تحرير: حسين الناصر
شهدت أزمة رواتب موظفي إقليم كردستان العراق، حلحلة بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا الذي أوضح المسار القانوني والدستوري لحل المشكلة بشكل جذري عبر توطين رواتب الموظفين وضمان حقوقهم أسوة بأقرانهم في جميع محافظات العراق.
ووصل رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، أمس السبت، إلى العاصمة بغداد، على رأس وفد حكومة الإقليم، لمناقشة وبحث عدة ملفات أبرزها ملف رواتب موظفي كردستان.
اجتماع القصر الحكومي
عقد ائتلاف إدارة الدولة، في القصر الحكومي أمس، اجتماعاً بحضور رئيسي مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وإقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، فيما ناقش الملفات المشتركة مع رئاسة إقليم كردستان العراق، وسبل معالجتها وفق ما نصّ عليه الدستور، وبذل كل الجهود للمضيّ في شراكة بناءة تسهم في ترسيخ الاستقرار، وتدعم مصالح أبناء الشعب العراقي بكلّ أطيافه ومكوناته، مع التأكيد على الالتزام بمفردات الاتفاق السياسي الذي تشكلت على أساسه الحكومة.
الإطار التنسيقي وبارزاني بضيافة السوداني
استضاف رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أمس السبت، اجتماع قادة الإطار التنسيقي بحضور رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، إذ بحث الاجتماع التقدم الحاصل في تعزيز جوانب العمل المشترك بين الحكومة الاتحادية والإقليم، فضلاً عن البحث في استكمال ترتيبات حل جميع المسائل الإدارية والفنية المشتركة.
وأكد السوداني خلال الاجتماع: "جدية الحكومة في العمل على ترسيخ شراكة بناءة مثمرة، تنعكس إيجاباً على مستوى تقديم الخدمات لجميع العراقيين في كل أرجاء الوطن، فضلاً عن دفع التنمية الشاملة، وتنفيذ مستهدفات البرنامج الحكومي، لتلبية طموحات المواطنين، وترسيخ الأمن والاستقرار المتحقق".
من جانبهم، ثمن المجتمعون "الخطوات المنجزة في سبيل حل الملفات المشتركة بين الحكومة الاتحادية والإقليم، بما يترجم إلى استدامة عوامل الاستقرار المعيشي والاقتصادي لمواطني محافظات الإقليم، إضافة إلى دعم خطوات الحكومة في بناء البنى التحتية وتحقيق الإصلاح الاقتصادي، وتأكيد الحفاظ على المال العام".
لقاء قصر السلام
استقبل رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، اليوم الأحد، في قصر السلام ببغداد، رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، إذ تناول اللقاء الأوضاع العامة في البلاد وتطوراتها، لا سيما العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان.
وعبّر رئيس الجمهورية، خلال اللقاء، عن أهمية ما تمّ التوصل إليه من حل مناسب لرواتب موظفي إقليم كردستان، فيما أكد ضرورة استثمار ما تحقق من إنجاز مهم لمواصلة الحوار الفاعل بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم لحسم بقية المسائل العالقة وفقاً للدستور والقانون، والالتزام بمفردات الاتفاق السياسي الذي تشكلت على أساسه الحكومة من أجل الوصول إلى تفاهمات مُرضية تضمن حقوق جميع المواطنين، وبضمنهم مواطنو الإقليم وتجنيبهم أي تبعات أخرى تثقل كاهلهم
بدوره، أكد رئيس إقليم كردستان أن "التوصل إلى حل لمسألة رواتب موظفي الإقليم والتفاهمات الجارية يسهم في توطيد العلاقات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، ويدفع إلى أمام الجهود المبذولة لحلحلة القضايا العالقة الأخرى".
وثمن بارزاني "دور وجهود رئيس الجمهورية في التوصل إلى اتفاق لمسألة الرواتب، وسعيه الدائم لتقريب وجهات النظر بين القوى السياسية"، مشدداً على "أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين جميع القوى السياسية لحماية الأمن والاستقرار في البلد، ودعم جهود البناء والإعمار وتنفيذ البرنامج الوزاري للحكومة الاتحادية وبما يحقق العدالة الاجتماعية".
