بغداد - أحمد الموسوي
مثلت زيارة وزير الخارجية الأوكرانية إلى العاصمة بغداد، محاولة لإعادة إحياء العلاقة بين بغداد وكييف، ذلك أنها أنهت حقبة استمرت 11 عاماً منذ آخر زيارة أجراها وزير خارجية أوكراني إلى بغداد في العام 2014.
وفي مقابلة حصرية لـ"الصباح"، تابعتها وكالة الأنباء العراقية (واع)، أكد الوزير ديمترو كوليبا أن زيارته تسعى لفتح باب التعاون والتواصل أمام باقي الوزراء في الحكومة الأوكرانية مع نظرائهم في العراق، وفيما تناول الوزير واقع المباردة التي أطلقتها جامعة الدول العربية لوقف الحرب في أوكرانيا.
وأدناه نص الحوار:
●ما الدور الذي تريده أوكرانيا من العراق؟
ـ العراق كبلد اجتاز حروباً مدمِّرة، يدرك ما تمر به أوكرانيا حالياً، ويمكن له أن يصرف نظره بعيداً عن الحرب، وهذا بالضبط ما تقوم به الحكومة العراقية، فكييف ترى دعماً سياسياً من بغداد، كما نلاحظ أن الحكومة العراقية تدرك أهمية وحدة الأراضي الأوكرانية. كما نؤمن أن الحكومة العراقية قادرة على تحقيق توازن يؤمن علاقة جيدة مع كلٍ من أوكرانيا وروسيا، في الوقت الذي تدعم فيه خروج القوات الروسية من أراضينا.
●ما هي آفاق التعاون بين بغداد وكييف؟
ـ بالتأكيد هناك الكثير من المجالات، كما تعلمون بأن زيارتي إلى العاصمة بغداد، جاءت كمتابعة للمكالمات الهاتفية بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، والرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينيسكي، وهذه الزيارة تمت لفتح الباب أمام باقي الوزراء في الحكومة الأوكرانية، وكذلك الشركات الأوكرانية، لإعادة تأسيس العلاقات مع نظرائهم العراقيين، وتدشين مشاريع مشتركة في مجالات التجارة، الأمن الغذائي، وكذلك في مجال التكنلوجيا، والتعليم، وأي مجال آخر يمكننا التعاون ضمنه. أنا أول وزير خارجية أوكراني يزور العراق منذ عام 2012، أحد عشر عاماً مدة طويلة، نحن بحاجة إلى إعادة إحياء العلاقة بين البلدين، كما أنه لا توجد معوقات لتحقيق هذه الغاية.
● طرحت جامعة الدول العربية مبادرة سلام في أوكرانيا، ماهو مصيرها؟
ـ لا أظن أنها فعّالة، لأنه بينما تريد أوكرانيا السلام، فإن روسيا تريد الحرب، وإذا كنت تتابع أوضاع الجبهات العسكرية في أوكرانيا، ستجد أن روسيا هي الجهة المعتدية، العرب لا يحرزون أي تقدم لكنهم يحاولون، ونتفق على أن الطرف الآخر لايريد السلام، ولو كان السلام غايتهم فلم يقومون بإرسال المزيد من الدبابات والجنود إلى المعركة؟
ثانياً، أعتقد أن من الضروري على جامعة الدول العربية تسمية الأمور بمسمياتها، وبناء مساعيها على مفهوم واضح مفاده أن روسيا تمثِّل الجانب المعتدي، وأنها الطرف الذي خرق قواعد القانون الدولي، بينما تمارس أوكرانيا حقها في الدفاع عن النفس، وحقها في استعادة كامل أراضيها، ذلك أن تقوم بدعوة الطرفين إلى فعل شيء ما أمر غير عادل، يمكن أن تناقشه سياسياً، ذلك أننا لسنا الطرف المعتدي في هذه الحرب، روسيا هي التي تمثل الجانب المذنب وهذا أمر واضح، وأي مبادرة لا تنطوي على ذلك ستكون منافية للحقيقة والواقع.
مع ذلك من الجيد أن تستمر جامعة الدول العربية في مبادراتها لإنهاء الحرب وهذه مساعٍ جيدة، لكنها ستكون فعالة فقط إذا ما تضمنت نقطتين أساسيتين، الأولى أن تسمي كل طرف باسمه، فروسيا تتحمل ذنب الحرب باختيارها لها، والثاني أن لأوكرانيا الحق في استعادة كامل أراضيها.وإذا ما تأسست المبادرة على هذين الأساسين فبالإمكان أن يتم التوصل إلى نتائج.
