في منطقة تتذيل جنوب العاصمة بغداد يحتلها الظمأ صيفاً ويطويها تراجع الخدمات في النسيان على الرغم من أهميتها الاقتصادية كونها تمثل مركزاً مهماً لصناعة الطابوق، في هذا المكان، وبين معمل الطابوق في منطقة النهروان، تشابكت سواعد الرجال بسواعد النساء الباحثين عن لقمة عيش بين جدران تحيطها ألسنة النار من كل جانب غير مبالين لجو مغبر أو لشمس حارقة، بقدر ما ترنو أعينهم نحو فسحة أمل تمنحهم استحقاقاً يليق بهذا العطاء الذي يبذلونه.
وعلى الرغم من الصعاب والتحديات التي تواجههم، إلا أنهم مثل جميع العمال في المجالات الأخرى يطمحون للحصول على استحقاقات مادية ومعنوية تمكنهم من ديمومة العمل المضمون بقانون يحمي حقوقهم بما يتناسب مع عطائهم.
تحديات عديدة تواجه العامل العراقي بدأت مع تراجع الواقع الصناعي وتدمير البنى التحتية للمصانع والمعامل وغياب شبه تام للمحفزات التي تدعم القطاع الخاص وتشجع الشباب الى الاتجاه نحو سوق العمل في المشاريع الخاصة بعيداً عن التوظيف الحكومي، غير أن هذه التحديات لا تزال قائمة، ولا يزال العمال يبحثون عن تشريع قوانين لانصافهم ورفع الحيف عنهم.
وكالة الأنباء العراقية (واع)، وثقت مطالب العمال بشكل ميداني من وسط معامل الطابوق في مدينة النهروان، والبداية كانت مع عادل حسين صاحب معمل، والذي قال، إن "صناعة الطابوق تشهد تراجعاً لأسباب عديدة منها ارتفاع أسعار المواد الأولية فضلاً عن ارتفاع أسعار الوقود، وكذلك دخول الطابوق المستورد الذي بات ينافس الطابوق المحلي"، مشيراً الى أن "إحدى المشاكل التي تواجه العمل تتعلق بالعاملين الذين يحتاجون الى أجور تتناسب مع ما يقدمونه من خدمات لكن في ظل تراجع الانتاج فإن منح العمال الأجور التي تليق بهم يصبح صعباً".
أحمد أبو عبد الله صاحب معمل طابوق ذكر لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن "مشكلة العمل تعد من المشاكل الكبيرة والتي تحتاج الى إعادة النظر بها لأنه ليس من المعقول تحميل أصحاب المشاريع أو المعامل المسؤولية الكاملة الخاصة بتوفير الاستحقاقات للعاملين"، مشددا على وجوب أن يكون هناك جهد من المؤسسات الحكومية المعنية لتوفير الامتيازات للعاملين بشكل لائق وأن لا يترك الحمل فقط على أصحاب المعامل أو المشاريع".
بدوره، أكد مصطفى محمد، عامل في معمل للطابوق، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن "قطاع العمل في العراق مهمل للأسف ولا يوجد اهتمام بشريحة العمال لا من ناحية الأجور ولا من ناحية الامتيازات الأخرى"، مبيناً أن "العامل يستحق اهتماماً أكبر لأنه يمثل أحد أعمدة الاقتصاد، لذلك يجب أن يكون هناك توجه حكومي لدعم ذوي الدخل المحدود من أصحاب المهن والعمال".
أم عباس إحدى العاملات في معامل الطابوق قالت لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "غياب القانون الذي ينظم المهن ويضمن حقوق العمال هو الذي أفقد هذه الشريحة حقوقها، فالعامل إذا مرض أو تعرض لحادثة اثناء العمل لا يحصل على راتبه لأنه لا يتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها موظفو الدولة"، داعية الى "ضرورة الاهتمام بهذه الشريحة وأن يكون عيد العمال فرحة حقيقية لهم من خلال قرارات حكومية وبرلمانية تمنحهم الحقوق التي تتناسب مع ما يقدمونه من خدمات كبيرة خاصة في الاعمال الشاقة مثل صناعة الطابوق".