حراك كبير وإجماع وطني
ويقول عضو الكادر المتقدم في الاتحاد الوطني الكردستاني، محمود خوشناو، لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "هناك حراكاً كبيراً بين بغداد وأربيل لحل مشكلة رواتب الموظفين والمتقاعدين في إقليم كردستان، وهناك إجماع وطني على مستوى إقليم كردستان والحكومة الاتحادية سواء كان إدارياً أو سياسياً لحل هذا الملف حلاً نهائياً".
وأضاف خوشناو، أن "قرار المحكمة الاتحادية العليا قطع الشك باليقين، وألزم السلطات في إقليم كردستان وفي بغداد بالذهاب إلى توطين رواتب الموظفين وتوزيع الرواتب في المدة القانونية في كل شهر لجميع الموظفين والمتقاعدين في الإقليم أسوة بأقرانهم في المحافظات العراقية الأخرى"، مؤكداً أن "قرار المحكمة الاتحادية قرار تاريخي عالج الأمر وحل مشاكل عديدة وكثيرة كانت تعلق بقانون الموازنة وتصدير النفط وإنتاجه أو كلف الإنتاج والنقل".
وأكد أن "جميع القادة السياسيين في بغداد وأربيل كانوا مع حل هذه الأزمة لأن لديها امتداداً اجتماعياً وفيها بعد وطني"، معرباً عن أمله بـ"استمرار تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا".
تأييد لإجراءات المحكمة الاتحادية
وتابع خوشناو: "نحن نؤيد الإجراءات القانونية والدستورية التي اتبعتها المحكمة الاتحادية وتتبعها القوى السياسية"، لافتاً إلى أن "نوعية الحل أن تُدفع رواتب الموظفين والمتقاعدين كاملة من بغداد وتستقطع من حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية".
وأشار إلى أن "قرار المحكمة الاتحادية يلزم السلطات سواء توصلت إلى تنفيذ قانون الموازنة أو لم تتوصل يجب أن يكون هناك حل لملف الموظفين والمتقاعدين"، مؤكداً أن "هناك حسن نوايا من الطرفين ربما تسهل عملية معالجة ملفات أخرى وتفتح الأبواب على حل خلافات أخرى ستخفف الضغط في الإقليم وبغداد".
شكر إلى رئيس الوزراء الاتحادي
وأعرب خوشناو، عن "شكره إلى رئيس مجلس الوزراء الاتحادي محمد شياع السوداني، وقوى ائتلاف إدارة الدولة والإطار التنسيقي والقادة السياسيين في الإقليم والذين ذهبوا وتوجهوا إلى بغداد لإيجاد حل للأزمة بشكل يليق بالمواطن العراقي".
ولفت إلى أن "قضية الإيرادات النفطية وغير النفطية وتصدير النفط وتسوية حصة الإقليم فصلت عن قضية رواتب الموظفين، أما الخلاف ما زال باقياً وما زال الطرفان يبحثان عن حلول، لكن قضية رواتب الموظفين انتهت بعد قرار المحكمة الاتحادية دستورياً، وعلى جميع السلطات الالتزام بالقرار ومن ثم الانطلاق لحلحلة المشاكل الأخرى المتعلقة بالجانب الآخر من الموازنة".
وفد الإقليم في بغداد.. نتائج إيجابية
من جانبه، يقول الأستاذ الجامعي والخبير النفطي، كوفند شيرواني، لوكالة الأنباء العراقية (واع): "يوم أمس، زار وفد من حكومة إقليم كردستان، العاصمة بغداد، وبعد عدة جولات من التفاوض حول الأمور المعلقة بقوائم الرواتب خاصة ما يتعلق بقوائم أسماء البيشمركة والقوى الأمنية وبعض المسائل الفنية الأخرى، تمت المصادقة على هذه القوائم، وبالتالي سترسل رواتب كافة الموظفين والمتقاعدين لشهر آذار الماضي، وفعلاً تمت عملية تحويل المبالغ ووصلت إلى حساب حكومة إقليم كردستان اليوم".
