كاظم الحسن
التنمية البشرية، تحتاج إلى عقود من الزمن، لكي تعد المجتمع، بصورة افضل ويأخذ حظه من التطور والارتقاء. بعبارة أخرى أن الرأسمال البشري، هو العنصر الرئيس، في بناء الأمم، وكانت هناك نظريات منها الاشتراكية، التي تقدم المجتمع على الفرد وقادت الدول، التي تبنتها إلى الطغيان والفشل الذريع
وقد كان فيها من المثالية الشيء الكثير، على الرغم من متبنياتها المادية، وهي تتحدث عن نهاية الصراع الطبقي، وهو طبيعة بشرية لا يمكن محاربتها، لأن ارتداداتها السلبية، على المجتمع كارثية.
اما الرأسمالية على الرغم من بشاعتها، إلا أنها هي السائدة اليوم وحتى الدول التي اعتنقت الفكر الاشتراكي، هي اليوم تعتمد اقتصاد السوق في ادارة الدولة، ويبدو أن الرأسمالية تمثل الطبيعة البشرية، بكل تناقضاتها.
الانسان يميل إلى الملكية الخاصة والانانية والاستحواذ وتراكم المال وصراع السلطة والهيمنة والنفوذ على العالم، ومن تجليات ذلك هو الصراع الآن بين أوكرانيا وروسيا ومنظمة بريكس، التي تسعى إلى إنهاء هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي ويمثل هذا الاتجاه روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب افريقبا.
وقد كان هناك توجه لخلق طريق ثالث في الستينيات من القرن الماضي، وهو ما سمي بمجموعة عدم الانحياز، ولكن لم يكتب لها النجاح، لأنها لم تقم على أسس اقتصادية، ولكن يبقى الصراع بين الدول، حتى لو كان السلاح النووي حاضرا، وهذا ما هدد به بوتين الغرب في صراعه مع أوكرانيا.
الغريب أن الدول الديمقراطية أو الرأسمالية لا تتحارب في ما بينها، وربما ذلك يعود إلى وجود رأي عام مؤثر، ومعارضة وإعلام فاعل قادر على اسقاط رؤساء، كما حدث في الولايات المتحدة ابان حكم ريتشارد نيكسون الرئيس الاميركي السابع والثلاثين، الذي اضطر للتنحي من منصبه عام 1974م، خوفا من أن توجه إليه تهمة التستر على نشاطات غير قانونية لأعضاء حزبه في فضيحة، وترغيت تحت وطأة تهديد الكونغرس بإدانته.
ربما مقولة ونستون تشرشل فيها بعض من الصحة «لا يوجد أسوأ من النظام الديمقراطي في العالم، ولكن لا يوجد أفضل منه»، بمعنى آخر أن المقارنة تكون على الارض وليس في ما نرغب ونحب.
عموما أن الصراع بين المادية والمثالية، يبقى قائما إلى الأبد ولكن الغلبة تكون، لمن لديه أرجل على الارض، أي الواقعية وإن كانت قاسية، فهي تمثل الانسان بطبيعته العارية، بدون قناع أو رتوش.
صحيح المثالية تبقى خالدة في النفوس، لكنها تهزم من قبل المادية، ولذلك يقال انتصر الدم على السيف، وهي فكرة رمزية وحتى من يعتنقها يمضي في حياته، عكس ما تؤمن بها الطبيعة البشرية، لا تؤمن بالوسطية اما أو، ولا خيار أو طريقا ثالثا، والانسان نفسه متشظٍ، بين نقيضين، فيظهر عكس ما يبطن، لأنه لا يستطيع أن يتنصل من طبيعته، التي تعبر عن كينونته، التي بها يعيش ويؤكد وجوده القلق، في هذه الحياة الغامضة والغريبة ومن الصعب سبر أغوارها.