عبد الحليم الرهيمي
مع تفاقم مسار الحرب وتصاعد المعارك بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والمقاتلين في قطاع غزّة، وترويع سكانها الآمنين والتهديد بإعادة احتلالها وأبعادهم أو تهجيرهم إلى خارج أرضهم بأماكن شتات جديدة قد تكون سيناء أو الأردن.. دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى عقد قمة عاجلة في القاهرة يوم السبت الماضي الموافق الحادي والعشرين من هذا الشهر أطلق عليها ( قمة القاهرة للسلام)، وحضرها ممثلو أكثر من ثلاثين دولة عربية وإسلامية ومن دول العالم الأخرى.
ولم يكن الهدف الرئيس لهذه القمة، ابتداءً، العمل لوقف اطلاق النار وإدخال المواد الغذائية والانسانيَّة وغيرها من مستلزمات حياة الأهالي المحاصرين، وذلك عبر السعي لفتح (معبر رفع) بين مصر وغزّة.. انما كان – رغم الأهمية الكبيرة لهذه الأهداف والمساعي – فإن الهدف الأساسي، الذي يشمل كل هذه الأهداف هو الدعوة والعمل على تحقيق تسوية دائمة تكلل بعملية سلام مستدام، عبر إيجاد حل دائم وحقيقي يتضمن تحرير الأراضي الفلسطينيَّة، التي احتلت عام 1967 واسترجاع الحقوق الفلسطينيَّة المصادرة، وفي مقدمتها إقامة دولة فلسطينيَّة مستقلة وذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية عليها، وفق ما أقرّته القمة العربيَّة التي عقدت ببيروت عام 2001 الذي نص على اقامة دولة فلسطينيَّة مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل والذي أطلق عليه (حل الدولتين).
وبانعقاد هذه القمة في موعدها المحدد، أبدى جميع المشاركين فيها اهتمامهم الكبير بالسعي لوقف اطلاق النار والالتزام بالقوانين الدولية للحرب، وبتوفير الامان والمستلزمات الحياتية الضرورية للسكان المدنيين، من خلال فتح وتأمين معبر رفح بين غزّة ومصر بشكل عاجل.
غير أن القضية المهمة، التي تعتبر الهدف الأساسي للقمة هي البحث الجاد لإيجاد التسوية التاريخية الضرورية لتحقيق السلام المستدام، وضمان عدم وقوع اي أاعمال عسكريَّة مستقبلاً بين الطرفين الفلسطيني العربي وإسرائيل.
وهكذا اذْ أطلق وحدد راعي القمة الرئيس السيسي جدول أعمال هذه القمة، وهدفها الرئيس بإيجاد حل دائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بأقامة دولة فلسطينيَّة مستقلة على الأراضي المحتلة 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، اكد غالبية المتحدثين في القمة ضرورة وقف النار والصراع والعمل على حل الدوتين بإقامة دولة فلسطينيَّة، وهو الهدف الذي تؤيده غالبية دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية التي أكد الرئيس جو بايدن خلال زيارته الاخيرة لإسرائيل على حل الدولتين.
واذْ اكد الرئيس الفلسطيني الشرعي محمود عباس (ابو مازن) في كلمته امام القمة على تأييده التام لاقامة دولة فلسطينيَّة مستقلة وذات سيادة إلى جانب إسرائيل، أكد ايضاً وبكل قوة رفضه المطلق لإبعاد أو تهجير أهالي غزّة إلى خارج ارضهم وبلدهم بتأكيده ثلاث مرات (لن نرحل.. لن نرحل.. لن نرحل).
أما الأمين العام للأمم المتحدة (غوتيريش)، فقد أشار بكلمته إلى أنه ( حان الوقت لإنهاء الكابوس، الذي يهدد الفلسطينيين والإسرائيليين)، الأمر الذي يستوجب إقامة الدولة الفلسطينيَّة، ومعبراً في الوقت نفسه عمَّا قامت به (حماس) في السابع من اكتوبر الحالي بالقول: (لا شيء يبرر ما فعلته حماس).
ويبدو أن الرئيس الأميركي، الذي أعلم بهذا الرأي علق عليه من واشنطن بالقول (إن حماس شنت عمليتها بهدف وقف عملية التطبيع بين إسرائيل والسعوديَّة).
وبالطبع، فان مآل هذه الحرب والمعارك الدائرة ونتائجها هي التي ستحدد إمكانية البحث عن تحقيق التسوية والسلام بمفاوضات تقضي إلى حل الدولتين، وذلك فضلاً، وأساساً، عن الدور الذي ستقوم به الامم المتحدة ودول العالم الاخرى المعنية بالسعي لحل دائم للقضية الفلسطينيَّة.
اما الفلسطينيون ومعهم البلدان العربيَّة المعنية اكثر من ذلك فبأمكانهم بذل اقصى الجهود والتحركات الدبلوماسية اللازمة والاستفادة من حالة الزخم والاهتمام الدولي، الذي سيظهر خلال الحوار والمفاوضات، التي ستحصل ما بعد وقف الحرب وبقوة عزم وارادة السلطة الفلسطينيَّة الشرعية والدول العربيَّة الداعمة لها، إضافة لقوة عزم وإرادة المجتمع الدولي بالوصول إلى تسوية وسلام عادل بالاتفاق على اقامة دولة فلسطينيَّة مستقلة وذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية على الارض التي احتلت عام 1967.