قالوا، إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، لكننا اليوم بأمس الحاجة إلى كلام مصنوع من الذهب الخالص، وليس اللامع فقط، لان (مو كل اللي يلمع ذهب).
لقد شبعنا سكوتا ذهبيا، وقد تجرعناه علقما لأن ساستنا ومسؤولينا أجادوا في طحن آمالنا وذر طحينها مع رياح القهر بعيدا عنا، كما أجادوا في صياغة الشعارات والوعود الهشة فتفوقوا على صاغة الحلي في مهنة الصياغة.
إن سكوتنا عن أحلامنا وآمالنا حولنا إلى جامعي خردة وكل ما لفظه الزمن من خيبات وانتكاسات، فما جدوى الكلام سواء كان من فضة أم ذهب أم حتى من (تنك)، إن كان سيرتطم بجدران صماء ويعود لنا كصدى صوت مخنوق، وتمسّكنا بهذا السكوت الذهبي لدرجة أن صراخنا وعويلنا لم يعد يسمعه أحد، ولا يزعج أي كان، مهتم أو غير مهتم، وعبارة (السكوت من ذهب) يرن صداها عبر أزمان سحيقة وتعلمتها الاجيال المتلاحقة جيل بعد جيل، لذا امتدت` خارطة حزننا وقهرنا عبر أزمان متتالية، وأفترشت أرض الوطن وسكن القهر في دهاليز أرواحنا.
تصلح هذه العبارة في محيط اجتماعي متسلح بالوعي الجمعي أولا، وباحترامه للحقوق والواجبات حكومة وشعبا، ثانيا، وأن سلطاته تتسم بالامانة والنزاهة والإحساس بالمسؤولية ثالثا، وإن الولاء للوطن الذي يعلو فوق الجميع، رابعا، وخامسا.... وسادسا......، لأنه عدا ذلك لا جدوى من الكلام ولا قيمة تُذكر للسكوت، فآمالنا لا تشغل بال أحد رغم الوجع الذي يتوزع مع حصتنا التموينية، ولأن الفقر يتمدد باسترخاء على خارطتنا الانسانية.
وإن قلبنا هذه العبارة إلى نقيضها، فستكون (إن كان السكوت من فضة فالكلام من ذهب)، بهذه الحالة ستكون العبارة أصلح وأكثر تطابقا مع واقعنا، لأننا نجيد لغة الاحتجاج بكل أنواعها، بدءا بالشعر مرورا بالرسم ووصولا للشتم السلمي، فكلامنا أو سكوتنا لا يغير من الأمر شيئا، ولا تزحزح اعتراضاتنا، كلاما كانت أو سكوتا، أية ثوابت، لأننا خالفنا قاعدة (كثرة الضرب على الحديد تلينه)، فإن العكس قد حصل، فقد كسّرنا الحديد والقهر ولانت مقاومتنا، وأصبح الاعتراض أو المطالبة بأي حق، أشبه بفولكلور شعبي تقام له مهرجانات واستعراضات احتفالا بعدم جدواه.
إن أزمة الدولار مثلا، اتجهت الآن نحو التدويل، وأطراف خيوط المشكلة، العلنية منها والسرية، صارت خارج حدودنا وبين الدهاليز السرية منها والعلنية، ولكي نستسلم لأمر أصبح بحكم حل المعجزة، فإن المظاهرات على طرفي جسر الجمهورية، تشابهت مع صعود الدولار وتشبه ايضا المعادلة الاقتصادية، التي تقول كلما زاد الطلب - ارتفعت الأسعار ورخصت الارواح، وكلما زاد احتجاج الطرف المعترض تعود عليه وأهمله الطرف القادر على التنفيذ، والحقيقة أن الطلب هنا ليس على بضاعة وإنما لأن ازدياد مطاليبنا يتطابق مع التزايد في احتياجاتنا ويتجاوب مع تزايد السكوت والإهمال المتعمد.
وما زالت شهادات التخرج مرفوعة بأيدٍ تعبت من حملها، فبدأت الأذرع تهبط تدريجيا نحو السكوت الذي ليس من ذهب وإنما من قهر ودم.
انطلاق أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك
طقس العراق.. أمطار رعدية بدءاً من الغد
التخطيط تعلن عن الأسئلة الخاصة بالتعداد السكاني