● كم مبادرة دولية تعمل على إنهاء هذه الحرب؟
ـ مبادرة النقاط العشر التي أعلن عنها الرئيس زيلينسكي، تمثل خطة طريق لأنها تتضمن سلسلة خطوات يجب اتخاذها لإنهاء الحرب، بينما خطة الصين تتمثل بطريق تموضعها ومصالحها في هذه الحرب، ولذا فإن هناك فرقاً كبيراً بين هاتين المبادرتين.
نسمع بين وقت إلى آخر قادة من أفريقيا وأمريكا اللاتينية، يتحدثون عن رؤيتهم في كيفية إحلال الأمن، لكنهم لا يأتون بخطوات محددة، لذا فإننا نؤمن بأن أفضل مبادرة هي تلك التي طرحتها الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي تم التصويت عليها بتاريخ 23 شباط خلال العام الحالي، والتي تقترب كثيراً من خارطة الطريق التي طرحها الرئيس زيلينسكي، حيث أنه تم التصويت على تبنيها بواقع 141 صوتاً لدول من أفريقيا، أوروبا، آسيا، ويجب على دول العالم أن تجتمع للتحقيق فيما مكتوب ضمن تلك المبادرة، بدلاً من إنشاء مبادرات جديدة، يجب علينا جميعاً أن نقف موحدين مع المبادرة التي أجرتها الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
●لماذا أوكرانيا مهتمة جداً بالانضمام إلى حلف الناتو؟
ـ في العام 2014 لم تكن أوكرانيا تطالب بالانضمام إلى حلف الناتو، كان لدينا قانون ينص على أن أوكرانيا دولة لا تنضم إلىأي من التكتلات والتحالفات العسكرية، وكان هو العام نفسه الذي اجتاحت فيه روسيا، أوكرانيا، وبصورة غير قانونية احتلت شبه جزيرة القرم، وجزءاً من أراضينا شرق البلاد.
الدرس هنا يوضح أنه عندما لم تكن لأوكرانيا النية في الانضمام لحلف الناتو، اجتاحت روسيا أراضينا.
فعندما تتحجج روسيا بأنهم شنوا الحرب الحالية بسبب طلب انضمامنا للحلف فإن ذلك كذب، ففي العام 2014 لم نكن متوجهين نحو الناتو، وذلك لم يمنع روسيا من شنِّ الحرب على أوكرانيا.
السبب الذي دفعنا لطلب الانضمام إلى الناتو، أن ذلك سيمنع روسيا من شنِن عدوان جديد، ذلك أنه في حلف الناتو إذا ما تم العدوان على أحد أعضائه يتوجب على باقي الأعضاء الدفاع عنه، ليس بإمكاننا الانضمام الان إلى حلف الناتو، لكننا سننضم في المستقبل، بعد أن نفوز في الحرب، وهذا سيكون المانع الأقوى لروسيا من أن تشنَّ عدواناً جديداً على أوكرانيا.
● كيف تعلقون على تسريب وثائق من البنتاغون تشير إلى تجسّس على الرئيس الأوكرانيوشح مضادات الطائرات التي تمتلكها بلادكم؟
ـ لا أعتقد أن أي أحد يتجسّس على الرئيس زيلينسكي، لا يمكن للمسؤولين أن يناقشوا التسريبات، لأننا نعيش في عالم المعلومات فيه ليست قابلة للتسريب فقط، وإنما للتحريف أيضاً بصورة أو بأخرى.
الجهات المستفيدة بإمكانها أن تحرِّف المعلومات، ولكن عندما تنظر إلى حجم المساعدات الأميركية إلىأوكرانيا في هذه الحرب، فستعلم أنها الدولة الأولى المساندة في هذه الحرب.
اما بالنسبة لشح الصواريخ، فإننا لسنا بحاجة إلىأي تسريبات، لأخبرك بصورة رسمية، أننا نحتاج باستمرار إلى صواريخ مضادة للطائرات، والمعدّات العسكرية، وقائمة احتياجاتنا في الحرب مع دولة كروسيا طويلة.
