حميد طارش
وظيفة الدستور هي تنظيم ممارسة السلطة وفي حال الاختلاف بشأنها تكون المحكمة الاتحادية العليا هي الفصل، واما مسألة النزاع والانقسام السياسي فهي طبيعية طالما كانت تسير في إطار الدستور ووسيلته القضاء الدستوري، لكن هنا تثار أسئلة مهمة، منها بصدد في ما اذا غاب الحل الدستوري أو كانت قواعده غير متكاملة، على الأقل في المواضيع المهمة، مثل انتخاب رئيس الجمهورية، أي بخلاف سمات القاعدة الدستورية بأن تكون عامة ومجردة وواضحة ومستوعبة لجميع الحالات، وهذا ما خلت منه بعض القواعد الدستورية المهمة، كمسألة الكتلة النيابية الاكثر عدداً وما يترتب على خرق الالتزام بالمدد الدستورية، التي وضعت بغية تحقيق الاستقرار السياسي وحماية حقوق الناس وتسيير شؤون البلاد والعباد. والآن مشكلة انتخاب رئيس الجمهورية التي تعترض المشهد السياسي العراقي في ظل غموض الحل الدستوري، الذي أكده حكم المحكمة الاتحادية العليا وبطبيعة الحال أحكام القضاء الباتة والنهائية هي يجب أن تكون محل احترام والتزام الجميع، لكن هذا لا يمنع التعليق عليها، وهنا يمكن القول بصدد الحكم المذكور بأنه علّق إنعقاد جلسة مجلس النواب الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية في حالة الذهاب الى حكومة الاغلبية الوطنية، وذلك باشتراطه الثلثين لتحقق نصاب انعقاد تلك الجلسة بخلاف إمكانية الحل الدستوري الذي يشترط النصف زائد واحد لانعقاد مجلس النواب، واما ما يقال عن انتخاب رئيس الجمهورية بالدورة الاولى بثلثي الاصوات، فإن الدستور يعالجها بدورة انتخابية ثانية ليفوز الرئيس بالاغلبية وبغض النظر عن عدد الاصوات، كما انها ليست شرطاً ملزماً لانعقاد المجلس، واذا سلّمنا بأن أحكام القضاء الدستوري في دول العالم ذات جنبة سياسية، فإن أساس هذه الجنبة هو المصلحة العامة وهذا مايبدو غائباً إدراكه حتى اللحظة.
وأما بوادر الحل الدستوري كما وضحها الامر الولائي بإيقاف ترشيح ممثل اصحاب حكومة الاغلبية الوطنية لحين حسم التهم الموجهة اليه، فهم يتحملون سوء اختيارهم في ما لو حكم عليه بالادانة، لكن ماذا عن تأخر الحكم ببراءته، ولم تراع السرعة التي أكدها الامر المذكور، فهل يُحرم عند حلول الموعد الدستوري أم التجاوز على التوقيتات الدستورية، خاصة أن فرصة اختيار مرشح آخر، بدلاً منه لم تعد موجودة بحكم المادة (2) من قانون الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية رقم (8) لسنة 2012، التي حددتها بثلاثة أيام اعتباراً من تاريخ انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه واما الاعلان عن فتح باب الترشيح مجدداً والذي بُني على اجتهاد، وليس نصا قانونيا أو دستوريا، يتعلق بانتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية فقد يكون موضوعاً جديداً لنزاع آخر.