فتحت بطولة كأس الخليج لكرة القدم، التي أقيمت مؤخرا في البصرة، الباب على أهمية تفعيل قطاع السياحة من قبل الدولة، وذلك لدوره في تنشيط الاقتصاد غير النفطي، وإزالة الصورة السلبية للأجانب التي رسخها الاعلام خصوصا بعد موجات العنف التي حصلت بعد العام 2003.
دخل البصرة اكثر من 55 الف زائر من دول الخليج لمشاهدة مباريات البطولة، بالإضافة الى زيارة المناطق الاثرية والتراثية التي تنتشر في عموم العراق، إلا إن قطاع السياحة يعاني من ضعف في البنى التحتية وخصوصا الفنادق، التي تتركز غالبيتها في أربيل وكربلاء والنجف وبغداد، بالإضافة إلى ضعف انتشار أدوات الدفع الالكتروني، واهمال الأماكن السياحية.
توجد أكثر من 78.8 ألف غرفة فندقية موزعة بين 2291 فندقاً ومجمعاً للإيواء السياحي، بينما في مصر 210 آلاف غرفة فندقية وكذلك في الامارات بينما في السعودية تبلغ 128 ألف غرفة،
غياب وركود
ووفقا لمدير التخطيط في هيئة السياحة، الدكتور اياد كاظم، فإن قطاع السياحة يعاني من ركود، إذ تشكل 99٪ منه سياحة دينية، بينما لا تشكل السياحة الثقافية سوء 1٪، والتي لا تتجاوز ألف سائح في العام.
وأضاف أن السياحة الثقافية، ثروة مهدورة في بلاد تميزت بهويتها التاريخية ثقافياً وحضارياً، إذ أن الهيئة أجرت دراسات لتنشيط السياحة التأريخية الحضرية في بغداد، للمنطقة الممتدة من جسر باب المعظم الى جسر الجمهورية، وتضم مواقع الحكومات القديمة والحكومات الملكية، قسمت على ثلاثة أجزاء، الأول من باب المعظم الى ساحة الرصافي، والثاني من المدرسة المستنصرية الى جسر الأحرار، بينما الثالث من جسر الأحرار الى جسر الجمهورية، وتضم هذه المواقع مجموعة مشاريع كالأرصفة ومحطات الاستراحة ونصب تاريخية وشخصيات عراقية لامعة.
وأكد أن الهيئة تحاول ان تنشط قطاع السياحة الثقافية عبر استثمار السائح الديني برسم مسار من المدن الدينية ككربلاء والنجف بزيارة المواقع الأثرية والتراثية ضمن مسار وجوده للتعرف على المواقع الثقافية، فضلا عن دراسة أخرى استهدفت مدينة أور الأثرية وبيئة الأهوار.
لكن الناشط السياحي ورئيس الهيئة الاستشارية لرابطة الفنادق والمطاعم السياحية أزهر الكلش يؤكد أن العراق منجم للسياحة ولدينا فرص كبيرة للجذب ولكن ما يعيق هذا الجهد أسباب كثيرة تبدأ بالإجراءات والوضع الأمني وعدم تهيئة المرافق السياحية.
ونوه الكلش بأن ضعف الإقبال على السياحة الثقافية والحضارية يعود إلى الحرب وجائحة كورونا، مختتماً حديثه بضرورة التعبئة للسياحة الثقافية عبر وسائل الإعلام لجذب السائحين عبر الترويج للثقافة والحضارة العراقية.
يزور العراق سنويا أكثر من 5 ملايين أجنبي لتأدية الشعائر الدينية، وهم غالبيتهم يأتون من مناطق أوضاعها الاقتصادية ضعيفة، بالإضافة إلى دخولهم مجانا بدون فيزا، مما تأثر قطاع السياحة بشكل كبير بعد جائحة كورونا، بينما احتل العراق المرتبة (13) من بين (17) دولة عربية، والمرتبة (98) عالميا في ترتيب الدول الأكثر زيارة في العالم، وفق تقرير لمنظمة السياحة العالمية صدر عام 2020.
ثورة
انعاش هذا القطاع يحتاج لثورة تبدأ بحزمة إجراءات تتضمن تشريع قوانين تحمي السياحة وتسهيل دخول الوفود، للإسهام في تقويم أداء الاقتصاد الوطني وتوفير الموارد المالية والتقليل من الاعتماد شبه الكامل على مبيعات النفط المتأثرة برياح الأزمات العالمية.
ووفقا للاعلامي الاقتصادي، قيس المرشد، إنه يمكن تقسيم السياحة الثقافية بين أنواع عدة، منها التعرف على المواقع التاريخية، وما رافقها من احداث و وقائق، ومنها ما يتعلق بالسياحة التراثية، وأخرى مرتبطة بالمرافق السياحية الدينية، وجميع أنواعها تضم طياتها انماطاً ثقافية مختلفة.
