بقلم سمير النصيري
منذ 2020/12/19 عندما تم تعديل سعر الصرف من قبل البنك المركزي بضغوطات من الحكومة السابقة ولحين الوقت الحاضر استمر سعر صرف الدينار متذبذباً صعوداً وهبوطاً في السوق الموازي حتى بعد تعديله مرة أخرى في 2023 بالرغم من الجهود التي تبذلها السلطة النقدية والحكومة في اتخاذها إجراءات عديدة على المستوى المحلي والخارجي.
يتساءل المواطنون والمختصون والخبراء عن السبب وراء ذلك ؟
ولكي أكون محايداً وابتعد عن التحليلات والتصريحات الإعلامية لمختصين وغير المختصين ولقربنا من من واقع الجهد الحقيقي المبذول من قبل البنك المركزي والحكومة والمعلومات المتاحة لدينا يمكن القول من الأخير إن استقرار سعر الصرف في السوق الموازي سيبقى في حالة التذبذب لحين استكمال الاجراءات المتخذة حالياً في تنفيذ مراحل الإصلاح المالي والمصرفي المحددة في المحور اثني عشر والمواد من 1الى7 والجهود اليومية التي تبذلها السلطة النقدية لاستكمال تنظيم تمويل التجارة الخارجية وتعزيز وإصلاح القطاع المصرفي الحكومي والخاص التي تتركز في الامتثال للمعايير الدولية والاتفاقات والمفاوضات المستمرة مع الخزانة الأميركية والبنوك العالمية والانتهاء من اختيار الشركة التدقيقية الدولية لتدقيق الحوالات الخارجية للمصارف لتعزيز أرصدتها بالعملات الأجنبية والتي تتعامل بغير الدولار الأميركي والانتهاء من الاتفاقات النهائية مع البنوك المراسلة الصينية لبدء التعامل باليوان الصيني بعد التوقف المؤقت للتحويلات الخارجية مع الصين، كذلك مساعدة المصارف الخاصة على إيجاد بنوك مراسلة للتعامل معها بعد قرار البنك المركزي بالغاء المنصة الالكترونية حتما خلال هذه السنة، وأن المعلومات تؤكد أن هناك انفراجاً قريباً جداً بإنهاء الإجراءات أعلاه وإيجاد بنوك أخرى مراسلة جديدة للتعامل بالدرهم الإماراتي واليورو كذلك الجهود مستمرة مع الخزانة الأميركية والشركة المكلفة لتدقيق الحوالات الخارجية للمصارف المعاقبة لغرض رفع التحديدات عنها باستخدام الدولار الأميركي، ومما يحتاج استكماله أيضاً لإصلاح القطاع المصرفي الخاص هو اتخاذ القرار بدمج المصارف الراغبة، وكذلك المصارف الضعيفة النشاط والمتعثرة لغرض الوصول الى الحجم الحقيقي للنشاط المصرفي، والذي يغطي الحاجة الفعلية للمتطلبات الاقتصادية، يضاف الى ذلك الحاجة الملحة لإعادة هيكلية بعض دوائر البنك المركزي لإدامة العمل عندما تلغى المنصة الالكترونية والإجراء المهم الذي من مسؤولية الحكومة هو إيقاف الاستيرادات غير المشروعة وإلغاء المنافذ الحدودية غير الرسمية.
ولا ننسى أيضاً وبشكل واضح ودقيق أن هناك لوبياً منظماً يعمل بالضد من تحقيق الاستقرار النقدي تقوده وتعمل على تنفيذه جهات متعددة مرتبطة بالمضاربين والفاسدين الذين لديهم أجندة خاصة بإضعاف الاقتصاد الوطني والإساءة إليه بفبركة الأخبار والتصريحات والتحليلات الاقتصادية القاصرة والمدفوعة الثمن وتحويلها من أخبار تطمينية للسوق والمواطنين الى أخبار تربك السوق وتخلق الهلع لدى المواطنين، وهذا ما يحصل الآن بالفعل، والذي يتطلب توضيحه
هنا منذ عشر سنوات تقريباً، وبشكل خاص بعد الصدمتين المالية والأمنية في منتصف 2014 تجذرت ثقافة الاعتماد على البنك المركزي في مواجهة الازمات والتحديات الاقتصادية والمالية، ويتم ذلك باستخدام وسائله وأدواته الخاصة بالسياسة النقدية لتجاوز نقص السيولة لدى الحكومة وعدم تمكنها من صرف الرواتب والفشل في تنفيذ برامجها الحكومية بالاعتماد على الاحتياطيات النقدية الاجنبية، وهي في الحقيقية ليست احتياطيات الحكومة، وإنما هي احتياطي البنك المركزي للسيطرة على استقرار سعر الصرف، وفقاً للمستهدف وتغطية العملة المحلية في التداول وتغطية الاستيرادات وبسبب هذه الأزمات المتراكمة سبق للبنك المركزي أن اضطر لإقراض الحكومة بحدود 46 تريليون دينار خلال السنوات الماضية، ما انعكست هذه السياسة على تعرض الاقتصاد الوطني الى مشكلات
مركبة، ويكون الحل دائماً هو البنك المركزي، ويتم تحميله أيضاً مشاكل الجهات المعنية الاخرى، وهو ليس دوره الأساسي، فهو غير مسؤول عن العجز في الإيرادات غير النفطية، وعن العجز في ميزان المدفوعات، والعجز في الميزان التجاري، وليس مسؤولاً عن ارتفاع وهبوط أسعار النفط العالمية.
لذلك كان الاحتياطي النقدي الأجنبي يرتفع وينخفض بسبب هذه السياسات الخاطئة التي لا تستند الى استراتيجيات ومنهج اقتصادي واضح ومحدد.
لذلك فإن عودة الاستقرار في سعر الصرف الى معدلاته المستهدفة والمتوازنة سيتحقق بدعم الجهات المعنية في الحكومة بتفعيل القطاعات الإنتاجية الأخرى وإصلاح القطاع المالي والمصرفي ورسم سياسات مالية واضحة وبالتنسيق مع السياسة النقدية وتطبيقاتها وأدواتها المعتمدة حالياً وتجاوز تحديات تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وهو يعني تحقيق الاستقرار في النظام المالي والنظام النقدي، وهذا ليس فقط واجب البنك المركزي بمفرده، وإنما هو واجب أساسي للسياسة المالية ولمنهجية الحكومة في إدارة الاقتصاد، وتفعيل مصادر الدخل القومي من غير النفط، ودعم وحماية وتشجيع الإنتاج المحلي وإعمام تفعيل التعامل بالدينار العراقي في جميع نشاطات التداول النقدي الداخلية والتوسع باستخدام وسائل الدفع الالكتروني كلما كان ذلك ممكناً.
وأن توقعاتي بعودة سعر الصرف الى وضع الاستقرار سيعود بعد استكمال الإجراءات الإصلاحية والتنظيمية والتفاوضية، وهذا لا يحتاج وقتاً طويلاً.