وأضاف شيرواني، أنه "لم ترد تفاصيل كبيرة في بيان حكومة الإقليم، لكن رئيسها مسرور بارزاني، تقدم بالشكر إلى رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني، لجهوده في حل مشكلة الرواتب، فيما لا توجد إشارة إن كان الحل نهائياً أم أن الرواتب ستصرف لحين معالجة مشكلة الرواتب أو الانتهاء من مسألة توطينها".
إشكالية فنية
وأكد أن "التفاهمات كبيرة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان حول حلحلة مسألة الرواتب، لأنها تمثل جانباً أخلاقياً وإنسانياً والتزاماً وطنياً من الحكومة الاتحادية تجاه كافة الموظفين والمواطنين العراقيين بما فيهم إقليم كردستان".
وتابع: "تبقى هناك إشكالية فنية تعلق بـ(المعالجة) في ما يخص مسألة التوطين، هل سيتم التوطين في بنوك لها فروع ومكاتب في العراق الفيدرالي والتي لا توجد لها فروع في إقليم كردستان، أم سيتم اعتماد الحسابات البنكية التي بدأت حكومة الإقليم بتنظيمها في حوالي 6 بنوك في كردستان".
ولفت إلى أن "جزءاً كبيراً من موظفي إقليم كردستان سجلوا وفتحوا حسابات مصرفية والتي بدأت فيها حكومة الإقليم قبل حوالي أقل من سنة، وهذه المصارف تكوّن مجازة من قبل البنك المركزي العراقي وأن تكون معتمدة من قبل وزارة المالية لتصبح منافذ لتسليم الرواتب أسوة بالمصارف الأخرى في بغداد".
وأشار إلى أنه "لم ترد في التصريحات الرسمية أي تفاصيل أخرى حول مسألة الإيرادات غير النفطية وكيفية تقديرها أو حصة الإقليم من الموازنة والتي فيها إشكالية لأنها كما جاء في قانون الموازنة تحتسب من النفقات الفعلية وليس من إجمالي قيمة الموازنة وبالتالي هذه النسبة المحددة ستكون أقل بكثير من المتوقع وربما لن تكفي لتسديد الرواتب".
وأوضح أن "هذه الأمور المتعلقة بمسألة الاحتساب في الموازنة من الإنفاق الفعلي تحتاج إلى تعديل في قانون الموازنة لكي تصبح أكثر إنصافاً وأكثر قبولاً بالنسبة لمستحقات الإقليم حسب النسبة المحددة البالغة 12.6%".
التوافق السياسي
أما الخبير الاقتصادي، باسم انطوان، فيقول لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "قضية رواتب موظفي إقليم كردستان في طريقها إلى الحلحلة والوصول إلى نتائج أفضل إذا كانت هناك نيات حسنة، واللجوء إلى مختصين من الاقتصاديين والقانونيين لإيجاد الحل الملائم".
وأكد انطوان، أن "التوافق السياسي مسألة أساسية، يمكن أن يحل كثيراً من المشاكل المعقدة والعالقة منذ سنوات"، مشدداً على "ضرورة أن لا يدفع الموظف في الإقليم ثمن الخلافات السياسية بين الكتل السياسية، وأن لا يكون ضحية بل أن يكون عنصر حل للمشاكل وإيجاد الطريق السليم للتوصل إلى نتائج مذهلة".
ولفت إلى "الحاجة إلى وحدة موقف الإقليم من قبل الأحزاب السياسية، وأن تكون جزءاً من الحل لا جزءاً من المشكلة، وصولاً إلى التوافق في الجوانب الأخرى كمشكلة النفط والإيرادات النفطية بين الجانبين، وضرورة حل مشكلة تصدير النفط وتسلم الرواتب والتسوية الصحيحة لهذه العملية".
الكهرباء: خطة من أربعة محاور لدعم قطاع التوزيع
الأنواء الجوية تعلن كمية الأمطار المسجلة خلال 12 ساعة