علي حسين عبيد
التشجيع أو التحفيز ثقافة مهمة تعتمدها المجتمعات الجيدة، وتسير في ضوئها الدول التي تسعى لبناء مجتمع متميز وطامح لصناعة الحياة الأفضل دائماً، والخطوة التي قام بها السيد رئيس الوزراء حين بادر واتصل بفريق كرة القدم العراقي المشارك في التصفيات الآسيوية الأخيرة، إنما تدل على اهتمام كبير وفاعل من قبل القائد التنفيذي الأول في العراق.
هذه الثقافة التشجيعيَّة لم يعتد عليها العراقيون، كما أن القادة السياسيين في العراق أو حتى في الدول العربيَّة الأخرى لم يخطر في بالهم هذه السياسة التشجيعيَّة، لأسباب عديدة، منها انشغال السياسي بقضايا ذات نزعة فئويَّة أو حزبيَّة أو حتى شخصيَّة، لذلك فهو لم يخطر على باله أن يدعم الرياضي الجيد، ولا يعبأ بالمبدعين من أبناء شعبه، لأنّه أصلا غير مهتم بمثل هذه السياسة التحفيزيَّة المهمة.
وفي الغالب نلاحظ مبادرات سريعة للقادة والمسؤولين السياسيين بإعلان التهنئة الفوريَّة في القنوات الفضائيَّة، وفي وسائل الإعلام الأخرى مثل منصّات التواصل المختلفة، وهو في الحقيقة كلام لا أكثر، ومثل هذه التهاني ما هي إلّا محاولات لتلميع وجوه وشخصيات المسؤولين لا أكثر، كي يتقرّبوا من الناس أو يحوزوا على قبولهم وتأييدهم.
ولكن ماذا يحصل المبدع الرياضي أو غيره من هذه التهاني الكلاميَّة الإعلاميَّة التي لا تتجاوز نطاق التصريحات بالتهاني فحسب، بينما المطلوب هو الخطوة التشجيعيّة التحفيزيّة العملية الملموسة، مثلما فعل رئيس الوزراء وبادر بالاتصال الهاتفي برئيس اتحاد كرة القدم العراقي، وخاطب جميع اللاعبين والكادر التدريبي، وخاطبهم بوضوح تام وبلغة بسيطة و واضحة وصادقة، لدرجة أنه ختم كلامه بالقول (الليلة تصل إليكم مكافأتكم).
هذه السياسة التشجيعيّة تفتح أبواب الأمل للشباب، وتجعلهم يشعرون بالاهتمام الرسمي للمسؤولين بالمبدعين، فتزرع في نفوسهم وعقولهم الرغبة بالتميز وتحقيق قفزات إبداعيّة كبيرة في مجالات الحياة كافة، الأمر الذي يُسهم بطريقة فعّالة في بناء حالة وثقافة تفاؤليّة ذات طاقة إيجابيّة مذهلة تدفع بالشباب وغيرهم من الفئات العمريّة الأخرى، إلى السعي الحثيث لتحقيق الإنجازات الرياضيّة وغيرها من مجالات الحياة الأخرى. وهذا ما نلاحظه عند المبدعين العراقيين في مجال الرياضيات، أو الطب، أو الآداب، إذ نجد أنَّ العراقيين المبدعين غالباً ما يحققون جوائز مهمة في هذه الأصعدة كافة؛ لذا نتمنى أن تصبح سياسة التشجيع والتحفيز ثقافة سائدة عند صنّاع القرار، لأنّ هذه الثقافة تخلق أجيالاً لها القدرة على التنافس الإيجابي المستمر نحو تحقيق منجزات كبيرة للعراق.