أثير ناظم الجاسور
كل مرحلة من مراحل النظام العالمي، تتضمن جملة من التحولات، التي تجعل العالم أجمع أمام فرص ضيقة للخلاص من فكرة الصراع والهيمنة والتهديد، فبعد الحرب الباردة حاولت الدول أن تتخلص من تبعات هذه الحرب وتهديداتها، وعملت على عالم اكثر أمناً خالٍ من عوامل السيطرة وقواها، لكن صلابة النظام الجديد الذي تلاها لم يعطِ الفرصة من التنفس وخلق أجواء تساعد على تعزيز فكرة بقاء الصراع من وجود أعداء جدد، سواء كان وجودهم على أرض الواقع أو الأعداء، الذين لا يزالون في تلك المرحلة في مُخيلة القوة المهيمنة التي أرادت تعزيز انتصارها برسم دوائر قسمت العالم إلى مناطق مهمة وأكثر مهمة وحيوية وحساسة، وعلى اثر ذلك انطلق صوب تحقيق ستراتيجياتها بالتعاون مع حلفائها الذين على يقين أنهم الجسر الذي ستعبر عليه أمريكا في سبيل تحقيق مصالحها.
من اهم المراحل التي مرت على العالم هي ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 التي غيرت التفكير الستراتيجي الأمريكي تجاه العالم، من خلال فكرة التقسيم الحادة التي تبناها فريق الرئيس بوش الابن لعالم الشر والخير، وبدأت فكرة الاحتلالات باسم نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان، التي جعلت من حلقات النظام غير واضحة، وباتت دول التهديد التي وضعت على القائمة متصدرة للمشهد المرعب الذي تم خلقه من قبل القوة العظمى، بات العالم أكثر صلابة بعد أن تعددت فكرة العدو لتصبح ستراتيجية واضحة أثرت في ميكانيكية العمل بالنسبة للقوى الفاعلة في النظام فبين قوى الشر، وألقى الصاعدة باتت عملية التحالف خطرة خصوصاً للدول الباحثة عن الضامن الآمن لها، من ثم فإن هذه المرحلة التي مر بها العالم مستمرة لغاية اليوم مع توضيح، أن الدول الأقل قدرة تأمل أن تتغير صيغة هذا النظام.
اليوم يمر العالم بمرحلة وضوح بالتوجهات من خلال فكرة التقسيم أيضا لنعود لفكرة الصراع بين الغرب والشرق مع تعديل في طريقة التحالفات، التي لا تستند على قدرات القوى الكبرى فقط إنما على قدرات القوى الإقليمية التي بالضرورة اليوم تساعد على تضيق الخناق على الطرف الأخر، هذا إلى جانب التهديدات التي صاحبت الحرب الروسية الأوكرانية التي وصلت للتهديد النووي والتعبئة من خلا التهديد الروسي المؤكد على إنتاج الذخائر العالية الدقة، التي تعمل على دعم العمليات العسكرية في أوكرانيا، إضافة إلى توسع خارطة التحالفات في القادم التي قد تضعف من قدرة أمريكا وحلفائها على إدارة هذه الحرب على الأرض، مما قد يؤدي إلى الركون إلى الجوانب السياسية والدبلوماسية، التي تحدد نقاط المرحلة القادمة التي لا تحتمل وجود قطب واحد يحكم العالم، بالرغم من استمرار الهيمنة الأمريكية الحالية.
العالم في المرحلة القادمة سيكون أمام خيارين أما الاستسلام لأوامر القوة العظمى وإبقاء العالم رهن الهيمنة، والسيطرة التي يُحددها الواعون المصرون على أن العالم يُحكم بالقوة، والعلاقة لا تزال علاقة القوي والضعيف وتبقى فكرة تمرير المسؤولية هي الحاكمة في الاستراتيجية الأمريكية، أو يكون العالم متعدد الأقطاب، بالتالي فإن المرحلة التي تلي تعدد القطبية سيكون العالم اكثر فوضى من الناحيتين السياسية والاقتصادية، ويصبح صلباً حد الانهيار في مواجهة التوجهات الستراتيجية للقوى الفاعلة، حتى يبدأ الصراع على الطاقة في أشد حالاته مما يؤدي لإحداث صراعات متعددة في مناطق مختلفة من العالم في سبيل فرض الإرادات وتحقيق الأهداف، فالجهات الفاعلة أو القوى المسيطرة، ستلعب دورا في تحديد فكرة الهيمنة والسيطرة، وفق تفكير ستراتيجي جديد بما يتناسب متبنياتها والمرحلة الجديدة، التي ستحمل في طياتها أفكار ورؤى قد تعيدنا إلى بناء تحالفات ورسم خرائط جديدة إلى مراحل ما قبل الحرب الباردة.
الإعمار: إحالة 24 مشروعاً جديداً للتنفيذ
الأنواء الجوية تعلن كمية الأمطار المسجلة خلال 12 ساعة
الكهرباء: خطة من أربعة محاور لدعم قطاع التوزيع