بغداد- واع- نصار الحاج
أشاد مراقبون ومعنيون بإجراءات الحكومة في مجال مكافحة الفساد، مؤكدين أنها أسهمت في تقدم العراق درجتين في المؤشرات العالمية، فيما دعوا الى تطبيق قانون الإدارة المالية وتبني منهج الحوكمة الإلكترونية للحد من الفساد.
وقال رئيس هيئة النزاهة الاسبق موسى فرج، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "هناك جانبين مهمين يتعلقان بتقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2021 حول تقدم العراق في درجتين بمجال مكافحة الفساد، الاول هو أن المنظمة معنية ببحث بيئة الفساد وليس حجم الفساد، اذ لو طلب منها حجم الفساد في كل دولة فهذا يحتاج الى اجهزة مثل الرقابة المالية وهيئة النزاهة، وبجميع دول العالم ليس لديها هذه الامكانية، لذا فإن التقارير ليست معنية بحجم الفساد وإنما ببيئة مكافحته".
وأضاف، ان "بيئة مكافحة الفساد تتحقق بالاستقرار السياسي، سيادة القانون، استقلال القضاء، فضلا عن وجود اجهزة مكافحة فساد مثل هيئة نزاهة مستقلة وفاعلة، مشاركة المجتمع المدني الشفافية، اذ أن اي مواطن او جهة من حقها الحصول على المعلومات من اجهزة الدولة، اضافة الى عوامل اخرى مثل نزاهة القضاء وحرية الاعلام".
وأوضح، أن "الجانب الثاني هو بيانات منظمة الشفافية الدولية تسمى انطباعية تقديرية وليست حسية تعتمد على الوثائق والمعطيات الموجود فيها"، لافتا الى أن "المنظمة ليس من حقها او بامكانها الوصول الى الوثائق الخاصة بالفساد في كل دولة من دول العالم".
وأشار، إلى أن "المنظمة تعتمد المعلومات الانطباعية مثل مسألة الفقر، فهي تقوم بقياس نسب الفقر في العراق، من خلال البيانات المعلنة، فضلا عن تقديرات الجهات الدولية مثل البنك الدولي، الى جانب مسألة الكهرباء ووضعها في العراق يتم قياسها من خلال البيانات المحلية والجهات الدولية، وكذلك الحال مع قطاعات التعليم والصحة وغيرها".
وتابع، "هي تعتمد ايضا على استطلاعات الرأي العام داخل وخارج البلد المعني، عبر ارسال بيانات استطلاع للشركات التي تنفذ المشاريع في البلد، بغية الوصول الى الواقع القريب ووضع الفساد في ذلك البلد".
الخطوات الحكومية
بدوره قال عضو ائتلاف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد محمد رحيم الربيعي، أنه "صدر خلال اليومين الماضيين تقرير سنوي لعام 2021 لمنظمة الشفافية الدولية حيث أظهر هذا المؤشر تقدم العراق".
وأضاف، أن "هذا التقدم انعكس ايجابا على التقييم التراتبي حيث تقدم العراق الى المرتبة 157 بعدما كان 159"، لافتا الى أن "الخطوات التي اتخذتها الجهات الرقابية والحكومية الحالية في مكافحة الفساد ساهمت في تقدم العراق بنقطتين".
وأوضح، أن "العراق قام بالمصادقة على اقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد للأعوام 2021-2024 وهو بحاجة أيضاً الى تطبيق قانون الادارة المالية رقم 6 لسنة 2016 لاسيما الفصل العاشر المسمى الشفافية للمواد من 51 الى 54 والتي تنص على ضرورة نشر البيانات المالية لكافة مؤسسات الدولة على مواقعها الالكترونية".
الحوكمة الإلكترونية
وأشار إلى أن "تطبيق هذه الاجراءات وتبني منهج الحوكمة الالكترونية وانجاز المعاملات الضرورية التي يحتاجها المواطن بشكل الكتروني سيحد من الفساد ويساهم برفع تقييم العراق على هذه المؤشرات".
