آية غانم
التنمية وسيلة مهمة للتطور والتقدم الاجتماعي، وعليه ركزت الأمم المتحدة في قوانينها على أن التنمية: تشكل مشروعاً مهماً وحقاً من حقوق الإنسان، وفي جميع المجالات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية...، من دون تفضيل جانب على آخر لأنها تنمية مطعمة بالعدالة الاجتماعية، وعندما تخص التنمية فئة الشباب فإن الشباب هم أبناء جميع اطياف المجتمع نساءً ورجالاً، والدولة مسؤولة عن تفعيل التنمية، بوصفها حقاً من حقوق الإنسان ضمن نطاق القانون الدولي.
والشاب العراقي اليوم ما هو إلا ضحية للكوارث والحماقات السياسية السابقة، والعشوائية في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية، التي تجري من دون تخطيط أو منهجية، لذلك فإن الشاب العراقي اليوم بحاجة إلى رؤية سياسية واقتصادية ممنهجة لمعالجة أخطاء الماضي ورسم سياسات مستقبلية لحماية أجيال المستقبل مما يحدث اليوم، وعلى الرغم من عدم وجود حرب في العراق حالياً، إلا أننا نرى تمظهراً لعسكرة المجتمع، فالسلاح المنفلت وانتشار الفصائل المسلحة في جميع أنحاء العراق، فضلاً عن عشائر تملك أسلحة متوسطة تعالج مشكلاتها عبر لغة السلاح.
إذن في ظل هذه الظروف لا يشعر المرء أنه يعيش بأمان، ولا يتمتع بحياة كريمة، بل يشعر بأنه مهمشٌ ولا يثقُ بمؤسسات الدولة أن توفر له الأمن والأمان، وهذه حالة مرضية خطيرة تصيب مؤسسات الدولة بالضعف والهوان، واستمرارها قد تؤدي إلى انهيار الدولة ما لم تُعالج بشكل مدروس.
ومن أهم المفاتيح أو الشفرات التي تعالج هذه المشكلات، هو الدور أو القوة والقدرة التي تتوفر عند الشباب، بوصفهم المعالج القوي الذي يكون عبر ممكناتهم المساهمة في عملية إرساء السلام المجتمعي وتوفير الموارد البشرية لدعم التنمية
المستدامة.
إلا أن الجهات المعنية في العراق والحكومات العربية تتعامل مع الشباب على أنهم عبء أو مشكلة تلاحقهم، وبحاجة إلى التخلص من عواقبها.
والسؤال الكبير هنا لِمَ لا يستعمل سياسيونا هذهِ القوة لتعزيز بناء السلام في المجتمع، وتوعيتهم والعمل على التوظيف الايجابي لطاقاتهم الابداعية في المجالات كافة؟ بدلًا من اضطرارهم إلى اللجوء إلى التطرف من أجل اشباع غاياتهم كشباب، وبالتالي سينعكس ذلك سلباً على المجتمع.
لذلك يجب إعداد الموارد البشرية التي يشكل فيها الشباب النسبة الأعظم، فضلاً عن توفير فرص العمل لهم، وانقاذ الشباب من الانحراف أو الانخراط بالصراعات الطائفية والعنصرية، ومعالجة تنامي حالة التمييز العنصري.
فلا بُدَّ من الاهتمام بهم وتوظيفهم كقوة عاملة مؤثرة لإعادة ترميم المجتمع، وهذا ما تركز عليه الأمم المتحدة في الهدف (16) “السلام والعدل والمؤسسات القويَّة” كأحد أهدافها الإنمائية للألفية الثالثة لتحقيق التنمية المستدامة.
فالعراق بأمس الحاجة إلى الأيدي الشبابية التي تضيف اللمسة الابداعية لكل ما تنتجهُ.
وعلى الحكومة الجديدة أن تكون أكثر ذكاءً وجدية في العمل على جعل الشباب، أداتها للنهوض بالدولة، وهذا لا يتم إلا بالعمل الحقيقي، وتجنب الاستخفاف بالعقول، وإعطاء الوعود المُعلقة إلى إشعارٍ آخر مجهول!
وإلا سيكون كلامنا و مناشداتنا حبراً على ورقٍ ليسَ إلا.