النجف الأشرف- واع – حيدر فرمان
في مثل هذا اليوم وقبل ثماني سنوات وتحديداً في العاشر من حزيران 2014، خلف الإرهاب جرحاً في قلوب العراقيين لم يندمل حتى اللحظة، بعد سيطرة عصابات داعش الإرهابية على مدينة الموصل ثم التوسع إلى مناطق أخرى تصل مساحاتها نحو 40% من الأراضي العراقية، مخلفة فيها الرعب والقتل والدمار واستباحة الحرمات.
في المقابل، تحولت هذه الصورة المأساوية القاتمة إلى نصر يفتخر به أبناء الشعب العراقي كل عام بل سيمتد إلى مدى الدهر، بعد تحقيق النصر الكبير على عصابات داعش الإرهابية في جميع أراضي العراق بوقت قياسي بفضل فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها المرجعية الدينية العليا المتمثلة بالسيد علي الحسيني السيستاني.
سطر العراقيون بعد انطلاق فتوى الجهاد الكفائي، ملاحم نصر سيخلدها التأريخ بعد تلاحمهم بجسد ودم واحد من جميع أطياف البلد ومكوناته وألوانه مشكلين جبلاً شامخاً وحصناً منيعاً بوجه الإرهاب الداعشي.
قضية دولية
معاون قائد فرقة الإمام علي (ع) القتالية، العقيد عماد الزيدي، قال لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "قضية داعش هي قضية دولية وعالمية، حيث عصابات داعش الإرهابية عندما هاجمت العراق لم تقصد العراق فقط بل جميع العالم ،وكان لا بد من ان يكون له موطئ قدم في هذا البلد حتى يتمكن من خلاله التقدم إلى باقي البلدان والأقاليم".
وأضاف الزيدي، أن "فتوى الجهاد الكفائي أعادت للعراق هيبته وأصبح مستقراً كما هو اليوم"، مؤكداً أن "الفتوى لا تزال قائمة والعراق بحاجتها، والمرجعية العليا هي أعلم بالمصلحة العامة".
ولفت إلى أن "فرقة الإمام علي (عليه السلام) القتالية - اللواء الثاني في الحشد الشعبي، كان لها دور أساسي وكبير من حيث شغل المواقع ومسكها ومنها قاطع الفلوجة والصقلاوية والثرثار والخالدية وقاطع النجف الاشرف والذي يبدأ من حدود كربلاء المقدسة باتجاه حدود الديوانية 155 كم والفلوجة ما يقارب 70 كم، فضلاً عن أنها قدمت الكثير من الشهداء ومن بينهم قادة دفاعاً عن أرض الوطن".
دعم منقطع النظير
وتابع: "المرجعية العليا وبعد إطلاقها الفتوى المباركة أرفدت المقاتلين بمجاميع من طلبة العلوم الدينية ومن رجال الدين الاشاوس الأشداء والابطال الذين واصلوا الدعم ليلاً ونهاراً وكانوا لنا الدافع المعنوي القوي ،وهذا كله كان سبباً في انتاج قيادات بارزة".
وأكد أن "الوضع الأمني مستتب حالياً باستثناء بعض الجيوب بمناطق متفرقة لا تخلو منها أي دولة في العالم، واستقرار الوضع الأمني يأتي بفضل الجهود التي تبذلها جميع القوات المسلحة بصنوفها كافة".
ملامح النصر تحددها فتوى الجهاد
مدير هيئة الحشد الشعبي في النجف الأشرف، قاسم الخاقاني، قال لوكالة الأنباء العراقية (واع): "في مثل هذه الأيام من العام 2014 صدرت الفتوى المباركة من المرجعية الدينية وامتثلت الجماهير ومن كل المحافظات العراقية لهذه الفتوى بعد أن احتلت عصابات داعش الإرهابية العديد من المناطق العراقية حتى وصلت إلى تخوم وأطراف بغداد ،فبدأت الجموع المليونية تحتشد من أجل الالتحاق بالفتوى لتنظيم الصفوف وإلحاقها بمواقع العمليات من أجل صد التعرضات".
