نرمين المفتي
أوشكت السنة على الانتهاء، ولم تتوقف حرب الابادة ضد غزة. وكانت اخبارا سابقة أشارت إلى أن البيت الأبيض طالب رئيس وزراء الكيان الصهيوني بضرورة الانتهاء من الحرب قبل أعياد الميلاد المجيد، والذي بدوره أشار مرارا أن قرار التوقف لهم، ولن يسمحوا لاية قوة خارجية تفرضه عليهم، وأكد أن قوة رئيس وزراء (إسرائيل) تكمن في رفضه الرضوخ للقرار الأمريكي! مع الإشارة إلى أن صحفيا سأل بايدن قبل إيام إن كان طالب نتانياهو بوقف إطلاق النار؟ جاوبه ضاحكا بأنه تحدث اليه طويلا، لكنه لم يطالبه بوقف النار!
وصل عدد الشهداء إلى 21 ألفا والجرحى إلى 55 الفا وأكثر من 8 آلاف مفقود، وجدت جثث المئات منهم متحللة تحت الأنقاض، وفي الشوارع بعد الانسحاب من بعض المناطق في الحرب، التي ترتكب به كيان التوحش جرائم ضد الإنسانية على مدار الساعة منذ اكثر من 80 يوما جرائم ضد الانسانية، وأكثر من 300 شهيد و4000 أسير من الضفة الغربية، ضاربا بعرض الحائط جميع القوانين الدولية وميثاق حقوق الإنسان ومتهما الامم المتحدة بعدم الحيادية. وبالرغم من كل هذه الحرب البشعة التي يقودها الجيش، الذي كان يوصف بأنه الرابع في العالم بقوته ضد فصيل فلسطيني مقاوم واحد، إلا انه لم يحقق أياً من (الاهداف) التي أعلنت عنها وزارة الحرب الصهيونية وأهمها (إنقاذ) الاسرى أو من تصفهم بـ (المخطوفين) والقضاء على المقاومة في غزة.
وان كان هدف نتانياهو واضحا منذ البداية، وهو اطالة هذه الحرب قدر إمكانه لابعاد المحاكمة التي تنتظره بتهم الفساد. إن الذي يتابع تصريحات المسؤولين واراء المحللين السياسيين والعسكريين السابقين في الكيان، سيلاحظ أن التوحش الذي يتعامل به جيشهم ضد غزة ليس إلا رسالة تهديد لكل دولة عربية إن حاولت مساندة غزة فعليا وليس كلاميا فقط، وقالها البعض صراحة بأنهم سيحولون بيروت، مثلا، إلى غزة ثانية!
يبدو أن الكيان يصر على عدم الاعتراف بهزيمته العسكرية، مهما كانت النتائج، فالفصيل الذي يقاومه لا يجد من يوفر السلاح المطلوب له، فضلا عن منع جميع مستلزمات الحياة عن غزة، في الوقت الذي تصل الأسلحة المتطورة إليه، اقصد الكيان، يوميا، عدا الدعم المادي وايصال المواد الغذائية إليه على مدار الأسبوع.. وعليه ايضا الاعتراف بهزيمته الاستخبارية، ليس فقط بسبب السابع من اكتوبر المجيد، الهجوم الذي لم تتمكن من كشفه، انما بسبب البيان الذي اصدره الاعلام العسكري للمقاومة في غزة، معلنا القبض على العشرات من العملاء الخونة وليس مستبعدا أن يتم تباعا الإعلان عن (أسرار) أخرى ومهمة تخص الدول العربية وغيرها من التي حصلت عليها بعد اخذها لحاسبات وأقراص الوحدة 8200 التي كان مقرها في غلاف غزة، ومهمتها رصد وتخريب الدول العربية والاقليمية.
كيف ستنتهي حرب الابادة هذه؟ خاصة وان المقاومة في غزة ترفض هدنة أخرى إنما تصر على وقف إطلاق نار نهائي وتنفيذ شروطها، هذه الشروط التي صبحت ضغطا من أهالي الأسرى على حكومة الحرب الصهيونية. ومهما كانت النتائج؟ فانه يكفي غزة نصرا، اذ جعلت العالم يعرف أن فلسطين محتلة، وهناك حرب ابادة تجري ضد شعبه على 75 سنة. وليس قرار البرلمان الأوروبي بمنع دخول المستوطنين الصهاينة الذين ارتكبوا ويرتكبون الجرائم ضد الفلسطينيين إلى الدول الاوربية، إلا أول الغيث. ومرة اخرى، مهما كانت النتائج، فإن الكيان الصهيوني لن يتمكن من نسيان مذلته، التي ألحقتها به عملية طوفان الأقصى في المدى القريب أو المتوسط وأن غزة لم تصنع تاريخا فقط، انما صنعت اليوم والمستقبل.