رعد أطياف
حين تشاهد لقاءات الرئيس الأوكراني الحالي فولوديمير زيلينسكي وهو يطلب، بطريقة طفولية، أمدادات عسكرية ثقيلة تتعدى هذه الخردوات البسيطة التي تضخّها دول الناتو، نكتشف مقدار الهوة السحيقة بين أن تكون سياسياً حقيقياً، و أن تكون ممثلاً سينمائياً.
بالطبع الوضع الأوكراني البائس والخطير لا يحتمل الكثير من التهكم، وليس هذا المقصود بالطبع، لكننا نتكلم عن رئيس حكومة معدوم الخبرة بشكل عام، وعما قريب ستغدو أوكرانيا بلداً غير قابل للحياة.
كل هذا كان مقابلاً باهظ الثمن على أمل دخول أوكرانيا الدخول بسلام إلى حضيرة حلف الناتو(النادي الكاثوليكي!).
وهذا الحلم السعيد يشكّل استفزازاً لروسيا بكل تأكيد.
ليس المقصود هنا الدفاع عن بوتين وأوليغاريشته الفاسدة، ولا لشرعنة الاجتياح الروسي لأوكرانيا، بيد أن واقع الجغرافيا السياسية له منطقه الخاص، ذلك أن الإمبراطورية الروسية، بشهادة زبغنيو بريجنسكي، لا تقوم لها قائمة من دون أوكرانيا.
مثلما يعلم الغرب جيداً، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، أن أوكرانيا، بالنسبة لدول الأطلسي، تعتبر خط الدفاع الأخير، فإن سقط هذا السور بيد الروس، ستكتمل دعائم الإمبراطورية الروسية.
وهذا ما يفهمه بوتين جيداً والأطلسيون كذلك.
فبالنسبة للأثنين تعتبر هذه المعركة هي معركة وجود وصراع إرادات؛ المنتصر فيها سيسيطر على قلب العالم وثرواته الهائلة (أوراسيا) من جهة، وسيغير موازين اللعبة الدولية ويعيد تشكيل اصطفافات جديدة (بزعامة الصين وروسيا ومن يتبعهم) من جهة أخرى.
بعبارة أخرى: أنها معركة للتحكم ببوصلة الهيمنة.
ومن سوء حظ الأوكرانيين، أنهم لم يتمتعوا بقيادة سياسية حكيمة تدرك حجم المخاطر المهولة التي سيتعرضون لها.