وأضاف الخاقاني، أن "هذه الجموع المليونية أوقفت الزحف الداعشي الإرهابي، بعد أن نظمت صفوفها وساندت القوات المسلحة لتبدأ بعدها العمليات العسكرية الكبرى لصد الزحف الداعشي".
آثار الفتوى المباركة
وتابع، أن "الفتوى المباركة كان لها الأثر الكبير في إيقاف الهجمة التي جاءت بها عصابات داعش التي تمثل جهة إرهابية ممولة من بعض الدول ، ولكن بفضل اللحمة الوطنية بين الجماهير العراقية بمختلف مكوناتها واللحمة الوطنية مع دول الجوار التي وقفت وساندت العراق اتحدت القوات المسلحة من الحشد الشعبي والقوات الامنية وجهاز مكافحة الارهاب بكافة صنوفه وأوقفت هذا الزحف وقضت عليه في فترة وجيزة على خلاف ما كان مؤملاً من استمرارها أكثر من 10 سنوات".
ولفت إلى أن "البلد يتعرض بين فترة وأخرى إلى مجموعة من التعرضات في مختلف المناطق، حيث عصابات داعش الإرهابية ربما انتهت عسكرياً ولكن لم تنته من جذورها وبقيت الخلايا النائمة موجودة ،وبالتالي يجب أن تقتلع جذورها ويتم استئصال هذا المرض".
دروس الفتوى ومعارك التحرير
وأشار إلى أن "العديد من الدروس وجدناها من خلال هذه الفتوى المباركة أول درس تعلمناه هو اللحمة الوطنية التي حدثت بين السني والكردي والشيعي وبقية الأطياف الأخرى، ورأينا وحدة وتكاتفاً وعزيمة من أجل دحر العدو الذي أراد النيل من العراق وأطيافه".
وأردف بالقول: "الأمر الآخر المهم في قضية الفتوى المباركة هو الاستجابة والاستطاعة من قبل الجماهير بمختلف المكونات إذ استجابت جميع الجماهير للفتوى وهو ما ينم عن تمسك هؤلاء الشباب بعقيدتهم ومرجعيتهم الدينية كونها صمام الأمان وبفضل فتواها استطعنا تحقيق النصر".
إحباط مؤامرة لتشويه الإسلام
وقال إمام مسجد الحنانة في النجف الأشرف، الباحث الإسلامي السيد أحمد الموسوي الشرع، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "الفتوى المباركة للسيد السيستاني، استطاعت أن تقلب المعادلة التي قام بها الأشرار متمثلة بعصابات داعش الإرهابية، حيث لم يكن وليد الساعة بل صياغة جاءت مقابل الإسلام المحمدي الأصيل ،لذلك أرادوا ان يشوهوا الإسلام المحمدي فجاؤوا بشعارات رنانة وخليفة للمسلمين والجهاد وما شابه ذلك، وأرادوا أن يصوروا للعالم أن الإسلام الذي جاء به النبي الأعظم (ص) هو إسلام قتل وحرب وبيع وشراء للنساء وسلب وترهيب وإرهاب".
وأضاف الشرع، أن "الإمام السيستاني، كان ملتفتاً إلى ما يراد بهذا ،ولذلك أعطى هذه الفتوى العظيمة والتأريخية التي ستبقى ويبقى صداها حيث إنها استطاعت أن تقلب المعادلة الاستكبارية وانتهت بانتصار الإسلام والشعب العراقي على الدواعش".
لا أمد للفتوى
وأكد أن "الفتوى يحتاجها العراق وليس لها أمد"، مضيفاً أن "السيد السيستاني قال: إن (ما بعد داعش أعظم ، ولا بد أن نبقى يقظين ولا نستسلم أمام هذه الهجمات)، إذاً هناك هجمات أخرى ستبقى وتتنوع بين هجمات عسكرية وفكرية".
ولفت إلى أن "الهجمات الفكرية هي أشد من الهجمات العسكرية، لذلك تبقى فتوى الإمام السيستاني، سارية المفعول".
وختم بالقول: إن "الوضع الأمني لا بأس به حالياً وينبغي على الجميع البقاء على أهبة الاستعداد ،وأن لا يغفلوا عن عدوهم لأنه يتربص بهم، وهو ما يؤكد عليه السيد السيستاني حفظه الله".