حديث الروح للروح

مقالات
  • 14-03-2023, 19:49
+A -A

بقلم إياد السماوي

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
ليس من السهولة بمكان أن يلتقي المرء بشخصية نادرة وشفافة وواضحة كشخصية رئيس المحكمة الاتحادية العليا القاضي (جاسم محمد عبود), واستطيع القول: إنّ اللقاء الذي جمعني هذا اليوم الرابع عشر من آذار مع السيد رئيس المحكمة هو من اللقاءات التي يمكن وصفها بالتاريخية, والحديث الذي تخلّل هذا اللقاء كان حديث الروح للروح والقلب للقلب, لما حمله هذا اللقاء من صدق ووضوح كان قاسمه المشترك هو العراق ولا غير العراق, فهذا الرجل قد تشرّب بحب العراق لدرجة الوله وبات الوطن يسري في عروقه, رجل أقسم أمام ربّه وضميره وشعبه أن يحمل العراق على رأسه حتى يلقى الله سبحانه وتعالى بقلب سليم. 
كما ولا أخفيكم القول عن مدى سعادتي والفرحة التي غمرتني بهذا اللقاء السعيد, لمعرفتي بشجاعة هذا الرجل وحدود مخافته من الله سبحانه وتعالى ومبدئيته ومهنيته التي يشهد له بها القاصي والداني, ولست مبالغا إذا قلت إنه أحد أهم النجوم التي لمعت في سماء القضاء العراقي منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وحتى هذه اللحظة, حيث أصبح رئيس مجلس القضاء الأعلى الحالي الدكتور فائق زيدان والقاضي جاسم محمد عبود رئيس المحكمة الاتحادية العليا ثنائيا فريدا في مسيرة القضاء العراقي .
والذي دفعني لإجراء هذا اللقاء مع السيد رئيس المحكمة, هو الهجمة القذرة التي تتعرّض لها هذه المحكمة بعد سلسلة القرارات التاريخية التي تصدّت لها والتي جمعت كلّ الموتورين من قراراتها تحت شعار (يا أعداء القضاء اتحدوا), فهذه الهجمة القذرة قد توزعت بين دعامتي القضاء في العراق, مجلس القضاء الأعلى برئاسة فائق زيدان والمحكمة الاتحادية العليا برئاسة جاسم العميري, فهذان الرجلان قد أصبحا اليوم هدف كلّ أعداء مسيرة العراق نحو الإصلاح والازدهار والتقدم, بعد أن أصبح القضاء العراقي بشقيه الدستوري والمدني يتقدّم مسيرة هذا الإصلاح, فليس من السهل أن يتقبّل الذين استهدفتهم هذه المحكمة في قراراتها التاريخية, ومن الطبيعي جدا أن يرفض هؤلاء هذه القرارات تحت مزاعم أنّ هذه المحكمة ليست هي المحكمة التي نصّ عليها الدستور في المادة ( 92 / ثانيا ), فإذا كانت هذه المحكمة ليست دستورية وقراراتها ليست ملزمة للجميع, فكيف قبل الجميع قراراتها المتعلقة بالتصديق على نتائج كلّ الانتخابات التي جرت في البلاد منذ الإطاحة بنظام البعث المجرم وحتى آخر انتخابات؟، وكيف تمّ قبول كافة قراراتها التي لا تتعلّق بكردستان؟.

اليوم يحاول أعداء الإصلاح في العراق النيل من هذه المحكمة ورجالها, وهذه المرّة, يراهنون على موقف الإطار التنسيقي, وكأنّ قادة الإطار التنسيقي بعيدون عن المصلحة العليا للشعب العراقي, أو أنّ قادة الإطار التنسيقي غير معنيين بمصالح هذا البلد ولا تعنيهم سوى مصالحهم الخاصة مع هذا أو ذاك من هذه الأطراف الموتورة. 
في لقائنا اليوم مع السيد رئيس المحكمة الاتحادية العليا القاضي جاسم محمد عبود سألناه عن كيفية اتخاذ المحكمة لقراراتها؟ أجاب بوضوح وصراحة متناهية: "إنّ الأساس في اتخاذ أي قرار هو مصالح الشعب العليا ولا غير مصالح هذا الشعب وحماية نظامه السياسي القائم, وإن النظر إلى صحة قرارات المحكمة الاتحادية العليا هو من خلال العراق وشعبه العظيم". 
وعند سؤالنا للسيد رئيس المحكمة الاتحادية العليا عن علاقة المحكمة بمجلس القضاء الاعلى؟ أجاب بنفس الصراحة والوضوح (نحن نستلهم قيمنا القضائية من خلال مسيرتنا القضائية ضمن القضاء العراقي ومجلس القضاء الأعلى).
وأضاف، "لقد تعلمنا من القضاء العراقي العريق المبادئ الإنسانية والأخلاقية والقيم القضائية الصحيحة والتي تتفق مع المواثيق الدولية بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الانسان وميثاق الأمم المتحدّة وطالما كنا نناقش ذلك في إطار اجتماعات مجلس القضاء الأعلى حيث كان السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى يؤكد على مراعاة كل تلك القيم ضمن جميع مفاصل القضاء العراقي وفقا لما يمتلكه القضاء العراقي من استقلال حقيقي بموجب الدستور الذي أكد ذلك في المواد ٨٧ باعتبار أن السلطة القضائية مستقلة و ٨٨ باعتبار أنّ القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون و ٨٩ من الدستور حيث تتكون السلطات الاتحادية في العراق وبموجب المادة ٤٧ من الدستور من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وأن ترتيبها الدستوري لا يعني علوية سلطة على أخرى وأكدّ على أن للسيد رئيس مجلس القضاء الأعلى دورا كبيرا في تجسيد استقلال السلطة القضائية والحفاظ عليها بما يضمن بناء دولة المؤسسات بناءً ديمقراطياً صحيحًا باعتبار أن العراق واستناداً لأحكام المادة (٣) من الدستور بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب وبما يضمن بناء دولة مدنية حديثة تقوم على أساس السيادة للقانون وأن الشعب هو مصدر السلطات وشريعتها وعلى أساس التداول السلمي للسلطة وعلى أساس مساواة الجميع أمام القانون وفقاً لما جاء في المادة (١٤) من دستور جمهورية العراق لعام (٢٠٠٥)".
إياد السماوي
في ١٤ / ٣ / ٢٠٢٣