للحاجة المتزايدة للمعلومات المرتبطة بالسياحة في العراق، وهذه الحاجة أدت إلى تأسيس هذا الفريق ومن ضرورة توفير المعلومات للسياح والمجتمع العراقي على حد سواء، ومع مرور الوقت، تطورت أفكارنا استجابةً لحاجات جديدة، مثل التركيز على السياحة والاهتمام بها، خصوصاً بعدما بدأنا نستقبل سائحين أجانب".
وبين، أن "الفريق يسعى إلى ربط المجتمع العراقي بالمجتمعات العالمية بعد فترة طويلة من العزلة، لأنه منذ التسعينيات، كان العراق معزولاً عن العالم بشكل كبير، وهذا أثّر في نفسية العراقيين وعلى الاقتصاد أيضاً، لذلك من الضروري إعادة ربط العراق بالمجتمع الدولي وتعزيز الانفتاح على الثقافات الأخرى".
وفي ما يخص دور التكنولوجيا والسوشيال ميديا، أشار المشكور إلى أن "أغلب الناس اليوم يمتلكون هواتف ذكية ويعتمدون على منصات مثل، فيس بوك وجوجل للبحث عن المعلومات، لذلك أسسنا صفحة 'Iraqi Travelers cafe” على مواقع التواصل الاجتماعي، وكنا من أوائل الأشخاص الذين عملوا في هذا المجال، والكثير من السياح الأجانب يتواصلون معنا عبر السوشيال ميديا، ويطرحون أسئلتهم عن العراق"، منوهاً بأن "أعضاء الفريق يتطوعون للرد على هذه الأسئلة، ويرافقون السياح في رحلاتهم، مما يتيح لنا فرصة لتعزيز التفاعل الثقافي والاختلاط بين العراقيين والأجانب".
"وسيلة لتلاقي الأوطان"
وأكمل المشكور، أن "التواصل بين العراقيين والأجانب يتم بشكل رئيس من خلال "الكروب"، الذي يعد وسيلة أساسية لتعزيز الترابط بين المجتمعات، ونعمل على نشر قصص تبرز ما يحدث في العراق، بالإضافة إلى الترويج للأماكن السياحية والتراث التاريخي والحضاري المهم الذي يزخر به البلد، وكل جهودنا تطوعية مئة بالمئة، ومن خلال "الكروب" يتواصل الناس فيما بينهم، لكننا نحرص أيضاً على تنظيم فعاليات على أرض الواقع".
واستطرد بالقول: "الفريق كان، حتى السنة الماضية، ينظم فعاليات تجمع بين الأجانب والعراقيين ، حيث يتيح لكل شخص سرد قصته أمام الجمهور، كما عمل الفريق على تنظيم "أندية اللغات"، وهي فعاليات مستمرة لتعليم أربع لغات: الفرنسية، الألمانية، التركية، والإنجليزية، وهذه الفعاليات كانت تهدف إلى دمج العراقيين مع الأجانب الذين يزورون العراق كسياح، مما يخلق فرصاً للتفاعل الثقافي".
وتابع: "حتى الآن، نظمنا أكثر من خمسين فعالية، حضرها أكثر من ألف شخص، وجميعها من تنظيمنا التطوعي، وهذه الفعاليات كانت بمثابة بداية لرؤية مستقبلية أوسع، نسعى من خلالها لتعزيز هذا التفاعل بشكل أكبر في السنوات القادمة"، موضحاً أنه "في السنوات الأولى لتطبيق نظام "الفيزا" في العراق، كان هذا الأمر جديداً على الجميع، ولم تكن هناك شركات توفر المعلومات للسياح، ولم نكن نمتلك السلطة أو العلاقات الكافية للوصول إلى كل مكان، نحن فقط مجموعة شباب متطوعين نحاول المساعدة قدر المستطاع، وكلما واجه أحد السائحين مشكلة أو أزمة، كان يتواصل مع أعضاء الفريق، ونعمل على إيجاد حل له، وعلى الرغم من صعوبة الأمر، إلا أن جهودنا الكبيرة أسهمت في تعزيز الصورة الإيجابية عن العراق".
"تبديل الصورة المأخوذة عن العراق"
وأوضح، أنه "نجحنا في تغيير الصورة النمطية التي كانت لدى الأجانب عن العراق. كثير منهم كانوا يتخيلون أن العراق بلد دمار وقتل، وأنه غير متطور فكرياً أو عملياً، بل بعضهم كانوا يعتقدون أن وسائل النقل في العراق هي الجمال، وأنه بلد صحراوي لا توجد فيه حضارة أو حداثة، ولكن عندما وصلوا، وجدوا واقعاً مختلفاً تماماً، حيث شاهدوا بأنفسهم مدناً متطورة،من أطباء، حرفيين، وأشخاص يتحدثون لغات متعددة".
وأردف، أنه "عندما يعود السائح إلى بلده، سينقل هذه التجربة الإيجابية لأصدقائه وعائلته، مما أدى إلى زيادة عدد الزوار. فالسائح الواحد يجلب عشرة غيره، وهذا أسهم بشكل كبير في تحسين سمعة العراق كوجهة سياحية، وكثيرون كانوا يقرأون عن الحضارات السومرية والبابلية فقط في الكتب، لكنهم لم يتوقعوا أن يشاهدوا تلك الآثار بأعينهم، وتجربتهم الشخصية في رؤية الزقورات، والآثار غيّرت نظرتهم تماماً، ونحن فخورون بأننا كنا جزءاً من هذه التجربة".
وبين، أن "مقهى المسافرين العراقيين يتكون من عدد محدود من الأعضاء الأساسيين، حيث لا يتجاوز عددهم العشرة أشخاص، وأن الفريق الأكبر المكون من المتابعين والمشاركين في الفعاليات، فقد تجاوز عددهم 40 ألف شخص".
"لم الشمل"
واستذكر المشكور إحدى التجارب المؤثرة التي مرت بالفريق: "في عام 1969، ذهبت مجموعة من الطلاب العراقيين في بعثة إلى هولندا، حيث عاشوا تجربة في مزرعة هناك وتعرفوا على صاحبتها وابنها، وصاروا أصدقاء خلال فترة السبعينيات والثمانينيات وأحد هؤلاء الأشخاص، وهو ابن المزارعة الهولندية، زار العراق أكثر من مرة، وكان آخرها في عام 1989 وبعد التسعينيات، انقطع الاتصال بهم، لكنه نشر في عام 2022 منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي يتضمن صوراً قديمة ،وذكر فيه أسماء أصدقائه العراقيين، وأشار الى رغبته في العودة إلى العراق والتواصل معهم"، مستدركاً أنه "من خلال شبكة التواصل بين الناس، تمكن من الوصول إلى أصدقائه العراقيين، وبعد ذلك، نظمنا حدثاً خاصاً في بغداد، جمع فيه هؤلاء الأصدقاء الذين لم يلتقوا منذ عام 1989، وحضروا جميعاً مع عائلاتهم، وكان لم الشمل بعد أكثر من 33 سنة، وهذه واحدة من قصص النجاح التاريخية التي أثرت بشكل كبير في الفريق".
طقس العراق.. أجواء باردة وتصاعد للغبار
خمس محافظات تسجل درجة الانجماد غداً
الكهرباء: خطة من أربعة محاور لدعم قطاع التوزيع
الثقافة تحدد أسباب تأخير منحة الصحفيين والفنانين