ديالى- واع- ثائر هادي
في وسط مدينة بعقوبة القديمة بمنطقة السراي مركز المحافظة، يحتفظ حمام (ديالى) الشعبي بالطقوس العراقية الأصيلة والتراث القديم كواحد من أقدم الحمامات الذي يعود تأسيسه إلى عام 1967 من القرن الماضي.
ويقول القائم على إدارة الحمام طارق خضير أبو زياد، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إنه "تم تأسيس الحمام عام 1967 بمنطقة السراي في مدينة بعقوبة القديمة، ويضم قسمين رجالي ونسائي، وكان رواده من مدينة بعقوبة ومناطق الوقف والخالص"، منوها بأن "حمام ديالى احد الحمامات المعروفة بتلك الفترة الى جانب حمام خليل وحمام البلدية الحكومي، وقد تركه مؤسسه الحاج محمد مصطفى ارثا لاحفاده".
وأضاف، أنه "يتكون من الاحواض والدكة والساونا (غرفة البخار) وقاعة الجلوس وخزانات الملابس، وبني من الطابوق على الطراز العثماني القديم، بسقف ريادي على شكل قبب، ولا يحتوي البناء على الحديد، وتمت انارته من السقف والجهات الاخرى"، مشيرا الى أن "حمام الرجال مازال يعمل منذ تأسيسه وحتى الان، بينما هدم حمام النساء لعدم وجود رواد له".
ولفت إلى أنه "تم تحديث الحمام وترميمه مرة واحدة فقط، وأصبحت ارضيته من الكاشي وأضيف له السيراميك، وأنه يعمل في ادارة الحمام منذ اكثر من 14 عاما".
وتابع أبو زياد، "يقوم العاملون بتنظيف الحمام جيدا وتدفئته وتجهيز غرفة البخار وتهيئة "الليفة" والصابون والمناشف الجديدة وجميع مستلزمات الاستحمام، الا أن بعض المستلزمات التي كانت شائعة توقف استخدامها في الحمامات الشعبية بسبب جائحة كورونا".
وواصل حديثه، بأن "ثمن الاستحمام هو 5 الاف دينار فقط، ويتم استخدام النفط او الكاز لتوفير المياه الساخنة والبخار"، لافتا الى أن "للحمامات الشعبية حصة شهرية مخصصة من قبل دائرة المشتقات النفطية في المحافظة تبلغ 10 براميل من النفط، لكنها غير كافية لديمومة العمل، خاصة وأن الحمام يستهلك برميلا في الايام الاعتيادية، اما ايام الجمع والعطل فيصل استهلاك النفط من 3 الى 4 براميل، والحمام يعمل في فصل الشتاء فقط".
ونوه الى أنه "على الرغم من انتشار السخانات وتوفر المياه الدافئة في البيوت، وظهور الحمامات الحديثة بتقنياتها المختلفة، الا أن الحمامات الشعبية ماتزال تمثل سحرا جاذبا للكثيرين بطقوسها وتنوعاتها وخدماتها التي قد لا تتوفر في مكان اخر"، مبينا أن "زبائن الحمام لا ينقطعون، خاصة في الفترات التي يكثر فيها انقطاع الكهرباء لفترات طويلة".
وأجمل أبو زياد فوائد الحمامات الشعبية بقدرتها على "معالجة بعض الحالات المرضية مثل الام المفاصل والالتهابات وازالة السموم من الجسم"، مؤكدا أنه "لمس ذلك جيدا خلال عمله في الحمام لسنوات طويلة".
من جانبه يقول المواطن نصيف جاسم، أحد رواد حمام السوق القدماء إنه "يأتي كل اسبوع تقريبا الى الحمام ليشعر بالراحة بعد البخار والاستحمام، ويشعر بالنشاط والحيوية، وأن الفرق كبير بين الاستحمام في المنزل والحمام الذي يوفر الماء الحار والبخار، فضلا عن وجود المساج الذي يجعل الجسم مسترخيا".
بدوره قال العامل في الحمام طلال جبار، الذي يعمل في مهنة التدليك منذ 40 عاما، بأنه "تعلم التدليك واكتسب الخبرة من قدماء المدلكين"، مبينا أن "السوريين والايرانيين هم أول من مارس مهنة التدليك".
وأوضح أن "للتدليك فوائد كبيرة منها ازالة الدهون المتراكمة على الجسم، وتفتيح المسامات، ويتم استخدام كيس مصنوع من الصوف في التدليك، واجرة المساج هي 5 الاف دينار، ويساعد التدليك والمساج على التخلص من التشنج".
وتابع، أن "البخار والماء الساخن والاستحمام تجعل الجسد يتعرق فتفتح جميع مساماته بعد التعرق فيشعر المرء بالراحة، ولا يغادر الزبائن الحمام فور الانتهاء من الاستحمام مباشرة، بل يجلسون في قاعة الاستقبال للاسترخاء واحتساء القرفة او الشاي والنومي بصرة قبل المغادرة، وهي اخر فقرة من فقرات الاستحمام في الحمامات الشعبية".
ويبدو أن "الاستحمام ليس الغاية الوحيدة من ارتياد الحمامات الشعبية، او حمامات السوق كما يسمونها، اذ إنها تعني لهم جوانب عديدة، منها لقاء الناس والاختلاط بهم وتبادل الاحاديث الاجتماعية الهادئة بينما ينسكب الماء الدافئ على الاجساد في الاثناء ليشعر المرء بالانتعاش".