عدوية الهلالي
قبل عامين تقريبا، دارت الشكوك حول أصل فيروس (كوفيد- 19)، وسادت نظرية المؤامرة حول ما جرى في مختبر ووهان، لكن تحقيقات منظمة الصحة العالمية، كانت قد اصطدمت بجدار معتم ثم اتجهت أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة، وبالمقابل اتهم الرئيس السابق دونالد ترامب الصين بتصنيع هذا الفايروس..وفي غضون عامين، تسبب هذا الفيروس وأنواعه المتعددة بالفعل في وفاة أكثر من ستة ملايين شخص في جميع أنحاء الكوكب، ولكن سقطت الأقنعة الصحيَّة أخيرا، وزال خطر كورونا وكانت هذه هي أهم خطوة نحو الحياة الطبيعية منذ بداية الأزمة الصحية.
فمن المؤكد أن الارتياح والحماس واضحان بين السكان لزوال القلق والمحاذير الصحية ولإعادة اكتشاف الحرية في إظهار الملامح والتعابير الحقيقية للوجوه وكأنها ولادة جديدة.
ولكن لا يزال الوقت بعيدًا عن الفرح، فما يهدد العراق ليس كورونا فقط، بل باقة مختارة من الأوبئة، التي اختارت العراق محطة تنطلق منها او تستقر فيها، فهنالك جدري القرود والحمى النزفية واخيرا وليس آخر – الكوليرا -، واذا كانت الأمراض والأوبئة أقدار إلهية ويمكن مجابهتها بالعلم والطب، فهنالك كوارث اخرى كالحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا، والتي عرضت العالم كله ومنه العراق لخطر أزمة الغذاء والمجاعات المحتملة.
ولم تبدأ الحرب في أوكرانيا في شباط عام 2022، بل بدأت قبل ثماني سنوات، لكنهاغيرت أساليبها ولم تجد من يحاول تكريس وقته وجهده لزراعة السلام، فالسعي إلى خلاص البشرية وسلامتها بات شحيحا والسعي إلى اختلاق الحروب، على الرغم من عواقبها الهائلة لا يزال ساري المفعول، فلا يريد صناع الحروب تعلم الدروس من الصومال وأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا والكونغو واليمن
وغيرها.
فكل هذه الحروب المعاصرة المباشرة وحروب الوكالة تؤدي إلى النتائج نفسها، بما في ذلك التعاسة وعدم الاستقرار والفوضى والإرهاب وفشل الدولة، ويبدو أن ساسة العراق لا يريدون أيضا أن يتعلموا الدرس، وهاهم يحثون الخطى نحو مجابهات داخلية وتناحرات لا تعود على البلد الا بالمزيد من الفوضى والدمار.
إنَّ عالم اليوم المعولم لا يحتاج إلى حروب، لأن هذه ليست سوى رغبة عدد قليل من تجار الأسلحة والحيوانات المفترسة، التي تتلذذ بالتهام الكائنات الأضعف في العالم بما يغذي مصالحها.
عالمنا اليوم يحتاج إلى سلام دائم وإلى قادة دول يبحثون عن مصالح شعوبهم، ولا يتدخلون في مصائر دول أخرى.
عالمنا اليوم يحتاج إلى من يعيد إلى الشعوب الأمان والاستقرار بمواجهة كل تلك الكوارث الطبيعية والمختلقة.
يحتاج عالمنا اليوم إلى سلام دائم يشبه وجهًا بلا قناع.