د. عبد الواحد مشعل
تحتفل شعوب العالم في أرجاء المعمورة بأعياد الميلاد المجيد، وبدء سنة ميلادية جديدة، وهي تنشدُ السلام والمحبة، فالقيم الإنسانية التي تحكم العالم مصدرها الكتب السماوية الثلاثة، بعدها قاعدة أخلاقية، أجمعت الإنسانية على احترامها، معتبرةً تطور الفكر الإنساني هدفه انتاج حضارة تقدم للإنسان العدالة والرفاهية والسعادة والتقدم في المجالات
المختلفة.
لا شكَّ أن هذه المناسبة تحمل في طياتها تهاني خاصة لمسيحيي العراق، الذين كان لهم شرف المساهمة في بناء ثقافة العراق، بانتماء عراقي خالص، وتأكيد على هويته الوطنية خلال قرون
عديدة.
وإن هذا الانتماء الى حضارة وثقافة العراق مرتبطان بتلك الجذور التاريخية التي يتضح من خلالها بأن الإنسان العراقي يعيش مشتركات ثقافية وإن تعددت الأديان أو القوميات، فلا يمكن بأي شكل من الإشكال فصل التكوين الثقافي للإنسان في كل المراحل، التي مر بها خلال عملية التطور المعرفي في البيئة العراقية.
وعليه فإن الشخصية العراقية بمكوناتها المختلفة أسهمت في بلورة عملية التطور المعرفي، الذي افرز تنوعا ثقافيا في ممارسة الطقوس واختلافها من جماعة عن أخرى وهو ناتج عن انفراد الإنسان بالعقل وبوعيه على اكتساب المعرفة، ورسم ملامح الثقافة الإنسانية في كل بيئة تتفاعل فيها السمات الثقافية مع بعضها البعض، وأعياد الميلاد في العراق لها مكانتها الإنسانية.
فكل الأطياف تحتفل بها، معبرة على رغبتها في العيش المشترك، وهي تنفض عن كاهله سنوات عجاف من الانقسام والصراع، لتعود من جديد، وكأن ميكازميات البناء الاجتماعي تعمل على تكامل هذا التنوع
الثقافي.
الذي من دونه لا يمكن فهم ثقافة العراق وصيرورته الحضارية، فلتكن أعياد الميلاد للسنة الجديدة نقطة تحول نحو بناء هوية تقوم على إشباع حاجات الإنسان العراقي المتنوعة، وعلى وفق ما نص عليه الدستور العراقي.