أي بلد في العالم يبحث عن نهضته لابد له من أن يعتمد على موارده المتاحة وتوظيفها بشكل أمثل في سبيل تحقيق تلك النهضة المرجوة، لاسيما في بلد مثل العراق مر بأزمات وحروب متنوعة ومتعددة في تأريخه، بل يكاد يكون الاستقرار الداخلي مفقودا لفترات طويلة من تأريخه، وبمراجعة بسيطة لذلك التأريخ نلحظ الهزات الكبيرة التي تعرض لها البلد نتيجة الانقلابات والاحتلالات والصراعات الداخلية، كل ذلك ترك أثراً واضحاً في طبيعة السلوك الاجتماعي بشكل عام والسلوك السياسي بشكل خاص.
العراق بلد حباه الله بجملة من الثروات الطبيعية، فضلا عن موقعه الجغرافي وبيئته الجيوسياسية التي إن تم توظيفها بشكل جيد من قبل صانع القرار لأصبح حاله مختلفاً عما نراه اليوم، ولأصبح على أقل تقدير في مصاف الدول الخليجية، لكن هذا الموقع الجغرافي هو ذاته ربما شكل ويشكل عقبة أمام نهضته بسبب عدم إدارته بشكل أمثل من قبل صانعي القرار سابقاً وحالياً.
غادرت العديد من البلدان المتقدمة الاعتماد بشكل “ كلي” على الموارد والثروات الطبيعية بسبب نفاد بعضها بتقادم الزمن كالنفط والغاز وغيره، وبسبب تقدم وسائل الإنتاج والنقل في موارد أخرى، لكنهم اعتمدوا في نهضتهم على مواردهم البشرية من خلال تنمية العقول وتوجيهها ليس للتفكير فقط، بل للتفكير المنتج في سبيل تحقيق الإنجاز من خلال العقول لا الموارد فقط، فالموارد مهما كان حجمها لا يمكن لها أن تنهض ببلدٍ ما ليس فيه عقول تدير هذه الموارد بطريقة أفضل مع وجود تسارع في التطور التكنولوجي تجاه استثمار الموارد وتوظيفها وتسويقها ضمن ساحة تنافس دولي كبيرة، ولدينا عشرات النماذج من دول لا تمتلك موارد طبيعية كبيرة، لكن إنتاجها المعرفي والتكنولوجي جعلها قبلة للمستهلكين، الأمر الذي مكنها من تحقيق طفرات كبيرة في مسارات التنمية والتقدم والنهضة العمرانية والاجتماعية والاقتصادية على حد سواء.
أفضل استثمار يمكن أن يعول عليه للاستمرار هو استثمار الموارد البشرية التي يمتلكها البلد، ومن خلال شواهد عدة يمكن أن نؤسس عليها، فإن العراق يمتلك موارد بشرية جيدة، بحاجة إلى تنمية وتمكين، فإن نجحنا في استثمار موارنا البشرية نجحنا أيما نجاح في توظيف مواردنا وثرواتنا الطبيعية لنهضة البلد وتقدمه وازدهاره للوصول إلى حالة “الرفاهية» .
نعم ربما يجد بعضنا كلامي هذا ضربا من الخيال أو “الترف” الصحفي في كتابة مقال وبعيدا عن الواقع، الواقع الذي يتحدث عن فشلنا في توفير تيار كهربائي مستمر أو شوارع معبدة أو نظام صحي وتعليمي جيد، لكن بمراجعة بسيطة لتأريخ الدول التي نهضت من كبوتها ندرك جيدا أن النهضة من خلال “الموارد البشرية” هي الحل الأمثل، وصناعتها ليست بمستحيلة وإن كانت صعبة.
ما نحتاج إليه قبل كل شيء في سبيل النجاح باستثمار مواردنا البشرية هو الإرادة، نعم الإرادة السياسية لصانعي القرار، والإرادة المجتمعية، وهذه الإرادة هي التي توجد الاستقرار الداخلي وتوظف العقل في خدمة الثروة لنجاح النهضة .
مواجهات نارية في ربع نهائي دوري الأمم الأوروبية
دراسة تحذر من ممارسة شائعة تهدد صحة القلب
طقس العراق.. أمطار رعدية بدءاً من الغد
التخطيط تعلن عن الأسئلة الخاصة بالتعداد السكاني