وأضاف أنه في السنوات الأخيرة شهدت عودة النشاط السياحي الثقافي الخاص برواد القراءة والكتابة، وعشاق الأدب واللغة، وتحت عنوان السياحة الثقافية الأدبية، وهذا النوع من الأذرع السياحية، كبقية المرافق السياحية المنتشرة في العراق، يتعايش مجبرا مع ظروف وأوضاع صعبة، غير مشجعة لأن يأخذ دوره في استقطاب المزيد من السياح الأجانب، أو المحليين عبر مرافق متنوعة.
وتابع السياحة الثقافية وعلى الرغم من كونها بدأت بجذب نخب فكرية وثقافية من مختلف دول العالم، وتحديدا في الشارع الأم لانبثاقها إلا وهو شارع المتنبي وسط بغداد، إلا أنها لم تزل دون مستوى الطموح مقارنة بدول أخرى، ويكمن السبب في ذلك، لغياب الاهتمام الحكومي بتطوير المرافق الأدبية الحيوية الموجودة في محافظة عديدة، كما أن وزارة الثقافة لم تبدِ ذاك الاهتمام أيضا، بتلك الأماكن الشبيهة بشارع المتنبي، او المقاهي الثقافية على اختلاف اشكالها، بوصفها الجهة القطاعية لهذا الشأن، فحينما نبحث عن انطلاقة جديدة وجدية للسياحة الثقافية، لابد من المباشرة أولا بتأهيل تلك المرافق وفق احدث وادق المواصفات الانشائية، والمعنوية، ثم تأتي باقي الخطوات لتفعيل السياحة الثقافية تباعا.
وربط مرشد تطوير قطاع السياحة الثقافية الى عدة اجراءات منها تطوير البنى التحتية للمرافق السياحية، خصوصا أن أكثر من 90٪ غير مؤهلة خدميا، ودعم قطاع الفندقة عبر تخفيض رسوم الكهرباء والماء والضرائب وتطوير قطاع النقل مع فرض رقابة على الشركات السياحية وتسهيل منح الفيزا.
بينما رأى الباحث الاقتصادي، محمد ماجد، أن مؤسسات الدولة كانت من المفترض أن تقوم باستثمار بطولة الخليج بتفعيل السياحة الثقافية، من خلال التعاقد مع شركات سياحية محلية أو أجنبية لنقل السائحين الخليجين إلى المناطق الأثرية والتراثية والثقافية.
وأضاف، الدولة كانت مطالبة باستثمار البطولة وأن تقيم معرضا للكتاب في بغداد، مما يسهم أيضا بدعم سوق الكتاب، الذي يعاني من ركودا خلال الفترة الحالية، نتيجة التطور التقني، بالإضافة الى إقامة الأمسيات الثقافية وعرض المسرحيات وإقامة حفلات الموسيقى لفنانين كبار مثل نصير شمة والفرق السيمفونية، لافتاً إلى أن العراق مليء بالأماكن والشخصيات الثقافية التي لها دور كبير في الثقافة العربية.
ونوه بأن دخول المواطن الخليجي، سيكسر النمط عن العراق، خصوصا أن السائح الخليجي ينفق كثيرا، وهو بوابة لقدوم السائحين الأجانب، مشيرا إلى أن أغلب السائحين الأجانب يستخدون البطاقة المصرفية بدلاً من النقد، وبالتالي فإنهم يعانون اليوم من ضعف أدوات الدفع الالكتروني، مما يتطلب جهدا من البنك المركزي لنشرها في عموم العراق.
ودعا ماجد الدولة الى ضرورة تخصيص مبلغ مالي كبير لتطوير شارع الرشيد والمقاهي التراثية والجوامع التراثية، لانه يعتبر بوابة أولى لجلب السائحين الأجانب وتنشيط السياحة الثقافية، مشيرا الى أن العقبة الرئيسة أمام السائح الثقافي، هي الفيزا وكذلك الصراع السياسي الذي أدى إلى بعض المواجهات المسلحة.
وختم الباحث الاقتصادي كلامه بالقول، ان تفعيل السياحة الثقافية، سينعكس إيجابا على دخل العاملين فيه، من كتاب وفنانين وممثلين وموسيقين وغيرهم، وهذا ما يحصل في أغلب دول العالم، إذ نشاهد طوابير من أجل دخول مسرحية أو حفل موسيقي، كما أن بعض الأشخاص يسافرون من دولة إلى أخرى لحضور فعالية ثقافية ما.
الأنواء الجوية تعلن كمية الأمطار المسجلة خلال 12 ساعة
الكهرباء: خطة من أربعة محاور لدعم قطاع التوزيع