بشير خزعل
في ظل الأزمة السياسية التي يمر بها البلد من جراء تأخر تشكيل الحكومة، وحتى في ظل السنوات السابقة بعد العام 2003، توسع الاقتتال العشائري في مناطق جنوب العراق إلى ظاهرة خطيرة وغير مسبوقة في الآونة الاخيرة، فأصبح يشمل مناطق واسعة من مدن وشوارع وقرى وأرياف، ويخلّف وراءه قتلى بالعشرات، بسبب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة التي تستخدمها بعض العشائر في احترابها، لأسباب قد يكون الاغلب منها تافها ولا يستحق أن تراق من أجله قطرة دم، هذا الانحدار المأساوي في منظومة القيم والأخلاق لدى البعض من ابناء العشائر ممن يفتعلون عمليات الاحتراب والاقتتال، التي يدوم تاثيرها لسنوات طويلة بسبب عمليات الثار وما يخلفه من مآسٍ اجتماعية، لا بدَّ أن يجابه بحلول واقعية، بغض النظر عن العقوبات القانونية، التي تحاسب القاتل او المعتدي، فهذا حق عام لا بد منه، لكن أن نمهد لواقع جديد في الفكر العشائري يقلل من عمليات القتل والاعتداء هو بحاجة إلى دراسة وخطط فكرية مدروسة لتغيير بعض الافكار السلبية والمتشددة، التي تسيطر على واقع المجتمع القبلي في البلاد، أغلب الشيوخ والوجهاء ينتقدون استخدام السلاح في حل المشكلات القائمة، بين الافراد او المجموعات العشائرية، ومع ذلك لا نرى تاثيرا واقعيا لهذه الانتقادات ولا التزاما بها، اذن فمن يدير المنظومة العشائرية، اذا كان السلاح هو من يعلو صوته فوق صوت الشيوخ والوجهاء المنتقدين لاستخدامه، حتى وصل الأمر إلى مجابهة القوات الامنية ومقتل جنود وضباط، خلال بعض عمليات الدهم والتفتيش؟ وبرغم أن العشائر ذو مرجعيات دينية مختلفة ويقيمون وزنا لرجل الدين، إلا أن المواعظ والنصائح ايضا هي الاخرى لا تجدي نفعا مع اندلاع شرارة اي مواجهة بين عشيرتين متناحرتين على خلاف ما، الحلول لمشكلة اقتتال العشائر بحاجة للفت نظر الدولة إلى ضرورة ايجاد نظام اجتماعي واداري جديد، يحد أو ينهي بشكل قطعي الحروب الداخلية بين العشائر، فالبقاء على واقع الحال ليس بالشيء الجديد على المجتمع العراقي، سيؤدي إلى تفاقم هذه الظاهرة إلى شكل خطير، يهدد كيان المجتمع والدولة إلى حد انفلات الامن في بعض القصبات والمدن او القرى والأرياف، واستمرار زحف الأرتال العسكريَّة والقوات الامنية من أجل فض تلك النزاعات.