علي الخفاجي
لعل الجدل العقيم الذي ما زال إلى يومنا هذا وسيستمر طويلاً، هو هل كان العراق قبل سقوط النظام أفضلُ حال عما نحن فيه الآن أم العكس؟، تجد الإجابات متفاوتة بين مستفيد من ذلك النظام، ويجد أنه كان أفضل من ناحية الأمن والأمان وغيرها من الأمور
وبين متذمر من النظام السابق من جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويعتبر الأنظمة التي جاءت بعد عام 2003 هي أنظمة رغم الملاحظات التي تشوبها لكنها ديمقراطية فيها متسعٍ من الحرية، لربما الجينات الوارثية التي يتمتع بها العراقيون ويميزهم عن غيرهم، نتيجة العواطف الجياشة التي يحملونها جعلت منهم شعباً ينسى ويتناسى ما حلَّ بهم، أو لربما نتيجة الويلات والمآسي التي عاشوها منذ وقتٍ طويل جعلهم بهكذا حال، لا أعلم لماذا لكنهم
كذلك.
دعونا نقلب الذاكرة قليلاً ونعود بالزمن لعشر سنوات قد خلت، ونستجمع قوانا ونتذكر الوعود الهلامية التي أطلقت حينها وما اكثرها، منها ما صرح به نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة آنذاك «حسين الشهرستاني» بأن العراق سيكتفي ذاتياً بانتاج الكهرباء بحلول عام 2013 وسيصدر الفائض إلى الدول المجاورة على حد قوله ! والى هذه اللحظة لم تنفذ خطة السيد الشهرستاني، على الرغم من تأملنا الكبير مع هذا التصريح، لكن علمتنا التجارب السابقة إن الوعود التي تطلق ماهي الا هواءٌ في شبك.
اقترحت في مقالٍ قديم كتبتهُ نتيجة تأثري كما حال العراقيين بواقع الكهرباء المزري أن تولي الحكومات المتعاقبة حال تشكيلها اهتماماً بقطاع واحد كأن يكون الكهرباء، وتترك القطاعات الأخرى وتنفق الأموال المخصصة لجميع المشاريع على قطاع الكهرباء، وبالتالي بعد إنتهاء عمر الحكومة تكون قد أنهت معضلة الكهرباء، وبعدها تأتي الحكومة اللاحقة وتعمل على قطاعٍ آخر كأن يكون البنى التحتية للبلد وقطاع الصحة والتعليم وهكذا، ولو تحقق هذا الإقتراح الفنتازي لكنا اليوم قد أنهينا خمسة أو ستة قطاعات أو مشاريع مهمة دون الرجوع اليها، وبالتالي نمضي قدماً لمعالجة القطاعات الأخرى.
عشرون عاماً قد مضت من دون أمل لحل أزمة الكهرباء التي أمست من المعضلات التي لايرجى لها الحل، وها قد مضى على عمر الحكومة الجديدة برئاسة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني شهرين تقريباً ومن خلال برنامجه الحكومي الذي اطلقهُ تناول عدة ملفات منها، ملف الطاقة الكهربائية ووعد بإعادة رسم سياسة الاستثمار في إنتاج الطاقة الكهربائية وزيادة القدرة الإنتاجية، والذي نأمل له النجاح خصوصاً وانه قد أعلن من خلال لقاءه الأخير مع الكادر المتقدم في وزارة الكهرباء والمستثمرين في قطاع الكهرباء إن للحكومة رؤية وخططاً ستراتيجية لمعالجة هذا القطاع وانها ستولي اهتماماً كبيراً لتطويره، الذي ظل يعاني رغم الإنفاق الحكومي الكبير، نعتقد اذا ما أراد السيد السوداني النجاح في هذا القطاع الحيوي والمهم عليه أن يعمل بجد من خلال الكوادر المحلية والاستعانة بالخبرات والشركات الاجنبية، من دون وعود لأن المواطن وأن نسي أو تناسى، فلا بد أن يجيء اليوم ويتذكر من الذي وعد ومن الذي
أوفى.