نحن بحاجة إلى مضادّات الطائرات لأن روسيا تقصف مدننا الآمنة، بينما يدّعي الجانب الروسي أنه يقصف قواتنا العسكرية، هذا ليس صحيحاً، فالقوات الروسية تستهدف منشآتنا الحيوية.
أوكرانيا قبل الحرب كانت المصدر الأول للطاقة إلى اوروبا، لكن بعد استهداف هذه المنشآت وتدميرها، نحن الآن بحاجة إلى استيراد الطاقة من الخارج.لذا من المؤكد أن المزيد من المساعدات في مضادات الطائرات، يعيق فاعلية الهجمات الجوية الروسية.
● نشهد الكثير من مناطق النزاع في العالم، هل تعتقد بوجود حاجة حقيقية لإعادة النظر في آلية عمل الأمم المتحدة ومجلس الأمن؟
ـ عندما كنت طالباً جامعياً كنا نناقش وندرس هيكلية وجدوى وسائل الأمم المتحدة في بناء السلام العالمي، واليوم عندما أصبحت وزيراً للخارجية ما زلنا نناقش في نفس الموضوع، نعم هناك الكثير من مناطق النزاع في العالم، وكل حرب تبعث رسالة مفادها أن آلية حفظ السلام الدولية المتَّبعة غير فعَّالة، لأنها لو كانت كذلك، لما اندلعت الحرب، بالتأكيد نحن بحاجة إلىإعادة تقويم وتصحيح هذه الآليات المتَّبعة في حفظ السلام العالمي.
على سبيل المثال لا بد أن تتم إعادة النظر في نظام الفيتو، حيث أن اي قرار يسعى مجلس الأمن لاتخاذه في الحرب الأوكرانية تقوم روسيا برفضه مستندة على حق النقض (الفيتو) باعتبارها عضواً دائماً في مجلس الأمن.
● هل يمكن أن يتحقق لقاء بين الرئيسين الروسي والأوكراني؟
ـ الرئيس الروسي ارتكب جريمة العدوان على أوكرانيا، وذلك بمثابة تكملة لمسلسل الاعتداءات الروسية على أوكرانيا، كما أن الرئيس الروسي لم يتخذ أي خطوة لوقف هذه الحرب، ما زال مستمراً بدفع العشرات من الشباب الروس إلى غمارها، ليست لديه رحمة على المواطنين الأوكرانيين، لكن الأسوأ، ليس رحيماً على أبناء شعبه في روسيا، لذا فإنه لا وجود لمعنى الحديث بصورة مباشرة إلى هذا الشخص، إذ أن ممارساته أغلقت نافذة الحوار المباشر، هذا لا يعني أننا نرفض الحوار الدبلوماسي، على العكس نحن نعتمد عليه، لكن بعد كل ما فعله بالشعب الأوكراني فإنه لا معنى للقاء معه.
● ماذا عن لقائك بوزير الخارجية الروسي السيد لافروف؟
ـ سبق أن التقينا في أنطاليا خلال شهر نيسان العام الماضي، السيد لافروف أحد الشركاء الرئيسين للسيد بوتين، وما يقوم به ليس دبلوماسية بأي شكل من الأشكال، بل أنه أشبه بتزييف الحقائق لصالح السيد بوتين.
إذا ما كان لزاماً علي أن أجلس معه لإنهاء الحرب فإني بالتأكيد سأقوم بذلك، وأفضل سيناريو لفعل ذلك هو أن نجتمع على توقيع استسلام القوات الروسية في أوكرانيا.
●هل تعتقد أن ذلك قريب الأجل؟
ـ نعم ممكن، بل أكثر من ذلك، هذا سيحصل، حيث أن روسيا خسرت الحرب بالفعل، وأن الجانب الروسي أعتقد أن بإمكانه أن يسيطر على كامل الأراضي الأوكرانية خلال عدة أيام فقط، لكن الحرب للأسف استمرت لأكثر من عام، وأن ما تقوم به روسيا حالياً هو محاولة أخذ المزيد من الوقت.
وأن لحظة السيطرة على كامل أراضينا ستتحقق ليس فقط لصمودنا وإنما نتيجة لجهدنا الدبلوماسي أيضاً.
الأنواء الجوية تعلن كمية الأمطار المسجلة خلال 12 ساعة
الكهرباء: خطة من أربعة محاور لدعم قطاع التوزيع