د.نازك بدير*
تقفل سنة 2021 أبوابها بضبابيّة تامّة، لا حلول للنّزاعات في العالم؛ التوتّر يتصاعد على الحدود الرّوسيّة الأوكرانيّة، وصراع السّيطرة مستمرّ في جنوب شرق آسيا بين الصّين وأميركا. أمّا في لبنان، فتدهور الوضع الاقتصادي فاق كلّ الدّراسات والتوقّعات كون هذا الاقتصاد لا يستند إلى أسس قويّة، ومعايير واضحة.
يمكن القول، إنّ من جملة الأسباب التي جعلت الأمور تؤول إلى ما هي عليه اليوم، من انحدار في المستوى المعيشيّ بشكل غير مسبوق - حتّى في خلال الحرب الأهليّة لم يعرفه المواطنون- إلى تراجع القدرة الاستشفائيّة، وفقدان الأمن، ذلك كلّه لا تتحمّل الطّبقة الحاكمة وحدها وزره، وقد يكون من غير المجدي، ولا سيّما قبيل الانتخابات- هذا إن حصلت في موعدها - أن تبقى أصابع الاتّهام موجّهة نحو طرف واحد. وكأنّ الطّرف الآخر (الشّعب) مغيّب، غير حاضر، ميت، منفي، مستقيل من مهمّته، يكتفي بلوم السّلطة على
تقصيرها.
لسنا بصدد تبرئة الزّعماء على ما ارتكبوه طيلة السّنوات الماضية من استغلال خيرات البلد وثرواته، ومن احتكارهم المؤسّسات، وانتهاجهم السّياسة الأخطبوطيّة في مختلف إدارات الدّولة، ومرافقها، وأجهزتها، حتى بلغ عويل الفساد قبرص واليونان!، كيف لهذه السّياسات العوجاء وأصحابها أن تستمرّ لو لم يكن ثمّة متلقٍ يستسيغها، ويتقبّلها، ويهيّئ لها الأرضيّة المناسبة لتكتسح كالفطريّات، وتتغلغل في اللاوعي عند المواطن، وتصبح جزءًا من مقدّساته، يدافع عنها بشراسة، كما لو كانت هي خشبة خلاصه؟.
فَقَد الوطن خلال العاميَن السّابقَين أكثر من أربعين بالمئة من أصحاب الكفاءات في القطاع الطّبي والتّمريضي، فضلا عن هجرة الأكاديميّين، ولا تزال هذه الموجة مستمرّة. وانطفأت الكثير من المؤسّسات الاقتصاديّة التّشغيليّة، ما أدّى إلى تراجع لبنان سنوات ضوئيّة، في الوقت الذي تشهد المدن العربيّة منافسة في افتتاح المشاريع، وتنفيذ الخطط الإنمائيّة، لتكرّس نفسها عواصم أساسيّة على خارطة العالم في القرن الحادي والعشرين.
على مشارف السّنة الجديدة، هل سيبقى المواطن اللبناني يؤلّه الزعيم الذي ينحره كلّ يوم أمام المستشفيات، والصّيدليّات، والسّوبرماركات، ويحرمه من أبسط حقوقه في الحياة؟، ألن يستيقظ ليسأل عن نفسه، ويستعيد حقّه في الحياة، والعيش بكرامة؟.
أستاذة وباحثة جامعيّة