حمزة مصطفى
برغم الخلافات الحادة بين الحزبين الرئيسين في إقليم كردستان “البارتي” و”اليكتي” حول منصب “رئيس الجمهورية”، فإن الجميل في هذا الخلاف الإيجابي إنه على بغداد. فالكرد وإن لم يتخلوا عما يعدونه حقوقا دستورية لهم،
وبالأخص المادة 140 الخاصة بكركوك والمناطق المتنازع عليها، لكنهم الآن يتنافسون في ما بينهم لكي يصبح أحدهم رئيسا لنا. حتى كركوك التي هي كما تقول أدبياتهم “قدس الأقداس” بالنسبة لهم باتت موضع خلاف بينهم في الإقليم لا مع المركز في بغداد. كان أشقاؤنا الكرد نظموا قبل نحو 5 سنوات استفتاء بشأن حق تقرير المصير الذي يعني بالكردي الفصيح إقامة دولة كردية مستقلة وعاصمتها كركوك. لدي صديق كردي يمازحني كلما جئت الى السليمانية بالطريق البري قائلا “كاكا حمزة حين تمر في كركوك لا تبقى طويلا حتى لا تزيد
التعريب”.
المرحوم جلال طالباني يروي واقعة بشأن مباحثات له مع طارق عزيز. يقول إنه حين وصلنا الى فقرة كركوك قلت لعزيز “ماذا عن حقنا في كركوك”؟ رد عزيز “لديكم حق واحد وهو البكاء على كركوك كلما مررتم قربها مثلما بكينا نحن العرب الأندلس 1000 عام ثم نسيناها”. ولأن طالباني سريع البديهة قال لعزيز كلاما أغضبه “كثر خيرك أبو زياد لأنكم في الأقل أعطيتمونا حق البكاء بينما هذا الحق منعتوه عن الشيعة”. المحصلة أن الكرد مختلفون اليوم في ما بينهم لا معنا على أهم استحقاق سيادي في البلاد منحه الدستور أهم ميزة، وهي رمز وحدة البلاد وهو منصب رئيس الجمهورية.
هل تنازل الكرد عن حقوقهم القومية؟ لا أملك الحق لا في طرح مثل هذا السؤال ولا الإجابة عليه لكني، أفترض أنهم يتصرفون بواقعية علينا تشجيعهم عليها سواء كنا “أغلبية ممرة” أم “ثلثا معطلا”. فالعلاقة مع الكرد لا سيما بعد إصرارهم على التمسك بمنصب رئيس جمهورية العراق ورمز وحدته حتى لو أدى هذا النزاع الى مشكلات في كردستان قد تهدد وحدة الإقليم ينبغي أن تبنى على أساس مفهوم المواطنة العراقية بعيدا عن
المكوناتية. ليس بوسع أحد مصادرة حق الأشقاء الكرد في إقامة دولة مستقلة على تراب كردستان في الدول الأربع، التي أصبح الكرد ضحية خرائطها التعسفية. فبالنتيجة هم أمة يحلمون مثلنا مع إننا كعرب أمة واحدة أقمنا 22 دولة “ولا واحدة براسها خير”.
الخلاصة أيا كان الكردي الذي سوف يتبوأ منصب رئيس جمهورية العراق، فهو يمثلنا جميعا بصرف النظر عن أية إنتماءات أوهويات فرعية.