إلى ذلك، أشار الخبير في مجال مكافحة الفساد سعيد موسى إلى أن "العراق حاز على 23 نقطة وفق مؤشر مدركات الفساد لسنة 2021"، مبينا أن "هذه القفزة الى الامام مهمة لأن المنطقة العربية منطقة ركود في اجراءات مكافحة الفساد".
وأوضح موسى في حديثه لوكالة الانباء العراقية (واع)، أنه "من أجل العمل على تقدم العراق في المؤشرات، نحتاج الى اصلاح النظام السياسي وتكليف الكفاءة والنزاهة والخبرة في الوظيفة العامة سواء القيادة او الدرجات الدنيا، لترسيخ سيادة القانون وإنفاذ القانون، وخلق إدارة رشيدة وفق المعايير في إدارة وإحالة العقود والمناقصات والمشتريات بالاعتماد على مبدأ التنافس بين الشركات".
ولفت الى أن "العراق أطلق استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد وتضمنت اليات تحليل البيئة ومعرفة المخاطر القطاعية ووضع الحلول لها باعتماد الوقاية والإصلاح والردع".
معالجة الفساد
من جهته، قال الخبير الاقتصادي حمزة الجواهري، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "الفساد هو اساس المشاكل المستعصية بالعراق سواء كانت في قطاعات الكهرباء والماء والصحة والتعليم والسكن الى اخره، حيث جميع قطاعات العمل في العراق تعاني من ازمات ومتخلفة جدا"، مبينا أن "معالجة الفساد تكمن في القضاء على المحاصصة والتوافق بمعنى أن الوظائف الكبرى من وزير فما دون حتى رئيس الوزراء يجب أن لا تكون من الاحزاب".
وتابع، أنه "يجب اختيار الاشخاص في الوظائف على الاسس المهنية لأن الانسان المهني سيكون عمله افضل من الانسان الطارئ على المهنة"، مضيفا: "كما أن الشخص المهني يخشى من الضغوط التي تسلط عليه من قبل الاحزاب الفاسدة لأنه لا يملك حزبا يدافع عنه مما يجعله يبدع اكثر وينتج اكثر".
وشكل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في 30 آب 2020، لجنة تحقيق عليا بملفات الفساد الكبرى والجرائم الجنائية برئاسة الفريق أول أحمد أبو رغيف مرتبطة بمكتب القائد العام للقوات المسلحة تختص بالتحقيق في قضايا الفساد الكبرى والجرائم الجنائية.
وأكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خلال مؤتمر استرداد الأموال المنهوبة في أيلول الماضي، أن لجنة مكافحة الفساد أفصحت عن ملفات لم يكشف عنها منذ 17 عاما.
ونفذت اللجنة أوامر قبض بحق مسؤولين سابقين وحاليين، بينهم مدير عام المنشأة العامة للحديد والصلب الحكومية، عباس حيال وكذلك مدير عام شركة الإسمنت العراقية علي صالح مهدي، فيما وجهت بتجميد عمل 8 مديرين عامين في وزارة الصناعة، ومنع سفرهم لحين اكتمال التحقيق والتدقيق في تهم وجهت لهم.
وألقت القبض على قاسم حمود منصور، مدير عام الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية بتهم فساد، وعلى مدير شركة كي كارد السابق بهاء عبد الحسين عبد الهادي واستعادت أكثر من 13 مليار دينار عن قيمة مستحقات أرباح مصرف الرشيد للأعوام 2014 صعودا.
وألقت اللجنة القبض على مدير عام الاستثمار في وزارة الكهرباء رعد محمد وفق مذكرة قبض صدرت وفق المادة 310 من قانون العقوبات المتعلقة بالفساد ومنح رشى.
وبناء على تحقيقات اللجنة تم القبض على مدير هيئة التقاعد الوطنية السابق، المتهم (أحمد عبد الجليل الساعدي) وفق احكام القرار 160 لسنة 1983) بتهمة الفساد وتلقي رشى.